تعيينات عليا .. ورفع محروقات
جهاد المنسي
02-09-2012 02:49 PM
على غفلة، وبلا مقدمات، وبعد أزمة رمضان، ومصاريف العيد، وما تحتاجه المدارس (تفتح أبوابها اليوم) من تحضيرات، فوجئ المواطن بـ"قنبلة" جديدة بين أحضانه جاءته على حين غرة، تمثلت برفع تعرفة المحروقات وبنسب متفاوتة.
اعتادت الحكومات المتعاقبة -إلا ما ندر منها- على الرفع دوما، وذهبت كل التحذيرات والوعيد الحكومي بضبط الأسواق، والمراقبة طي صفحات الصحف، ولم نر نتاجا فعليا له على الأرض، فخلال الفترة السابقة لم تستطع الحكومة ضبط الأسواق أو التأثير على التجار بعدم الرفع، وكيف لها أن تفعل ذلك وهي أحد أسباب قيام التجار برفع أسعار مواد تموينية وغذائية.
وفي رمضان عندما وصل سعر كيلو الخيار إلى دينار، وكيلو الليمون دينارين ونصف، وجدت الحكومة نفسها عاجزة، ولم تفعل شيئا، وماذا ستقول وهي أحد أسباب ذلك.
يبدو أن هذا أوان الشد، ثم الشد، ثم الشد، ويبدو أن الحكومة مقبلة لاحقا على حزمة إجراءات أخرى، فبعد أن فرغت من قائمة التعيينات ها هي تذهب لتنفيذ حزم إجراءات أخرى، بدأتها برفع الأسعار.
ربما يخرج علينا من الحكومة قائل إن هذا الإجراء لا بد منه في ظل ارتفاع أسعار النفط عالميا، (لم أسمع أن النفط في البورصة ارتفع بنسب تجعل الحكومة تقدم على الرفع)، ويقول، إن الوضع الاقتصادي في البلد بحاجة لتعديل لا بد منه، والموازنة لا تستطيع تحمل أعباء إضافية، وهكذا دواليك من تبريرات اعتاد المواطن على سماعها عند كل زيادة للأسعار.
وسيخرج علينا من يطالبنا بالصبر والتحمل، على قاعدة انه (ما بعد الضيق إلا الفرج)، وان ما نمر به من ضائقة مالية (غيمة وتعدي)، وأن وصول الموازنة إلى ما وصلت إليه من خطوط بألوان الطيف الخطرة سيتعدل لاحقا بفضل تكاتف الجميع وتفهمهم.
وبطبيعة الحال لن يحدثنا من يتكلم بلسان الحكومة عن خطط الحكومة التقشفية، وماذا فعلت لخفض النفقات؟!، وكم قدر لها أن تخفض خلال الفترة الماضية، بشكل تفصيلي وأين خفضت؟ ولم يطلعنا أيضا على حجم الإنفاق.
وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فإن الحكومة التي رفعت الأسعار في ليلة جمعة عادية، لم تطلعنا على أسباب التعيينات الأخيرة، في المناصب العليا، وسبب إقالة سين وتعيين صاد، وماذا فعل فلان حتى يُقال من موقعه، والكفاءة التى يتمتع بها فلان حتى يجلس مكانه.
كيف تمت التعيينات الأخيرة؟!، فنحن لم نسمع أن الحكومة فتحت باب التعيين في المواقع التي تم التعيين فيها حتى يتقدم جميع الأردنيين للتنافس عليها بعدالة وشفافية بعيدا عن الواسطة، والمحسوبية وحسابات الأقارب والأصحاب والمعارف.
بالمناسبة، ماذا حل بلجنة اختيار المواقع العليا، ولماذا أوقف عملها؟ سؤال بريء برسم الجواب، إن كان له جواب أصلا، وإن كانت اللجنة أوقفت فلماذا؟!، وإن كانت مستمرة في عملها، فما دورها في حملة التعيينات الأخيرة؟!.
قبل أن ندعو المواطن إلى عدم الاستخدام المفرط للسيارات، وتقنين صرف المحروقات، فعلى الحكومة أولا خلق بنية تحتية تشجع على ذلك، وإنشاء أسطول نقل عام قادر على تلبية حاجات الناس، ومنح المواطن، وخاصة السيدات الأمن والأمان وهن يستقللن وسائل النقل العام، من تحرش هنا، وكلمات بذيئة هناك.
رفقا بالمواطن فقد شد الحزام، وشد وشد، وشد؛ حتى لم يتبق له بطن يستطيع أن يشد الحزام عليه، وصبر حتى عافه الصبر نفسه، فلنبتعد على المراهنة دوما على صبر المواطن.