الشعارات المسيئة تتغذى على تباطؤ الإصلاح
باتر محمد وردم
09-09-2012 05:35 AM
هنالك فارق شاسع ما بين المطالبة الرصينة والمسؤولة بالإصلاح السياسي الهادف إلى تحقيق المشاركة الشعبية في اتخاذ القرارات ومكافحة الفساد وتعزيز الديمقراطية وما بين استخدام الشتائم والإساءات والكلمات التي لا يقولها أحد أمام عائلته، في يافطات مرفوعة في مسيرات “إصلاحية”.
بالطبع لا نقر الاعتقال ردا على هذه الإساءات لأنه لا يساهم في إيقافها بل يتسبب في المزيد من التوتر ويصنع بطولات غير مقنعة، ولكن هنالك مسؤولية تقع على من يضعون أنفسهم في موقع قيادة “الحراك السياسي” في ضمان عدم خروج الخطاب السياسي والإصلاحي عن المستوى المطلوب من الذوق العام ورفض كافة أنواع الإساءات الشخصية. ليس من المقبول استخدام الكلمات البذيئة في اليافطات والهتافات وليس من المقبول ايضا محاصرة منازل اشخاص وانتهاك حرمات بيوتهم بالشتائم والشعارات المسيئة، خاصة عندما يتم اختيار أشخاص معروف عنهم بعدم قدرتهم على اللجوء إلى وسائل العنف المضاد وتشكيل ميليشيات حماية، بينما يتم تجاهل ممارسة مثل هذا السلوك مع مسؤولين قادرين على حماية أنفسهم عشائريا وحتى أمنيا!
في المساحة الفارغة ما بين وعود الإصلاح السياسي ، وما بين الخطاب السياسي المعارض المسؤول والذي يتضمن رؤى سياسية واضحة وشعارات تحقق المصلحة العامة تبقى هنالك فرصة تتزايد باستمرار لأصحاب الشعارات المتطرفة والباحثين عن المتاعب والذين يستغلون حالة الإحباط والياس من تحقيق إصلاح سياسي فعال ومحاربة مؤثرة للفساد ويستغلون هذه الحالة في رفع الشعارات المسيئة والتي لا تدل ابدا على وعي سياسي إصلاحي يمكن له أن يحقق التقدم نحو ديمقراطية وحرية تعبير بالطريقة التي نريدها جميعا.
من الواضح أنا قد فقدنا البوصلة، فالحراك الشعبي الذي بدأ مطالبا بإصلاحات دستورية وحكومات منتخبة ومحاربة الفساد وتحسين الأوضاع الاقتصادية لم يعد يركز على نفس المطالب. بعض هذه المطالب تحقق والأغلبية لا زالت معطلة كما تم الالتفاف على بعض القضايا المهمة مثل مكافحة الفساد بدون الوصول إلى اية نتائج في القضايا أو حتى مجرد التحقيق فيها مما ترك الأمور رهنا للشائعات. في مثل هذه الظروف تتغذى الشعارات المسيئة والمواقف المتطرفة والتي تجر الجميع إلى مواجهات وصدامات غير محمودة.
صحيح بأنه يجب احترام القانون ولكن أحيانا من الافضل البحث عن الحلول والمخارج السياسية طويلة الأمد. كنا جميعا نتمنى مسارا أفضل للإصلاح وجدية أكبر في التحقيق في قضايا الفساد وإقرار قانون انتخابات أكثر تمثيلا وتعددية وحداثة يسمح بتغيير جذري في الحياة السياسية ويجب أن نستمر في المطالبة بها ولكن بدون أن نهدم القواعد الأساسية للدولة على رؤوسنا جميعا ونقف نبكي على الأطلال فيما بعد.
batirw@yahoo.com
الدستور