دراسة إسرائيلية: التدخل العسكري في سوريا سيجر أمريكا لصراع دموي
08-09-2012 06:42 AM
عمون - الناصرة ـ قال الباحث في معهد دراسات الأمن القومي، بروفيسور زاكي شالوم، في دراسة نشرها على موقع المعهد إن هناك مصلحة جوهرية لخصوم سورية في المنطقة، مثل إسرائيل ولبنان وتركيا والأردن، في إضعاف سورية، فالحرب الأهلية من شأنها أن تلحق ضرراً كبيراً بالاقتصاد السوري، وأن تضعف الجيش، زاعما أن الولايات المتحدة ترى أنه في ظل الأوضاع الراهنة ليس هناك خطر حقيقي ومباشر من انتقال الحرب الأهلية إلى الدول المجاورة لها، من هنا فهي لا ترى أن هناك حاجة في المرحلة الحالية إلى التصعيد عبر تدخلها هناك، على حد تعبيره.
في السياق السوري أيضا، قال الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، عاموس يدلين، إن ضرب القوات التابعة للرئيس بشار الأسد يمثل الخيار الوحيد لوقف المجازر في سورية.
وكتب يدلين في مقال نشرته صحيفة (اندبندانت) أن الرئيس الأسد يستمر في استغلال ميل المجتمع الدولي إلى غض الطرف عن تصاعد العنف في سورية، والذي يودي بحياة المئات من المدنيين الأبرياء كل أسبوع، ومن أجل تجنب وقوع حرب أهلية فإن تصميم الغرب لاستخدام نفوذه خارج الإدانات الضعيفة والمؤتمرات العلنية والمبادرات غير الفعالة من المرجح أن يواجه الاختبار، قال يدلين.
في السياق نفسه، كشفت صحيفة 'هآرتس' العبرية، أمس، النقاب عن مضمون الإفادة التي أدلى بها القائد الأعلى لحلف الناتو، قائد القيادة الأمريكية الأوروبية، الأدميرال جيمس ستافريدس، أمام الكونغرس، والتي رأى فيها أن وضع إسرائيل الأمني أفضل من أي وقت مضى، مؤكدًا على أن الوضع الداخلي في سورية ساهم إلى حدٍ كبيرٍ في تحسن الوضع الأمني للدولة العبرية. وذكرت الصحيفة أن مواقف ستافريدس جاءت خلال إيجاز قدمه لإحدى لجان الكونغرس الربيع الماضي.
ونقلت الصحيفة عن ستافريدس قوله إنه يرى أن التهديدات على إسرائيل لم تزد خلال العام الأخير، وأنه بنظرة لتاريخ الدولة العبرية بصورة شاملة، فهي بالتأكيد أكثر أمناً مما كانت عليه عام 1948 و1976 و1973 وحتى أيام الانتفاضتين الأولى والثانية، وتابع قائلاً إن دولة الاحتلال لديها اليوم اتفاقية سلام مع اثنتين من أصل أربع من جيرانها، والجار الثالث، سورية، تمر حالياً في فترة غليان داخلي خطير ولا يمكنها أن تشكل تهديداً عسكرياً على إسرائيل، أما تهديد حزب الله في الجار الرابع، لبنان، فإنه مرتدع عن القيام بهجمات مكشوفة منذ حرب 2006، وعدد ستافريدس سبع مناورات عسكرية مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة أجريت أو ستجرى هذا العام، مشيراً إلى أنها تعكس الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل.
من جهةٍ ثانية، كُشف أمس عن زيارة قام بها نائب رئيس الأركان الأمريكي، الجنرال جيمس وينفيلد، إلى إسرائيل والتقى خلالها كبار المسؤولين. وبرغم أن الزيارة كانت ذات طابع سري، إلا أن الكشف عنها في وسائل الإعلام دفع وزارة الأمن الإسرائيلية إلى الإعلان عن اجتماع الوزير إيهود باراك ووينفيلد، دون إعطاء المزيد من التفاصيل. وكانت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية قد أعلنت أن الهدف من التكتم على الزيارة التي انتهت أمس يعود إلى الحساسية السياسية للمفاوضات الجارية بين إسرائيل والولايات المتحدة حول الطريق الواجب إتباعها لمنع إيران من حيازة السلاح النووي.
