بسم الله الرحمن الرحيم,الحمدلله رب العالمين,والصلاة والسلام على رسوله الكريم ,واسألك اللهم ان تجعل الصدق وصفاء النية هاجسي ودليلي فيما سأكتب وبعد:
يقف الحليم حيرانا من هول ما يرى ويسمع في بلد بسيط محدود الموارد والقدرات قوامه شعب طيب شهم صاحب نخوة وفق موروث عربي اسلامي اصيل , فبلدنا اليوم في دوامة, والمزاج العام لهذا الشعب الطيب على غير ما يرام, والنخب رسميين وغير رسميين في جدال مستمر متصاعد حول الشؤون العامة للبلاد ,وكل يدعي انه على صواب ,وحديث الفساد يصم الآذان ,ونحن جميعا في نظر الدنيا اليوم فاسدون لا نستحق الدعم والمساندة ,والناس الذين ما عرفوا النقمة في حياتهم هم اليوم ناقمون على طريقة علي وعلى اعدائي يا رب ,ونحن جميعا نزعم الحكمة ,وكل فرد منا يريد ادارة الدولة والبلاد والعباد وفق هواه ,ورجال الدولة ان وجدوا هم جميعا في موضع شبهة واتهام ,والحاضر صعب والمستقبل صعب كذلك,والقانون والنظام العام يستباحان جهارا نهارا ,ولا احد يدري ماذا سيأتي به الغد,والرويبضات يسرحون ويمرحون ,ولهم في كل ساح صولة وجولة ,والحياء ينحسر منسوبه تباعا, والصغير يتردد في توقير كبيره ,والاردن (المسكين)الذي اظل الجميع وأطعم الجميع ,هو اليوم مضغة في افواه الحثالات وتوافه القوم ,ومقامات الناس لم تعد تحظى باحترام كان,ومن يقول كلمة الحق هو منافق يمارس الاستزلام,والفاسدون الحقيقيون ضاعوا وسط الزحام ,ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ,فالمخطط المشبوه يشق طريقه تباعا وبأيدينا لا بأيدي غيرنا ,ونحن وعلى طريقة (الفزعة) وباسم الوطنية وتحت طائلة الهموم والاشاعات الهدامة والدعايات المغرضة نلتقط الطعم بنهم ونوغل في دم بلدنا المسكين !
هذا حال ليس موجعا ومشؤوما وخطيرا وحسب ,بل هو حال(محزن جدا)والحزن هنا اردني بامتياز ,ولكي لا اسقط في شبهات تافهة ,فالاردني عندي هو كل مواطن يحمل الرقم الوطني ,لابل وازيد مجازا كل من يحيا على الارض الاردنية حتى وان كان وافدا ,ومصدر الحزن عندي هو هذا الصمت المريب ,حيث لا يجد الاردن رجالا يتداركون هذا الحال قبل ان يستفحل ,رجالا يقولون الحق وينتصرون للصدق ويتقون الله ويتصدون للكذب ويمنعون الفوضى ويقفون بالمرصاد لكل المتصيدين والناعقين بالخراب والعاملين على الفتنة والداعين اليها والظالمين لغيرهم والمستغلين للحال املا في بلوغ المحال ,والمؤلبين لشعبنا ضد شعبنا ,والسعداء بمانحن فيه من ضنك وحيرة!
نعم لدينا اخطاء وبعضها قاتل ,ونحن في ازمة ,والمزاج العام للناس في غير صفاء ,والخطاب السياسي والاعلامي للدولة غير قادر على تصحيح هذا المزاج ,والابداع السياسي والاعلامي الذي تحتاجه الاوطان عند الازمات شبه غائب هو الآخر ,والساحة شبه خالية لمن هب ودب ,ولكن ..نعم ولكن ..هل يبرر كل هذا وحتى اكثر ان نهدم بلدنا بأيدينا ,وان نتعامى عن كل ما يجري حولنا من مخاطر وتحديات تتهددنا في كل لحظة في وقت ندرك فيه جميعا حجم قدراتنا وان لا حول لنا ولا قوة في كل هذا الا اذا أنجانا الله جلت قدرته .
لم يتحمل احد كما تحمل هذا البلد الحزين ,ونحن الطاعنون في السن نعرف جيدا كم تحمل هذا البلد من اعباء وتحديات وتبعات على مدى تسعة عقود حتى الآن ,ولا نذكر ان بلد على هذا الكوكب عانى كما عانى الاردن المسكين من ويلات الحروب والنكبات واعباء الهجرات والنزوح والعودة وحروب الاقليم كلها ,ويكفيه فقط انه جار لدولة قامت على تراب ودماء ومعاناة الشعب الفلسطيني الشقيق وحتى اليوم ويطلق عليها اسم (اسرائيل ) بكل ما تمثل من حقد وعدوان وصلف وتحد!
هذا الاردن الحزين هو اليوم اكثر من كل يوم مضى ويأتي ,امانة في عنق كل اردني واردنية ,فهو الوطن, والوطن قيمة لا غنيمة ,والوطن شرف لا ترف
بوضوح, وبعمق, وبمسؤولية ,نحن مع الملك ,ويجب ان نكون مع الملك ,فالبديل كارثة ودمار لا قدر الله ,وكل عاقل راشد في دمه ذرة انتماء وصدق, يجب ان يكون مع الملك ,لان البديل خنوع وذل وهوان تحت حكم الصهاينة الاشرار المتربصين بنا وبسائر ارض العرب والمسلمين كما يبشرنا حديثا (اليهودي)هنري كيسنجر بقرب هيمنة واحتلال اسرائيل لنصف الشرق الاوسط والعياذ بالله ,وكل شئ في بلادنا قابل للاصلاح والتدارك قبل فوات الاوان ان نحن حكمنا عقولنا وضمائرنا واتقينا الله في بلدنا ,وما يجري حولنا من مؤامرات ومخططات ودماء تسفك خير عبرة لنا ان كنا نعتبر !ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ,ونحن قادرون بعونه على تحويل الحزن الى نقيضه بشيء من العقل والحكمة وتقواه سبحانه ,وتحية لكل الصادقين الانقياء المطالبين بالاصلاح الحقيقي ,اما من كان غير ذلك فأمره لله,وهو من وراء القصد.