عمون - لا خلاف على كون رئيس مجلس الاعيان رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري سياسياً مختلفاً عن أي رئيس اعيان او وزراء ممن سبقوه والذين اتوا بعده، ويكفيه لذلك المساحة التي يتحرك بها، وقد شاهده الناس مختلفا برأيه حول قانون الانتخابات امام رأس الدولة الذي مال إلى غيره.
المصري ابن بلد ويعرف قصة المثل النابلسي عن الزوجة التي تحرد «إذ تخرج لأهلها قملة وتعود سيبانة»، وبهذا المعنى لم يغضب الرجل من امر مخالفته بلجنة الحوار الوطني، ولا من الميل لقانون الصوت الواحد الممكيج، وبدلا من ذلك ها هو مستمر على كونه مختلفاً وبلا حرد، وذلك جلي في ما تحدث به اخيرا لشبكة الـ سي ان ان الامريكية.
فهو يقول بدون لف ودوران إن الاردن يعيش حالة عصبية ينبغي معها الالتفات الجدي الى الاستماع لـ"الشارع"، وليس تجاهله وان ما زال هناك عدم توافق فيه على قانون الانتخابات. ويشير إلى انقسامات سياسية وغير سياسية ايضا، ويبدو ان غير السياسية هي الاخطر لأنها بالضرورة تخص المكتسبات والمواقع، وان ذلك هو الذي يولد الرغبة بالاصلاح عند الاردنيين عموما، وليس نخب السلطة الذين ينصحهم.
يحذر المصري من خروج السياق عن السيطرة المعتادة في ضوء التباطؤ الرسمي مع الواقع، وهو إذ يقر بواقع يراه، تجده متوجسا من عدم رؤية الآخرين له ومما يمكن الوصول اليه بسببه.
يقول المصري إن على الحكومات وغير الحكومات عدم الظن بجدية الامور وحقيقة مطالب التغيير، وألا تعتقد ان كل شيء تحت السيطرة، وأن المشكلة انتهت بمجرد تراجع الحراك في لحظة، وانما ادراك معنى وجود رفض وكيف ينبغي التعامل معه واخذه بالاعتبار وعلى محمل الجد.
يغمز المصري من قانون الانتخابات لعدم اهليته تفعيل مبدأ الحكومات البرلمانية الذي قيل إنه هدف وأمل في لحظة يبدو انها للاستهلاك وحسب، ومع ذلك يعلن اهمية اجراء الانتخابات لأن تأجيلها اكثر سوءاً. وقد دعا إلى العمل وفق منهج واضح بدل محاولات سحب البساط من عند الشعب او الضغط عليه.
يتحدث المصري صريحا عندما يطالب غير الحكومات، والامر لا يعني مجرد شجاعة وانما استشعار معين، وفي هذا التوقيت بالذات المتزامن مع الازمة النيابية الحكومية، وقرار تجميد رفع الاسعار الذي لم يصدق أحد انه انتصار للناس، وان كل ذلك وغيره مدعاة للكف عن اللهو والالتفات الى المسؤولية وواجبات الحكم، وحقوق الشعب في مقدمتها وليس هضمها كما يحصل طوال الوقت. السبيل