اينشتاين, الملائكة, والمعايطة!
د. وليد خالد ابو دلبوح
05-09-2012 04:42 PM
الخيبة الاولى:
"توبة" فرعون و"نخوة" النواب؟
ما كان لقوم او لجماعة في الارض ان يحطم رقم جينيس لأهل الكهف في أطول سحبة نومة, الا عندما اصطدم هذا الرقم بسحبة نومة "أهل النواب" عندنا. وما كان لجماعة او قوم ان يستيقظوا بهذه الحيويه والنشاط والنخوة بعد هذا السبات العميق متل "أهل النواب" عندنا! لا أعلم لماذا انتفض النواب وثارت حميتهم فجأه على رفع اسعار المشتقات النفطية اليوم ولم يحرّكوا ساكنا عندما ارتفعت نفس المواد في الماضي القريب. مالفرق بين اوكتان اليوم واوكتان الامس؟ هل هنالك اوكتان بنخوة واوكتان بدون نخوة مثلا؟ مالفرق بين مستوى المعيشي للمواطن اليوم والامس القريب؟ ما علاقة شهر نيسان بالنخوه والمروءة بشهر اّيلول؟ "معقول" تزداد نخوة النواب باطراد مع ارتفاع درجة الحرارة؟ لم يدرك احد منّا بأن"نخوة" النواب كانت مرهونة بالجواز الأحمر, اخر "الشيكات" واثمنها. لم يدرك أحد بأن الوطن يباع وشترى بأبخس الأثمان وازهد الصفقات!
هل يعلم "أهل النواب" بان قيمة ملفات الفساد التي تم طيّها بفضل "بيض" صنائعهم تفوق اوكتان 1195 (يلي بعدو ما نزل)! وان ما تم تمريره على حساب بعض الصفقات, وخاصة الاخيرة منها (صفقة تعيين نسيب مقابل رفع اسعار) تفوق حجم الخسائر التي يتكبدها المواطن اليوم!
بالطبع, صدق المثل القائل, اكلت يوم اكل "الشعب" الابيض, وصدق ايضا من قال" اذا لم يكن فيهم خير "لناخبيهم"... لن يكون فيهم خير للطراونة وحبايبينو! الشعب خارج اللعبه دائما وابدا, لكنه يبقى مهم, كونه "ابو هبره" والضحية الاولى والاخيرة, في تبادل الصفقات بين الحكومة ومجلس النواب.
استفاق فرعون من كبرياءه وعناده عندما رأى الموت وشارف رحيله وكذلك استفاقت حمية و"نخوة" النواب عندما انتظروا الفرصة المناسبة ايضا قبيل رحيلهم وقالوا ما قالوا في "الشجاعة والاقدام". ما أشبه اليوم بالأمس وما اشبه توبة فرعون ونخوة النواب, كلاهما جاءت متأخره وغير صادقة! وان امل فرعون في الفوز بعفو الله وقبوله توبتة كفرصة أهل النواب في رضى الشعب "بنخوتهم" والعفو عنهم!
الخيبة الثانية:
اينشتاين, الملائكة, والمعايطة... المعايطة اذ يقول: الحكومات ليست ملائكة ...!
اني لا افزع من شيء فزعتي من الخطاب الرسمي اليوم. ونقول هل يعقل هذا يا معالي الوزير هذا الطرح؟! هل لأي حكومة في العالم المنظور والغير المنظور, ما قبل وبعد الحساب, لأن تكون ملائكة حتى تعلم بأن المحسوبية والجهوية خطأ وعيب وظلم واستفزاز وفي حيّز الامعقول؟ هل بحاجة لأن نكون ملائكة او احفاد اينشتاين, لفك لغز ان التعيينات الاخيره جاءت لانسباء واقارب متنفذين حاليين وسابقين؟ وانها بالتالي, وقد يصعب للبعض ادراكه, انها تصب في زعزعة امن واستقرار البلاد والعباد؟ هل نحن بحاجة الى اينشتاين لندرك ان (قرارات فرديه + محسوبيه = فساد). الخطاب الرسمي بحاجة الى مراجعة بالتاكيد وانا بنظري اول خطوة مهمة الان في طريق الاصلاح وبناء الثقة والمصداقيه وتضييق الفجوة اليوم.
من البديهي أن لا ننتظر الملك التدخل مرة الاخرى ليفسخ قرار مجلس الوزراء الخاصة بالتعيينات الاخيره, و من البديهي أيضا أن جلالته لم ولن يرضى بسياسة مثل هكذا تعيينات التي استفزت مشاعر الاردنيين في الوقت الذي تمر فيه البلاد في أدق مراحلها ومنعطفاتها... فهل يترجل "الثلاثة" ويعيدوا ما اكتسبوا... لله والوطن والملك؟! هنا يتضح فعلا "نخوة" المواطنة والانتماء والولاء... فهل من مجيب؟!
الخاتمة: لا ضير في رفع الاسعار ... ولكن!
في الدول الديموقراطيه يحدث رفع الاسعار من وقت لاخر ولكن يعلم المواطن ان الاقتصاد المبني على اقتصاد السوق والمنافسة يؤثر على ديناميكية الاسعار. ولكن لن يرضى الاميركي ان ياتي اوباما بابن عمه من كينيا امين عام وزارة او من خواله الاندونسيين في منصب سفير, ليمرر قانون او مصلحة وطنية ما. ومن هنا نقول, يصبر الشعب على "ظلم" الاسعار ان شعر ان لا ظلم يأتيه من قبل العباد. الثقة والمصداقيه المبنية لا على توفر المواد الغذائيه وخفص اسعار اوكتان, بل المبنيه على العدل والمساواة وتكافؤ الفرص. فلا يعيب الاب افراد عائلته ضيقه المادي, طالما ايقنوا ان هذا ما كل ما يملكه رب العائلة, ولكن لن يرضوا بظلم اباهم ... ولو كان غنيا... والله يديم عزك وامنك وشمسك يا بلادنا!