المجتمع الدولي .. الإبهار في النفاق
اسعد العزوني
03-09-2012 04:45 PM
تابعت مجريات الأمور في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، ولوثت أذنيَّ بما سمعت من خطابات دولية، شرقية وغربية، وكم تألمت مما سمعت ورأيت، ليس لسبب، بل لغياب المنطق، وانعدام وزن العرب والمسلمين على حد سواء، بحيث أصبحوا وهم خمس سكان العالم، لا حول لهم ولا قوة.
لا أستطيع وصف "الزار" الذي نظمته أمريكا ومن لف لفيفها في مبنى الأمم المتحدة وباسمها، حول سوريا، الا بالابهار في النفاق، والنفاق الذكر كما يقول العارفون ببواطن الأمور.
لا يظنن أحد أنني بهذا أذرف دموع التماسيح على نظام الأسد في سوريا أو حتى نظامها الرسمي منذ مسرحية الجلاء، لكني لا أصمت عن منكر حتى لو مس ذلك خصمي، وهذا النظام هو خصمي اللدود ليس لشيء بل لأنه "محى" دور سوريا العروبة القومي والوطني. بسلخ فلسطين عنها والسكوت عن ذلك والظهور بمظهر المقاوم والممانع.
ومع ذلك، فانا لست مع الحراك الدموي الدائر في سوريا منذ عدة أشهر ووصل الى حد الوصف بأنه دمار شامل، علما أن الجولان سقطت بيد الاحتلال الاسرائيلي بدون حرب، وانتهت الحرب عام 1982 في لبنان باحتلال بيروت واجبار المقاومة الفلسطينية على الخروج من لبنان وسحق المقاومة اللبنانية، دون أن يحرك الجيش السوري آنذاك ساكنا، وما زلت أحفظ عن ظهر قلب بيان الاذاعة السورية: نحن الذين نحدد زمان ومكان المعركة، ولن نسمح لأحد بأن "يجرنا "اليها!
ما جرى في أروقة الأمم المتحدة كان نفاقا مبهرا لأن "صياد العصافير" استخدم كل حمولته من الماء، ليظهر امام البلهاء البسطاء أنه يبكي على العصافير التي يذبحها بعد صيدها، وقد أبدع ممثلو الدول العربية والغربية والشرقية والشمالية، أيما ابداع في التباكي على الشعب السوري الذي يشرد ويقتل ويذبح على أيدي نظامه.
أنا شخصيا مع حق تقرير المصير للشعوب ومنهم الشعب السوري وكافة شعوب دول العالم الثالث التي ترزح تحت نير الديكتاتورية ولالستبداد،وهذه قضية لا تحتمل الانحياز أو القرعة "خيار وفقوس". أو أن نسير على مبدأ "محمد يرث ومحمد لا يرث".
فالحرية أمر مقدس ولا تحتمل التجزئة والتعامل مع الأشياء بالتقسيط، وكذلك العدالة،فاما أن نطلبهما للجميع أو نعلن عجزنا، ونعترف أمام الجميع أننا لسنا قادرين على تحقيق العدالة والحرية والمساواة لشعوب العالم المضطهدة.
معروف أن الشعب الفلسطيني يعاني من التهميش والاقصاء والتشريد منذ بدايات القرن المنصرم،ولم يتوقف عن الصراخ المتواصل في كافة أروقة الأمم المتحدة، وعواصم العالم أجمع ومنها بطبيعة الحال العواصم العربية،لكن أحدا لم يدر له بالا ما أدى الى تغول اسرائيل ليس في فلسطين فحسب بل في الوطن العربي وفي العالم أجمع.
وزد على ذلك تسابق الغرب على دعمها بالسلاح الحديث والفتاك الى درجة انها انجزت مشروعها النووي وهي ما تزال فتية في منتصف الستينيات، ناهيك عن قيام العرب الرسميين بنسج العلاقات السرية والعلنية معها منذ نشأتها.
كم من المجازر والحروب والويلات ارتكبتها اسرائيل بحق الشعب الفلسطيني وبقية الشعوب العربية،اذ لا توجد دولة الا والبصمة العدوانية الاسرائيلية ظاهرة فيها بدءا من الأردن وانتهاء بالجزائر مرورا بسوريا ولبنان ومصر والعراق وتونس والخليج والسودان.
ومع ذلك لم يتحرك المجتمع الدولي لنجدة أحد من العرب ولم يحرك ساكنا بل على العكس من ذلك شكل ساترا لنصرة اسرائيل وآخر الفضائح رفض قبول فلسطين دولة في الأمم المتحدة وقبلها خارطة الطريق وبعدها ما يسمى اللجنة الدولية الرباعية التي يتولى امرها رئيس الوزاراء البريطاني السابق طوني بلير.
كل ذلك وما خفي كان أعظم يدلل على عدم مصداقية العرب والغرب تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وما نسمعه ونراه من خلال وسائل الاعلام الرسمية ما هو الا غبار أثير أريد به ذر الرماد في العيون ليس الا، كما أن زار الأمم المتحدة في نيويورك والبكاء على مصير الشعب السوري وطلب الحرية له، انما هو استعراض كاذب للرغبة الدولية في تحقيق العدالة والحرية للشعوب المظلومة.