لهفي على وطن بين حكومات التأزيم و حراكات التثوير
طلال الخطاطبة
09-09-2012 08:17 PM
فقة على هذا الوطن لأنه يقع بين فكي كماشية عجيبة و خاصة بعد هذه الظاهرة المسماه الربيع العربي، و هما حكومات التأزيم و حراكات التثوير. و لا اعلم الغيب لأعرف من منهم حقيقة حريص على وحدة وكيان الوطن و شعبه الصابر. فالكل يدعي أن قلبه على الوطن ولكن بإلقاء نظرة فاحصة يتبين لنا مع أخذ النوايا الطيبة بعين الاعتبار نجد ان كلا من الحكومات و الحراكات لا تخدم الوطن بنفس الدرجة. فكلاهما يريد أن يثبت للآخر أن صاحب اليد الطولى و القوة بطريقة المناكفة، و هنا يكمن خوفنا على الوطن من هذ الإصرار العجيب كلٌ على موقفه.
فمنذ بداية الربع العربي و بحكومة الدكتور معروف البخيب بدا واضحا محاولة الحكومات التشبث بأن لديهم الولاية و لا يرغبون بالتنازل عنها، فيتحاورون و يتناقشون ثم يضعون نتجية الحوار على الرف لأن نتيجة الحوار " ليست ملزمة لهم كما قالوا"!! إذن لماذا تحاورنا؟ نعم هناك بعض الإصلاحات قد تمت و لا يمكن نكرانها، الا أنها لم تكن لترضي كل الشارع أو بعض حراكاته، فيستمر بالحوار و يضغط باتجاه رحيل الحكومة ، فتتحفنا الحكومة قبل الرحيل بقرارات لتعيينات سريعة تثير جدلاً واسعاً.
أتت حكومة الدكتور عون فكان أول قرراتها الغاء قررات التعيين لحكومة البخيت لترضي البعض. و انصب اهتمامها بعد هذا على مغازلة الحزب الأكبر فوقعت فيما وقعت به الحكومة السابقة. ثم تتقدم لنا بقانون انتخاب أقل مما كان على رفوف حكومة البخيت كمخرج للجنة الحوار. و عندما اقترب رحيل الحكومة قامت أيضا بدفعة من التعينات على عجل كانت محط انتقاد.
و يبدو ان تعيينات الدكتور الخصاونة كانت أيضاً هدفا للدكتور فايز الطروانه فجاء تعيين معالي الأستاذ سميح المعايطة وزيراً للأعلام كرد اعتبار ليقوم بانهاء خدمات من عينهم الخصاونة بجريدة الرأي فور استلامه المنصب. هنا أتساءل هل هذه الحكومات حكومات تعيينات و إلغاء والتعيينات؟ خاصة ان حكومة الدكتور الطراونة قد قامت بدفعة تعيينات بمراكز عليا أقامت الشارع و لم تقعده بعد، فهل ستلغي الحكومة القادمة تعيينات حكومة الطروانة؟
و لكن الملاحظ أن حكومة الدكتور الطروانه كانت أكثر الحكومات تأزيما لغاية هذه اللحظة. ففاجأنا و قبل ظهور التشكيل بمقولة " أن الصوت الواحد لم يُدفن"، فاستاء الجميع حتى من كان مؤيدا للنهج الحكومي، و لم يرتح الجميع للكثير من تصريحات دولة الرئيس التي تحمل صيغة التحدي كمقولة لا تخيفنا الأصوات العالية أو الزمجرة، ثم جاءت حزم رفع الأسعار متتالية، فألهبت الشارع بعد أن كان هدأ كثيراً بعد زيارات جلالة الملك لكل بقعة بهذا الوطن، فتضاعفت أعداد المشاركين بالحراكات و ارتفعت سقوف هتافاتهم. و أخيراً و أرجو أن يكون آخراً ظهرت لنا موضة الاعتصام أمام الشخصيات الحكومية السابقة. و كثيرا ما كنت اسأل نفسي هل الحكومة مع تأزيم الشارع أم تهدئته؟
أما عن الحراك فهو واضح بالنسبة لي من أول يوم بأن بعضه يستقوي على البلد و الحكومة بالأحداث المحيطة، و لهذا كان يرفض الحوار مع الحكومة باعتبار انها لن تأتي بجديد، وقاطع اكبر حزب بالمعارضة كل لقاء حواري مع الحكومة رغم أنه لم يمانع بلقاء جلالة الملك، ربما من باب أنه أكبر من الحكومة. و كان المواطن الأردني يسال نفسه ماذا يريد هؤلاء الحراكيون؟ أصبحنا نلاحظ استباقهم لكل جهد حكومي بالمظاهرات برفضه مسبقاً. تتناقض تصريحاتهم و عندما يُسألون عن هذا يقولون انها تصريحات فردية وشخصية. كذلك هناك الشروخات بين أطياق الحورات المختلفة فهم يجعتمعون أول النهار ثم ينسلون آخر النهار جماعة جماعة ، مما يدل على أنهم ليسوا حراكا واحدا بل حراكات متعددة.
نحن الأغلبية الصامتة لنا رجاء بأن يريحوا هذا الوطن من هذه المناكفة، ولا أدري ماذا ستكون نتيجة اللعب بشعرة معاوية هذه بين الحكومة و أطراف الحراك الكبرى. يجب عليهم الجلوس الى طاولة حوار غير مشروط للوصول بنا الى بر الآمان، فلا أحد في مركز قوة ليفرض رأيه على الآخر. و كذلك لا يجوز للحكومة أن تهمل كافة أطرفا الحراك ابدا مهما صغر او كبر و محاورة الجميع. لا يجوز أبدا رفض كل جهد حكومي للأصلاح قبل تطبيقه، لأن هذا جعل الحكومة تسير في الطريق دون النظر للحراك لأنه لا يعجبه العجب. و لا يجوز ابدا رفع سقف الهتافات لتصل درجة الاتهامات، و لا يجوز استفزاز الآخرين.
هذا الوطن هو أكبر من الجميع و فوق الجميع؛ هذا الوطن أكبر من الحكومات و اكبر من الحراكات مجتمعة؛ ومن رأى نفسه أكبر من الوطن فهو أصغر خلق الله.
نريد و طننا سالما معافى لأننا لا نريد هجرة جديدة. و من يقول ان قلبه على الوطن فليجلس للحوار دون شروط و دون استعلاء حكومي و استقواء حزبي لنخرج من هذه المآزق.
وفق الله الجميع للوصول بسفينة هذا الوطن الى بر الأمان.