آه فلسطين فهل للقول من أثر؟
د.زكريا محمد الشيخ
14-11-2007 02:00 AM
آه فلسطين فهل للقول من أثر؟ ماذا نقول للشاعر العربي علي محمود طه ردا على قصيدته المشهورة:
أخي جاوز الظالمون المدى
فحق الجهاد وحق الفدا
أنتركهم يغصبون العروبةَ
مجد الأبوة والسؤددا ففي الأيام الغابرة، زمن العزة والإباء، حينها كان يستنجد الأخ الفلسطيني بأخيه لصد الغزاة الصهاينة ويناشدهم للنصرة والفداء، دفاعا عن الأرض والإنسان والمقدسات، أما اليوم، حينما يسقط العشرات قتلى بيد "الأخوة الأعداء" في غزة هاشم، وتراق الدماء برصاصات البندقية الفلسطينية التي، في الأساس، لم تخلق إلا لتحرير الأوطان من رجس الاحتلال، تلك البندقية التي طالما تغنينا ببطولاتها في ساحات الوغى لمقارعة جبروت وقهر الصهاينة، باتت وللأسف أداة "اليتم" في بيوت الفلسطينيين، إذن من نناشد اليوم وكيف تستنهض الهمم، وبأي مفردات سينظم الشاعر العربي أبيات قصائده، في وقت لم تعم فيه الإبصار فحسب، بل طمست فيه القلوب التي في الصدور.
الذكرى الثالثة لرحيل الشهيد الرمز ياسر عرفات ليست حكرا على تنظيم بعينه، فعرفات هو "ثروة قومية عربية فلسطينية" بل هو رمز عالمي للنضال والحرية، كما أن الشيخ الشهيد أحمد ياسين، هذا الرجل الشامخ بعلمه وعمله، هو كذلك منارة عزة وإباء لكل أبناء فلسطين والعروبة، فلا يمكن أن يكون حصرا على حركة دون غيرها.. عار وعيب ورذيلة كبرى أن تسجى جثامين أبناء فلسطين برصاص بنادقهم في هذه الذكريات العطرة لرموز النضال والجهاد الفلسطيني.. تلك الذكريات التي هي بالأصل مناسبات لرص الصفوف وتوحيد الكلمة ونبذ الخلافات، غدت ساحات للمناكفات الحزبية والتنظيمية البغيضة التي تجر البلاد والعباد إلى أتون حافة الانهيار والانحطاط الأخلاقي والديني، وبالنتيجة فلسطين الوطن والمواطن هما الخاسران الحقيقيان، ولا رابح في هذه "المهزلة" إلا عدونا الأزلي الصهيوني.
أكررها بألم.. آه فلسطين فهل للقول من أثر، لقد هانت علينا أنفسنا ودماؤنا ومقدساتنا وديننا، وغدونا كالموتى، جثثا هامدة مسجاة "ما لجرح بميت إيلام".. لا يجدي بنا الكلام والنصح، طمسنا بصيرتنا بعصبة حزبيتنا السوداوية الكثيفة، لا نرى، بل لا نريد أن نرى عبرها النور.. وأنكب المتشدقون من الجانبين، دون أدنى احترام لعقولنا، بتوجيه سهام ألسنتهم اللاذعة لبعضهم البعض، يولولون ويلومون ويبررون، محاولين حصد مكاسب سياسية كل لجهة حزبه.
هؤلاء هم "الصغار" الذين جلسوا في مقاعد "الكبار" بعد غيابهم، لا يحترمون ذكرى قادتهم ولا قدسية مقدساتهم ولا حق أوطانهم ودينهم وشعبهم، يعبثون بثوابت أمتنا وينتهكون حرمات شعوبنا ويقدمون جوائز مجانية ثمينة لعدونا لم يكن يحلم بها يوما.. سحقا لهم ولكراسيهم..الخزي والعار لتاريخهم الأسود الذي سيسجل بحروف الدم والذل والهوان.
يا أبناء فلسطين المقدسة، إن كانت الديمقراطية هي التي نصبت هؤلاء "الصغار" لزعامة شعبكم الأبي، فلا بارك الله بهكذا ديمقراطية، وإن كان الانتماء والولاء التنظيمي والحزبي الأعمى هو الذي قادكم لقتل بعضكم البعض وتوجيه أسنة رماحكم إلى صدوركم، فكل اللعنة على المعاول "الحزبية الهدامة" التي دمرت الإنجازات ومرغت الأنوف الشامخة بوحل النذالة والذل والقهر.
يا أبناء أردن الحشد والرباط، ونحن منشغلون بعرسنا الديمقراطي لانتخاب أعضاء مجلسنا النيابي الخامس عشر، لنستخلص الدروس والعبر مما يحدث حولنا من مصائب وويلات، للنظر إلى فلسطين العروبة، فلسطين الأقصى والتضحيات، ماذا حل بها جراء الصراع المحموم على السلطة والكراسي، انبذوا من بينكم كل أصوات النشاز الرامية إلى نقل مآتم العزاء إلى سرادقات شوارعنا وقرانا، لنقف بحزم أمام أي محاولات لاستنساخ مظاهر الدموية والفلتان الأمني في محيطنا إلى عقر دارنا.. انتخبوا كل من يؤمن بترسيخ دعائم الأمن والاستقرار والعيش الكريم لشعبنا، لا نريد ولن نسمح أن يستيقظ أطفالنا يوميا على عويل أمهاتهم ونحيب الحرائر.
آه فلسطين فهل للقول من أثر..
...............................................................
الكاتب رئيس مجلس ادارة مجموعة الحقيقة الدولية