ثقافة النظافة بقلم م.سامي الرشيد
09-09-2012 09:38 PM
قدرت أجهزة الأمم المتحدة وخبراء البيئة بأن التلوث الناجم عن القمامة ومخلفاتها هو مصدر الأمراض وانتشارها، إذ هو مسؤول عن انتشار نحو 42 مرضاً خطيراً.
من جراء ذلك، فإن المبالغ الطائلة تنفق على العلاج والدواء، كما يسبب تدهور الثروات الطبيعية بطريقة مباشرة.
وثبت أن النفايات والقمامة لها دور أساسي في الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان والفشل الكلوي والكبدي والإجهاض وتشوه الأجنة وأمراض الجهاز التنفسي والتحجر الرئوي وفقر الدم والإصابة بالطفيليات.
فضلاً عن تقرير الأمم المتحدة عن أن بيئة القمامة تولد مجموعة من الأمراض الاجتماعية ينتج عنها الإرهاب والتوتر وسوء معاملة الزوجات والأطفال والاغتصاب. فهي مسؤولة أيضاً عن ارتفاع نسبة وفيات الأطفال.
ومعلوم أن حرق القمامة، فضلاً عن عادم المصانع والسيارات، يولد غازات خانقة حول الإنسان والكرة الأرضية، وهو سبب أساسي في التأثير على طبقة الأوزون ورفع درجة حرارة الأرض، الذي يحقق فيها نحو 25 بليون طن ثاني أكسيد الكربون، والميثان الذي يماثل 25 ضعفاً لثاني أكسيد الكربون، وغاز البنتروز الذي يماثل 230 ضعفاً، والكلور الذي يعادل 150 ألف ضعف ثاني أكسيد الكربون؛ ما يعني أن الكرة الأرضية تختنق بالفعل.
كما أن تكدس القمامة بالمناطق السكنية يخلق بيئة مناسبة لإنتاج بلايين الذباب. فزوج واحد من الذباب ينتج في 6 أشهر 191 بليون ذبابة، يمكنها أن تحمل على جسمها 6 ملايين ميكروب، وهي مسؤولة عن انتشار عشرات الأنواع من الأمراض، نتيجة لذلك.
ولذلك لا بد من التركيز على القمامة ونقلها وعدم إبقائها بين السكان والمنازل، ولا بدّ من الاستفادة من تلك القمامة لعمل مصانع التدوير لها كي تصبح مصدراً مهماً لرفد الاقتصاد الوطني.
إن تدوير القمامة بتطبيق التكنولوجيا الحديثة يمكن تحويلها لإنتاج الطاقة الكهربائية من خلال حرقها، حيث تتحول النفايات الصلبة
إلى غازات قابلة للاشتعال. وكمية هائلة من الحرارة تنتج الطاقة الكهربائية، مثلما يحدث في ألمانيا والسويد واليابان وهولندا وغيرها. بالإضافة للاستفادة من القمامة في السماد الطبيعي لاستصلاح الأراضي ورفع خصوبتها.
كما يمكن لهذه المصانع أن توفر فرصاً للعاطلين عن العمل وتدرّبهم لنشر الوعي بين الناس من حيث السلوك والمشاركة الشعبية.
فالثقافة تبدأ في البيت والمدرسة؛ حيث يُعطى كل طالب في المدارس في كوريا كيساً صغيراً، ويُطلب منه إماطة الأذى عن الطريق، ووضع أي مخلفات يجدها أمامه أثناء تحركه من بيته لمدرسته، حتى تبقى شوارعها نظيفة، خالية من القاذورات وأية مخلفات. وهذا النظام مطبّق هناك منذ عقود.
ورد عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال: " لو تعثرت دابة في العراق لخشيت أن يُسأل عنها عمر لمَ لم يمهد لها الطريق".
أهيب بالدولة والسكان للمحافظة على جميع مسارات الأودية والينابيع بكل الأردن التي كانت نقية نظيفة يشرب منها السكان في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي. وخاصة حوض نهر الزرقاء الذي تلقى به نفايات المصانع، مما يسبب التلوث للسكان ومياه سد طلال.
مع العلم بأن مصادر المياه في الأردن محدودة وكميات المياه المتوفرة غير كافية ولا تتناسب مع الزيادة الطبيعية لعدد السكان. لذا يجب المحافظة عليها والحيلولة دون تلوثها؛ لما للمياه من حاجة أساسية لا حياة دونها. حيث قال تعالى: " وجعلنا من الماء كل شيء حيّ".
محافظتنا على بيئة نظيفة خالية من التلوث ترفعنا لمصاف الدول المتقدمة وهي من أساسيات ديننا الحنيف؛ حيث النظافة من الإيمان.
د. المهندس سامي الرشيد