لي أصدقاء ومعارف من سلطنة عُمان هم كُثر، ولكن العجيب أنهم كلهم يتشابهون في الأخلاق الكريمة، والوفاء الذي يَعُزّ هذه الأيام. فإن أردت أن تصنفهم حسب الأولويات والترتيب، تجد وأن طرفك قد ارتد إليك خاسئاً وهو حسير. وقد ذكرت كثيراً منهم في أكثر من مناسبة، وفي أكثر من مُداخلة. واليوم أود أن آخذ نموذجين منهم، وكلاهما يعملان في الدولة العُمانية؛ أولهما الدكتور محمد بن مبارك العريمي، وهو في وزارة الإعلام. وثانيهما الأستاذ علي الدرمكي ويعمل نائباً لمدير دائرة المراسم في وزارة الخارجية العُمانية.
قبل أن أعرفهما سبقني إلى ذلك "الأردن" في معرفتهم، فالأول درس البكالوريوس والماجستير في الجامعة الأردنية، والثاني عمل قنصلاً للسلطنة في عمان، ودرس فيها أيضاً.
ما أن تجلس لأحدهما إلا وتحس أنك مقصّر بحق الأردن، بسبب ذلك الحب والود اللذين تحسهما، بل وتكاد تلمسهما بيدك، الساكنين في أعماق كل منهما. حتى أن أحدهما لا يسمح لك أن تتحدث عن أي موضوع يتعلق بالشهامة والكرامة واللطف والاعتزاز، دون أن تبدأ حديثك ببسم الله وباسم الأردن. هذه العلاقة التي لم أجدها في الكثير من الأصدقاء غير الأردنيين الذين التقيت بهم في مسيرتي المتواضعة، عدا عند الدكتور خليفة الشاويش الليبي الذي درس أيضاً البكالوريوس والماجستير في الجامعة الأردني. هذا الرجل، الذي يعمل الآن في الخارجية الليبية، إذ أنه مثلاً، لا يمكن أن يخرج في "سَفْرة" حتى لو كانت إلى دولة مجاورة لليبيا إلا ويجعل رحلته عبر عمّان.
هناك سفراء كثر لنا، نحن الأردنيين، وهناك أصدقاء ومدافعون عنا من جنسيات متعددة. بل وهناك منهم من يتحدث عن الأردن وكأنما يتحدث عن "حبيبته" أو "معشوقته"، ومنهم العُمانيّان، والليبي الذي جاء ذكره في السياق وفي مناسبة ذكر الطيبين.
العريمي والدرمكي لا يريدان منا أجراً أو مكافأة أو عطيّة أو مكسباً، وكل ما يفعله أحدهم أنه يحرص على أن يكون متفاهماً مع ضميره ووجدانه وقلبه بصورة، أجرؤ أن أقول، أن كثيراً من الأردنيين لا يعكسونها.
صديقيّ العُمانيين! اسمحا لي أن أشكر الله، الذي لا نطول الحمد والشكر اللائقين بجلال عظمته، لأنه أوجدنا في زمن، رغم ردائته، لا يزال يعيش فيه أناس شرفاء وطاهرون. واسمحا لي بهذه المناسبة أن أقول لكما إن بلدكما بأرضه ومائه وشجره وحساسينه وبحره ونور قمره وشعاع شمسه وضياء صبحه وشفق غروبه، هو بلد يملأ الدنيا بعبق المحبة والسعادة واللطف والرجولة والصرامة.
هذا الغزل بهذا البلد لا حدود له وإن حاولت أن اختصره في اثنين من الأصدقاء والأخوة الذين إنْ، أخضعتَ نقطة من دمهم للتحليل ستجد إلى جانب كريات الدم الحمراء وتلك البيضاء، كريات الولاء لبلدهم ولسلطانهم الهنيء والشجاع والمحترم والحنون، وأنك أيضاً واجد أيضاً مساحات لكريات الوفاء للآخرين.
ما من زيارة لي لعُمان إلا وأجد نفسي أقطف وردات جميلة جديدة، تتراقص على خدودها كل أنواع العطور. وأجد نفسي مع صديقيْ في جولة في مسقط يشرحان لي فيها عن معالم مسقط بحنان ورقّة وكأنهما يتحدثان فعلاً عن معشوقة لا أجمل ولا أبهى!
هنيئاً لعُمان أهلها، وهنيئاً لأهل عُمان بلدهم. والسلام عليكم العريمي والدرمكي وكل الطيبين وهم كثيرون وكثيرون وكثيرون.