(غرفة هادئة، سرير دافئ، وسادة ناعمة)...هذا هو حلم اليقظة الذي يراودنا جميعا في شهر برلماني قلب عقارب الساعات الأردنية! فبتنا لا نفرق بين الليل والنهار فكلاهما سواء، وعناصر هذا الحلم ثابتة عند الجميع وينقصها العنصر الرابع في حلم المرشحين وهو كالتالي: (غرفة هادئة، سرير دافئ، وسادة ناعمة، وكرسي تحت القبة يوم العشرين من تشرين الثاني)...
قطاعات واسعة أضحت لا تنام في شهر البرلمان، وعلى رأسها قطاع الإعلام صاحب الحظوة في هكذا زفاف، وحتى إذا استطاع الإعلامي اختلاس بعض من السويعات لينام فيها فسوف تأتيه الأحلام على شاكلة شعارات انتخابية رنانة وبيانات صارخة وبرامج نهضوية فاقت في كفاءتها حدود الكرة الأرضية التي عليها نعيش، وأنا في ذات الشأن إلا أن أحلامي تعد قديمة بعض الشيء، فعندما أخلد للنوم لما لا يزيد عن ساعتين في اليوم أرى في أحلامي البرلمان الرابع عشر ينعقد للتصويت على الثقة بحكومة جديدة!! هذه الأحلام لما تأتيني من فراغ فلا زلت أذكر المجلس السابق الذي كان يهب أعضاؤه منقضين على المايكروفون ليقول أحدهم وبنبرة حادة (أمنح الثقة) ومن ثم ينتقل الدور الى زميل له يجلس بجانبه ويتنحنح قليلا ليقول وبكل ثقة وكبرياء (أنا أحجب الثقة) ومابين منح الثقة وحجبها مسافات شاسعة تلاشت بسرعة البرق في ظل إعادة هؤلاء لترشيح أنفسهم لمجلس نيابي جديد..
أصاب بالدهشة عندما أرى نائبا سابقا كان يحجب الثقة بكل ما أوتي من قوة ويتنطع في المحافل والجاهات يشتم الحكومة مذكرا الجميع بأن عدسة التلفزيون الأردني كانت ترصده بالصوت والصورة عندما أطلق جملته الشهيرة (أحجب الثقة) وهو الآن يترشح لمجلس قادم وبذات الحدة التي كان فيها يحجب الثقة عن الحكومة فهو الآن يدافع عنها أشد الدفاع بل ويمنحها كل الثقة والمواثيق ويعبر لها عن الفخر والاعتزاز..
الازدواجية وتقليب الألوان حسب معطيات الساعة هي السمة التي تميز بها من ائتمنوا على أصواتنا وحقوقنا تحت القبة في المجلس السابق وهاهم يعودون بكرهم وفرهم بين المواطنين يطالبونهم بأصواتهم الثمينة ويحاولون قصارى جهودهم الحصول على الثقة!! لذا فمن الأولى بنا نحن الشعوب أن نحجب الثقة عن كل هؤلاء ممن كانت الحكومات مرتعا لتقلباتهم ساعة يمنحونها وساعة يحجبونها...
وعلى افتراض حصول هؤلاء المانحين الحاجبين لثقة الشعوب على مقاعد نيابية جديدة فلا أظن أنه سيكون بوسعهم التلاعب بالحجب والمنح كيفما شاؤوا، فقد شهدنا الشفافية والتعاون والتنسيق مع وزراء في ذات الحكومة وعلى رأسهم وزير الداخلية الذي كان غاية في المهنية والتسامح عندما جند وزارته عينا ساهرة ومنظمة لانتخابات نزيهة وشفافة يبدو أنها ستسجل كسابقة في تاريخ الأردن العزيز ...
وشهدنا مما شهدنا رئيس الحكومة الأسبق السيد فيصل الفايز الذي جالس عددا من المرشحين يناقشهم ويدعوهم لتطوير برامجهم ويحثهم حثا على العمل الجاد ويذكرهم بمسؤولياتهم تجاه الوطن والتحديات التي تواجهنا ولابد لنا جميعا من الوقوف عليها ومعها...
رؤساء حكومات سابقون ووزراء حاليون يقفون على رؤى قائد الوطن في ان يصبح الأردن محطا لضرب الأمثال في ديمقراطيته وحرية شعبه.
فالثقة كل الثقة لرجالات الأردن المخلصين...
ولتحجب الثقة عن كل من تلاعب بأمانة الأردنيين تحت القبة...
Dana_najdawi@yahoo.com