الأحزاب الوسطية والفرص الضائعة
طاهر العدوان
03-09-2012 05:08 AM
في لقاء صحفي قال رئيس التيارالوطني المهندس عبد الهادي المجالي بانه وحزبه كان معارضا لقانون الانتخاب الحالي ويضيف « كنت أطالب بصوتين للدائرة وزيادة عدد المقاعد لعمان والزرقاء واربد وزيادة القائمة الوطنية لكن هذا الاقتراح رفض « مع ذلك يدعو هذا السياسي المخضرم الى المشاركة في الانتخابات « لأننا امام فرصة هائلة لننتقل الى مرحلة اكثر جدية واكثر مؤسسية للمستقبل « .
أنا أعارض القانون مع ذلك سأشارك في الانتخابات ، هذه هي وجهة نظر رئيس التيار الحزبي الأقرب الى مؤسسة النظام والذي عرف بمعارضته الثابتة للإخوان المسلمين وحزبهم ، وهي وجهة نظر تلتقي عليها ( أوعلى الموقف من القانون ) أحزاب وشخصيات تنتمي الى التيارات الوسطية والمحافظة ، انهم جميعا يعارضون القانون مع ( لكن ) ...
القاسم المشترك لهذه القوى السياسية والاجتماعية انها تعتبر نفسها الأقرب من النظام وسياساته خلال عقود طويلة ، لكنها دائماً تمسك العصا من الوسط في طريقها للبحث عن فرصة لتشكيل حكومة اغلبية نيابية من المجلس ، وهي الان تشعر بان هذه الفرصة ستكون سانحة في الانتخابات المقبلة حتى لو شارك فيها الاخوان ، لكنها أيضاً تعتقد بان الفرصة ستكون اكبر اذا لم يشارك الاخوان . هذه الاحزاب تتجاهل الواقع الموضوعي الذي يخلقه القانون الحالي والمحكوم بمعادلات معروفة تختلف تماماً عن الرهان على تعددية تنافسية في ظل قانون انتخاب عصري يوفر شروط وصول كتل نيابية برامجية الى المجلس .
هذه المعارضة المتأرجحة بين الرفض والقبول ألحقت ضررا بالغا في الحياة السياسية بالبلاد ، بل بالحياة الحزبية لهذه الاحزاب وفي مقدمتها التيار الوطني . فهي اولا - لم تدفع الدولة للنظر بجدية الى مطالب التيار الوطني والجبهة الوطنية وغيرهما في النظام الانتخابي لان السائد هو سهولة التراجع عن هذه المطالب . وهي ثانيا - لم تبن علاقات داخلية انضباطية وحازمة بين أعضائها وخاصة النواب منهم ولقد شاهدنا في هذا المجلس ومجالس سابقة كيف ينقسم ممثلو هذه الاحزاب بين مؤيد ومعارض عند التصويت على الثقة او عند التصويت على قوانين مثل قانون الانتخابات .
كان امام الاحزاب الوسطية والمحافظة فرصة كبيرة في ظل الربيع العربي والأردني لإعادة بناء مواقفها وأدائها لتعزيز اقامة حياة حزبية تتقبلها القواعد الجماهيرية ولا تستطيع الحكومات ولا مجلس النواب تجاهل مطالبها، ان شعار أعارض ولكن .. لم يعد فاعلا في ظل حالة شعبية يتزايد فيها انخراط المواطنين بالسياسة ومراقبتهم لأداء السياسيين والاحزاب وقياداتهم . ان الثبات على مطالبها الاصلاحية والعمل السياسي والشعبي لكسب التأييد لها هو ما يجذب الرأي العام وهو ما كان سيفرض عدم تجاهلها . وفي نظرة سريعة لبلدان الربيع العربي مثل مصر وتونس وليبيا نرى كيف ان تماسك الاحزاب ووضوح برامجها هو من يوسع قبولها بين الناس .
لقد أضاعت الاحزاب الوسطية الرئيسية الفرصة الهائلة لانها لم تستثمر الربيع الاردني من اجل بناء تعددية وطنية باحزاب حقيقية ليس ضد الاخوان واقصائهم انما من اجل التنافس بقوة معهم في الدفاع عن مطالب الاصلاح ، ان الاستمرار في سياسة الرضوخ للأمر الواقع الذي تمارسه قوى الشد العكسي بمهارة هو من يشوه الحياة الحزبية ويمنع قيام التعددية التي تقوم على قوة التمثيل والانتشار بين الناس وليس على عناوين المقرات الحزبية وسهولة الانتقال من موقف الى اخر . مع ذلك يثار هنا سؤال منطقي : اذا كان التيار الوطني ( كان يعارض القانون ويطالب بنظام انتخابي جديد) واذا كانت الجبهة الوطنية الموحدة لها نفس الموقف وكذلك طيف واسع من الاحزاب والحراكات الشعبية وموقعي عريضة ال ٥٠٠ من الشخصيات الوطنية بالاضافة الى الاخوان وجبهة الاصلاح لمن إذن وضع القانون ؟
الرأي