استطلاع الرأي حقائق وانطباعات
د. فهد الفانك
09-09-2012 05:31 AM
النتائج السلبية التي خرج بها استطلاع الرأي الذي قام به مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية لا تصف حالة الحكومة الراهنة بعد مئة يوم على تشكيلها، بل تصف الأوضاع العامة الراهنة، ومن الطبيعي أن لا تعجب الكثيرين ممن يراقبون هذه الاوضاع بقلق ويطالبون بفرض هيبة الدولة وحكم القانون.
الذين كانوا يقولون إن الحكومات الأردنية المتعاقبة نسخ كربون عن بعضها البعض، ولا فرق بينها إلا بالأسماء، وإن السياسات والمواقف والقرارات واحدة لجميع الحكومات. هؤلاء يقولون اليوم إن شعبية الحكومة الراهنة تقل عن شعبية الحكومات السابقة، أي أنهم يعترفون بأن الحكومات تتفاوت في مستوى الأداء إذا كان هذا يلائم أجنداتهم.
قلنا من قبل، ونكرر اليوم، إن استطلاع الرأي لا يقيس وقائع موضوعية على الأرض ويحكم عليها، بل يعكس انطباعات مجمل الرأي العام تحت تأثير الصخب الإعلامي. يضاف إلى ذلك أن الاستطلاع يقترح إجابات محددة ليختار المستطلعون منها، ومن الطبيعي أن يظل الفقر والبطالة على رأس القائمة حتى بالنسبة لمن لا يشكون من الفقر ولا من البطالة.
ليس من الإنصاف الحكم على حكومة عمرها مئة يوم بمقاييس الفقر والبطالة والوضع الاقتصادي وارتفاع تكاليف المعيشة وما إلى ذلك من المشاكل المزمنة والعابرة للحكومات.
من مظاهر الانطباعات التي يقيسها الاستطلاع ما إذا كانت الحكومة قادرة على تحمل مسؤولياتها، وما إذا كانت الامور تسير بالاتجاه الصحيح، فهذه مسائل اجتهادية، تدل على موقف المستجيب أكثر مما تدل على كفاءة أو عدم كفاءة الحكومة أو رئيسها، وما إذا كانت الامور (اية أمور؟) تسير بالاتجاه الصحيح أو الخاطئ.
انخفاض شعبية الحكومة اليوم عما كانت عند تشكيلها يقيس تطور الاوضاع السياسية والأمنية التي تتراجع باستمرار، ليس ابتداء بهذه الحكومة بل منذ انطلاق ما يسمى الربيع العربي وهو الفوضى الخلاقة، وحدوث الاستقواء على الحكومة والتطاول على الدولة، ومن هنا جاءت وقفة كثيرين عند أهمية وقف مظاهر التعدي على القانون والمؤسسات والممتلكات والمرافق العامة بما في ذلك اعتصامات الموظفين الرسميين وتعطيل المصالح العامة مما يقع تحت باب الابتزاز ولا يمكن تصنيفه بالاحتجاج وإبداء الرأي.
الرأي