اللاجئون السوريون وآداب الضيافة
نبيل غيشان
30-08-2012 05:18 AM
لا نقبل أن يتحول بعض اللاجئين إلى طابور خامس يقلقون راحة الأمن .
إذا صحّت هتافات نفر من اللاجئين السوريين في مخيم الزعتري أثناء احتجاجاتهم أمس الاول بشعارهم الاستفزازي "نارك يا بشار ولا جنتك يا أردن" فإننا نكون قد وقعنا بالمثل الشعبي الذي يشبه صاحب تلك الحالة "خبز الشعير، مأكول مذموم".
لقد فُرضت على الأردن خلال العقود الخمسة الماضية بحكم موقعه الجغرافي الكثير من المعطيات الديموغرافية التي تعامل معها بكل شرف و أخوّة، رغم شح الإمكانيات المادية من مال وأرض وخدمات، ويكفي كمثال ما استقبله الأردن من اللاجئين الذين زادوا على مليوني شخص عام 1990، لكنه بقي أقل دول المنطقة أخذاً للتعويضات.
إن القانون الدولي يضع مسؤولية التعامل مع أي لاجئ يعبر الحدود بين الدول على الجهات الدولية ذات العلاقة ، وفي مقدمتها المفوضية السامية لحقوق اللاجئين، لكن تبقى هناك قرارات للدول في استيعاب موجات اللاجئين، وقد سمعنا عن عجز تركيا استيعاب اكثر من 60 ألف لاجئ.
والآن ماذا يعمل الأردن بكل هذه الأرقام المهولة من الأخوة المتدفقين إلى حدوده طلبا للأمن والأمان، هل يغلقها ويرتاح ؟ هل باستطاعته أن يوفر خدمات خمس نجوم؟
الاحتجاجات المذكورة شارك فيها نحو ألف وخمسمئة لاجئ بدأوا احتجاجاتهم من حديقة الملعب البلدي في الرمثا ، وانتقلت أخيرا إلى مخيم الزعتري، وتضمنت المطالبة بتحسين خدمات الأكل، والشكوى من الغبار والتراب والنوم في الخيام وقلة الماء ، وبعضهم يطالب بمكيفات ومراوح.
ألا يعلم هؤلاء أن بعض الآلاف من الأردنيين يتمنون أن تقدم لهم تلك الخدمات في بلدهم؟ ألا يعلمون أن طبيعة المنطقة تفرض وجود الغبار والتراب والحَرِّ؟
إن الأردن دائم الترحاب بالأشقاء في كل أزماتهم، لكنه بحاجة الى إنصاف وتفهم لظروفه، وليس لهتافات لا تعرف اللياقة الأدبية وحدود الضيافة وواجبات الضيف على المضيف، وهتافات لا تجلب إلا الفوضى وتثير غضب الأردنيين، ألم يكد أهالي المفرق و الرمثا أن يصطدموا مع المحتجين بعد إصابة 26 من أبنائهم في الأمن العام ؟
مَن يقبل أن يتحول اللاجئ إلى تاجر ويمارس كل أنواع التجارة في الشارع العام حتى في مواد الإغاثة والأدوات التي توزعها عليه مفوضية اللاجئين والجمعيات ذات الاختصاص؟ مَن يقبل أن يتحول بعض اللاجئين إلى طابور خامس، يقلقون راحة الأمن وهم يتصلون كل يوم بالفضائيات لتقديم بلاغات كاذبة عن وفيات وحوادث لم تقع؟
نعرف أن كل ما ذكر لا ينطبق إلا على نفر قليل جدا من الأشقاء السوريين، لكن لا بد من التعامل بحزم مع كل لاجئ ـ مهما كانت جنسيته ـ لا يحترم مضيفه ويصر على مخالفة القانون، والدولة لن تعجز عن وضع حد لمثل تلك التجاوزات، بل يجب استيعابها بكل حزم وكل من لا يعجبه وضعه كلاجئ عليه أن يعود إلى بلده أو يحترم البلد الذي يستضيفه، وألا يسيء للاجئين من أبناء شعبه، إلا إذا كان صاحب أجندة جاء لتنفيذها !
وهنا يأتي واجب اللاجئين المحترمين والملتزمين بآداب الضيافة ليتصدوا لمثل تلك الممارسات وعزل أصحابها ومنعهم من المتاجرة بقضيتهم .
nghishano@yahoo.com
العرب اليوم