الملك فاروق : المسألة لا المسلسل ؟!
13-11-2007 02:00 AM
(..كان في فلسطين (مقاتلون)كثيرون ، لكن كان هناك ثمة جيش (واحد) هو (الجيش العربي – الأردني ) ..) .
هذا بعض ما قاله الدبلوماسي الأسبق السويدي الأصل (داغ همرشولد) في مذكراته ، وتحديداً في الجزء المتعلق منها بشهادته حول حرب 1948في فلسطين ، حيث كان أنذاك وبالمناسبة المبعوث الدولي من قبل الأمم المتحدة التي أصبح فيما بعد أمينها العام .
[ حديث الساعة ، أردنياً ، وربما عربياً أيضاً ، هو ما اقترفه القائمون على أمر الدراما التلفزيونية الجدلية (الملك فاروق) إنتاجاً وإخراجاً و(تسطيراً !) ، وهو المسلسل الذي عرض في رمضان الماضي (حصرياً) على شاشة (mbc) بتمويل (خاص) لصالح منتج عربي ، أما الجدلية التي أثارها المسلسل فمردها شبهات ثلاث : الكتابة والمعلوماتية والغاية ، أما شبهة الكتابة فلم تحسم تقدمة العمل من هو الذي سطر العمل وقدمه بالتالي للجهة المنتجة ، إذ قرأنا في بداية الشريط أن المخرج هو الكاتب ونعني الممثل والقاص والمخرج السوري من أصل فلسطيني (حاتم علي) ، ثم نقرأ في خاتمة الشريط أن القصة والسيناريو والحوار للطبيبة الكاتبة المصرية (د.لميس جابر) ، والتي اختارت المؤرخ المصري الأكاديمي (أ.د.يونان لبيب رزق) : رئيس جمعية المؤرخين المصريين مستشاراً لها ومرجعاً .
أما شبهة المعلوماتية فعن النظرة الأحادية (الحولاء) ، للذين نصّبوا من أنفسهم شهوداً على العصر ، بينما هم في الواقع الصريح شهود زور لا يُؤتى منهم ولا يُبنى عليهم ، والأدلة دامغة كثيرة لا تُحصى على دس السم السياسي أو التاريخي ، في هذا الدسم الدرامي – إذ أن المسلسل ، فنياً ، يعتبر ، وبحق ، من العلامات الفارقة في تاريخ الدراما التلفزيونية العربية ، وحسبنا من هذه الأدلة شهادة السيد همرشولد في مفتتح هذه المقالة ، فأي قراءة منحازة قاصرة وعمائية هي هذه ؟، وعلى هذا النحو من التفكير المانغوليزميّ الذي يراوح بين الرخص والعنصرية ؟، إذ أن المعلومات والمراجع والوثائق حول بطولات الجيش العربي الأردني ، في معارك اللطرون وباب الواد و على أسوار القدس ، ما يستوي نموذجاً للتمثيل والتدليل في ذات الآن ، على دوره العظيم في بعد الدفاع عن فلسطين عام 1948، هي كثيرة ومتوفرة عربياً ودولياً غبّ الطلب وطوع بنان أي باحث عن الحقيقة .
من هنا .. وفي السياق ذاته – ونحن ما زلنا في مرافعة لدرء الشبهة أعلاه ، نقول أنه إذا كانت المكتبات والجامعات ومراكز الدراسات ذات العلاقة داخل الوطن العربي وخارجه ، ليست موضع ثقة شهود الزور هؤلاء الذين شوهوا الحقيقة وحاولوا حجب نور الشمس ، حين قدموا البديل العتموي للمعلومة المنيرة الضاربة الجذور في عمق التراب الفلسطيني المقدس ، وإذا كانت إلى ذلك أيضاً المؤلفات الثرة الخالدة وهي بالمناسبة كثيرة في الموضوعة آنفاً ، وفي مقدمتها مثالاً لا حصراً كتاب أستاذنا الكبير (سليمان الموسى) :(أيام لا تنسى) ، والذي يعد بحسب المحللين المرجع الأهم في دور الجيش الأردني في حرب فلسطين عام1948، ففضلاً عن الوثائق البريطانية المفرج عنها بعد 30 عاماً ، إضافة إلى ما تحتفظ به جامعة أكسفورد ومكتبة الكونغرس من مراجع نفيسة ، نقول إذا كان أولئك ليس بمستوى فكر هؤلاء اللوذعيين أصحاب المعلومة المدججة بالعدم والعمائية ، فهاهي ذي القنوات الفضائية وما أكثرها بالمناسبة أيضاً ، لا تمل تبدي وتعيد في هذه الرواية القومية الماجدة بإطلاق .
أما عن الشبهة الثالثة وأعني الغاية من وراء مسلسل حديث الإفك ، وهي الأحبولة القديمة الجديدة إياها التي بلوناها وما زلنا نجتر سمها الإعلامي الزعاف ، منذ أيام أحمد سعيد صاحب (تجوع يا سمك) و(هات شمس وخد رجالة) وما طاب من قلب الحقائق ، والذي ما زال يدافع حتى اليوم عن بطولات دونكيشوتية ، خاضها وأمثاله من إعلاميي الكرتون على ورقٍ من السوليفان الناعم ، فالغاية إذن من هذه الهجمة عبر الإبداع الدرامي على الشاشة الصغيرة هذه المرة ، ما لا نسلخه من جلده الإعلامي وما نخلعه من جذره الضارب في عمق العداء الدعائي القديم ، ولأنها ذات الحروب الرخيصة من قلبٍ للحقائق ونيل من بهاء هذا الحمى العربي الأشم وجيشه العظيم ، فإن الحديث والأمر كذلك يجب أن يأخذ مساراً آخر سنبلوره بإذن الله في مقال قادم . ]
Abudalhoum_m@yahoo.com