التشليح اخر ما تبقى .. بقلم : اسامة البيطار
mohammad
02-09-2012 05:15 AM
يشكل الحراك الشعبي الاردني بديلاً متوازياً وشرعياً بكامل اوصاف الكلمة في غياب مجلس نواب منتخب بارادة الشعب الحرة ، ويعبر هذا الحراك اتفقنا او اختلفنا عليه على ما يمثله الشارع من احتقان غير مسبوق في المشهد السياسي الاردني مرفقاً بحالة من التغيير التدريجي المتسارع لاوصاف و سمات المجتمع الاردني من تسعينيات القرن الماضي حتى اليوم ، ولا يختلف اثنان على انعكاس الهجرات المتتالية على طريقة تفكير المجتمع و تذبب مؤشر المواطنة بين حالة من الولاء المطلق الاعمى و حالة من النفور "المنفر" المطلق ، و بينهما حالة وسط تراعي وتدعم الوسطية بكل السبل حفاظاً على مكونات و سمات المجتمع المحافظة ايمانا منها بوجود الدولة ،دولة القانون و العدالة .
ولا شك ان الطبقة السياسية التي شارفت على لفظ انفاسها الاخيرة تدق اخر مسمار في نعشها البرجوازي الانتهازي مودعة فصلاً مهماً من فصول الدولة الاردنية التي لم يمر عليها منذ تأسيسها لغاية الان مثل هذه الطبقة الفاسدة المفسدة التي احتكمت الى رقاب العباد و جرت البلاد الى ويلات غطت ظلمته الافاق، ومن نافلة القول ان ما يسمى بالربيع العربي سرع بالقضاء على هذه الطبقة الفاسدة واوشك نجمهم بالافول الى غير رجعة . وفي النقد البناء الهادئ للقرار الحكومي الاخير في رفع اسعار المشتقات النفطية فانك لا تجد من مناص سوى الحكمة بين مراعاة الظروف المحلية و تقدير عواقب اي قرارات فردية غير مدروسة تعبر عن حقيقة الازمة في المشهد السياسي المحلي وكيفية طريقة التفكير الحكومية وهنا يكمن بيت القصيد ومكمن الخلل المتجذر، فالطالما بقيت حكوماتنا المعينة تعيناً تتخذ قراراتها دون تعبير حقيقي ومرجعية شعبية لا شعبوية من برلمان نزيه يعبر عن حقيقة الشارع ، لطالما بقينا ندور في ذات الازمة وفي ذات الحلقة المفرغة ويبقى الحراك يتعاظم شيئاً فشيئأ دون حساب للعواقب و التداعيات و الحصيلة ترديد كل صاحب قرارا مقولة "اتخذت ما يمليه علي ضميري" ولا اشكك في صدق النوايا لكن "الكراهية قد تنجم عن الاعمال الطيبة بقدر ما تنجم عن الاعمال الشريرة " كما يقول الامير مكيافللي وليس من اجل الحفاظ على المركز ان اسير مع تيار النقد الدولي و ارضيه مقابل ان أوذي أبناء شعبي ، الم يكن من الاجدى معالجة تضخم الميزانية و ارتفاع اسعار النفط اللجوء الى خيارات اقل كلفة واكثر جدوى و لنضرب في ذلك مثلا :
قانون الضريبة الدخل المؤقت رقم (28) لسنة (2009) و الذي سيكون على راس القوانين التي سيناقشها مجلس النواب ، بتعامله "الحصيف " مع طبقة الاغنياء مقابل رعونته مع الطبقة الوسطى و الفقيرة و هو القانون المخالف للدستور في بعض جوانبه الهامة خاصة المواد (11و12) و الذي لم يراعي فيها مبدأ التصاعدية في فرض المعدلات الضريبية ناهيك عن استفادة الفئات ذات الدخول المرتفعة من التخفيض الغريب و الذي يراعي مصالح الاكثر ثراء في ظل العجز المتزايد في الميزانية !! ، و هذا التخفيض اللادستوري يستدعي التفكير عميقاً كيف تفكر الدولة ولصالح من؟ فالغني سيزداد غنى و الفقير سيزداد فقراً ومن وراء التفكير التشريعي سوى مجموعة من النواب الفاسدين الذين يقيسون و يفصلون قوانينهم على مقاسهم و مقاس ... !
علما ان ازمة الطاقة ليست وليدة اللحظة و انما بانت واتضحت منذ سقوط النظام العراقي السابق و توقف منحة الرئيس المرحوم صدام حسين للشعب الاردني فاين الحلول و البدائل عند صناع القرار منذ ذلك الحين ، واين هي مشاريع الطاقة البديلة و المتجددة التي توفر الاف الميغاواطات من الطاقة الشمسية الكهروضوئية و الحراراية والتي تسهم هذه المشاريع وتساهم في تنويع مصادر الطاقة المحلية والتقليل من الاعتماد على النفط ، والاستفادة من كميات اليوارنيوم العظيمة في باطن الدولة الاردنية ولماذا لم يرى النور و يعطى الاولوية في ظل وجود الازمة المتوقعة و المتفاقمة لازمة الطاقة النفطية ،
يؤخذ على الرئيس "الكلاسيكي" و طاقمه الاقتصادي سوء التوقيت و انتاكسة الحلول خاصة و انها لا تأتي الا على حساب جيب المواطن المنهك المرهق المفلس، ويؤخذ على مجلس النواب دوره الفاعل في مناقشة ازمة الطاقة بدل مناقشته جواز السفر الاحمر وابديته!
غدا سيبدا العام الدراسي الجديد و غالبية الاباء و الامهات يعدون الدنانير القليلة بعد عطلة العيد و شهر رمضان لشراء الحقيبة والتحضير لقسط المدرسة و التهيأة لعام دراسي مليئ بالطلبات والاحتياجات... عدا عن دخولنا في فصل الشتاء واحتياجاته النفطية المتزايدة، انني مؤمن ان التغيير سنة الله في خلقه وان التغيير يجب ان يطال الفردية و القرارات العشوائية الغير مدروسة وان الحكومات يجب ان تكون منتخبة من الشعب الذي لن تجروء حكومة ان تطاول في قراراتها جيوب المواطنين و ان تنتهك و تهتك اخر ما تبقى من كرامة جيوبهم وان تسعى الى التفكير عن بدائل عملية و ليست لحظية بدلاً من اللجوء للحل الاسهل دائماً ...جيب المواطن ولعل ابلغ وصف كتبها احد المتظاهرين امس على دوار الداخلية اختزلت كل معاني الطفر ....التشليح اخر المتبقي يا حكومة.