ذهبنا الأسبوع الماضي أنا وأحد الأصدقاء لكي نتحاور عن الصحافة ودورها في خدمة إستقلال القضاء مع نخبة من طلبة شعبة الصحافة والإعلام في إحدى الجامعات الخاصة برعاية زميلة ودكتورة فاضلة منحتنا فرصة التلاقي مع طلبتها... داخل قاعة الصف الجامعي التي لا تختلف كثيرا عن الصف المدرسي يمكن رصد كل المفارقات التي تخطر على البال.. طلبة أنيقون جدا جدا .. أخرون بؤساء جدا جدا.. إبتسامه تفارق الجميع.. منسوب قليل من الفرح.. ملابس غريبة في بعض الأحيان.. صمت رهيب إلى حد كبير في صفوف الطلبة.. فتور في الحماس وقلة في السعي للمشاركة.
.. الأكثر إثارة بالنسبة لي وما أثار دهشتي هو بعض الأراء التي رصدناها لبعض الطبة في {عمر الورد}... أحدهم قال لي عند الخروج ان لديه الكثير مما يقوله لكنه لا يفعل ويفضل الصمت لإنها {ملغومة}.. ما أذكره ان أخر مرة سمعت فيها كلمة {ملغومة} في مسجد الكلية العلمية في جبل عمان وأنا في المرحلة الإعدادية.
.. المعنى كان واضحا وما يدهشني ان طلاب الجامعات إستمعوا جيدا وعدة مرات لجلالة الملك شخصيا وهو {يحرض} الشباب على قول رأيهم فيما يجري حولهم وإهتمام الملك بهذه المسألة وصل لحد تنظيم مؤتمر مواز لشباب كلنا الأردن يتحدث مندوبوه في المحافظات والمناطق البعيدة مع المسئولين بجرأة تحت غطاء المفردة الملكية.
السؤال الذي خطر ببالي .. ما الذي يدفع شابا من مدينة الطفيلة لإقتحام مقر المحافظ وقول رأيه بصراحه أمامه في قضايا تهم المحافظة فيما يتصور شاب {عماني} بنفس العمر في غرفة صفية باننه لا يستطيع قول رأيه بالقضايا العامة لإنها{ملغومة}؟.
.. الإجابة على هذا السؤال تبدة محيرة لكنها بالتأكيد مسئولية الجميع وأغلب التقدير ان هيئات التدريس وإدارات الجامعات تتحمل مسئولية عدم إبلاغ الطلبة بان كلمة من طراز{ملغومة} لم تعد واردة في القاموس خصوصا في بلد يحرض فيه قائده التاس على قول رأيهم وحتى الفهم الأمني لأوضاع الجامعات تغير جذريا فدوائر القيادة الأمنية تقود مباشرة حوارا وجاهيا وصريحا مع ممثلي المجتمع المدني وتجيب على كل الأسئلة وفي عهد قيادتها الحالية لم تنشر أبدا أي أخبار في العالم عن أي إنتهاكات موثوقة وحقيقية.
.. أغلب التقدير ان صديقنا الطالب لا يعرف انها لم تعد ملغومة وان الدنيا تغيرت وتلك حصريا مسئولية من يتولون تعليمه مقابل أموال طائلة تدفع للجامعات الخاصة .. وتقديري ان أسوأ ما يمكن ان يحصل لمستقبلنا هو شعور طالب جامعي ننتظره جميعا حتى يقودنا بأنها {ملغومة} وبان هناك من لا يريده ان يتكلم خصوصا في القضايا المسموح بها الكلام , وانا شخصيا لا أعرف كيف سسيتعلم طلبتنا إذا لم يكن الحوار الصريح متاحا؟.
طالبة أخرى في نفس الجامعة تحمل أفكارا سوداء عن الصحافة وتقف بقوة خلف الحكومة في قمع حريات الصحفيين لإنهم يلحقون ضررا بالإقتصاد الوطني كما قالت... طالب ثالث يصر بحماس على ان القضاء في الأردن لا يحتاج لإستقلال مالي وإداري متجاهلا حتى ما يعلنه رئيس سلطة القضاء بالخصوص... رابع يعتقد ان الخيار الأسلم دوما هو {تنفيذ} ما تقوله الحكومة بأي موضوع... خامس يحمل الصحافة وليس الفساد مسئولية الفوضى التي تجتاح مصر..
بإختصار.. نريد ان نعبرف من {سمم} أفكار طلبتنا بتلك المسوحات {الظلامية}؟ .. لماذا يحصل ذلك في جامعاتنا الخاصة وكيف ومن المسئول؟.