في السياق ذاته، وتحت عنوان: كيف تواجه إدارة أوباما الحرب الأهلية في سورية؟ قال البروفيسور شالوم في دراسة، قامت بترجمتها إلى العربية مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ومقرها بيروت، بدأت الانتفاضة ضد النظام السوري في آذار (مارس) 2011، واقتصرت في البداية على مناطق معينة، فاستمرت وتيرة الحياة طبيعية في المدن السورية الكبرى.
وفي الأشهر الأولى للأحداث السورية، ظهر تردد كبير لدى الإدارة الأمريكية في واشنطن إزاء كيفية التعامل مع هذه الأزمة، ووجدت سبيلاً للتهرب من اتخاذ موقف حاسم، وذلك عبر دعواتها المتكررة للرئيس الأسد إلى القيام بإصلاحات ديمقراطية في بلده. وعندما تبين لها أن الأسد لا يستجيب إلى هذه الدعوات، رفعت سقف مطالبها الشفهية، فأعلن الرئيس أوباما في 18آب (أغسطس) 2011 أن على الرئيس الأسد التنازل عن منصبه من أجل مصلحة الشعب السوري.
في المقابل نشطت الإدارة بصورة مكثفة دولياً، وخصوصاً وسط المؤسسات الدولية، في محاولة لوضع خطة عمل دولية ضد نظام الأسد، كما اتخذت سلسلة من الخطوات الاقتصادية ضد سورية.
وبالاستناد إلى مصادر متعددة، فقد جاء تحرك الإدارة الأمريكية، بالتنسيق مع السعودية وتركيا، من أجل مساعدة الثوار في سورية ضد الرئيس الأسد، وتشير بعض المعلومات إلى تواجد رجال الاستخبارات الأمريكية على الحدود السورية ـ التركية، وتقديمهم المساعدة للثوار من خلال مدهم بالمعلومات والسلاح وتدريبهم.
ولاحظ الباحث إن ثمة أصوات في الإدارة الأمريكية تطالب بتدخل أكثر فعالية للولايات المتحدة في سورية، بما في ذلك القيام بخطوات ذات طابع عسكري.
ومن بين الاقتراحات المطروحة، القيام بعملية تقيد تحرك الطيران السوري، أو من خلال إقامة ممرات آمنة.
وزاد قائلاً: يمكننا الافتراض أنه إلى حين موعد الانتخابات الرئاسية ستمتنع إدارة أوباما من القيام بعملية عسكرية في سورية. والانطباع السائد اليوم داخل هذه الإدارة هو أن الحرب الأهلية الدائرة حالياً في سورية لا تشكل تهديداً جدياً لمصالح الولايات المتحدة الحيوية في المنطقة، فسورية دولة معادية للولايات المتحدة، وإذا كانت الحرب الأهلية الدائرة فيها ستجعلها دولة ضعيفة فإن هذا يصب في المصلحة الأمريكية. فضلاً عن ذلك، فإن سورية هي أهم حليف لإيران، وفي حال أصبحت دولة ضعيفة فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى إضعاف محور الشر الإيراني السوري، وهذا تطور ملائم للغاية بالنسبة إلى الولايات المتحدة. كذلك فإن سورية حليف مقرب من خصمي الولايات المتحدة على الساحة الدولية، روسيا والصين، والوضع السوري الحالي محرج جداً ومقلق بالنسبة إلى هاتين الدولتين، وهذا ما ترغب فيه الولايات المتحدة، على حد قوله.
كما قال إن التدخل العسكري ولو في حده الأدنى، من شأنه أن يجر الولايات المتحدة إلى صراع دموي من الصعب توقع نتائجه، وعلى الأرجح أنه ستكون له انعكاسات خطيرة على الاقتصاد الأمريكي وعلى نتائج الانتخابات. وخلص الباحث إلى القول إن الإدارة الأمريكية أن الحرب الأهلية الدموية الدائرة في سورية ليست معركة بين الأخيار والأشرار، فالطرفان يتصرفان بوحشية مطلقة، وتتخوف الإدارة من ارتكاب الثوار مذابح ستُتهم القوات الأمريكية بالمسؤولية عنها، حتى لو لم تكن متورطة بها مباشرة. ويجب ألا ننسى أن الثوار لا يشكلون كتلة موحدة، ومن الصعب السيطرة عليهم، لذا ففي حال انتصروا، فهم على الأرجح سينتقمون من العلويين انتقاماً قاسياً، وليس في استطاعة الولايات المتحدة التهرب من تحمل المسؤولية في حال قبلت بما يقوم به الثوار، وبالتالي فإن جميع هذه الاعتبارات هي التي تردع أمريكا عن التدخل في سورية، على حد قوله.(القدس العربي)