خبير بالشأن السوري لا يستبعد وقوع انقلاب عسكري على نظام الأسد
29-08-2012 05:12 AM
عمون - عن الغد - أجرى الحوار: محمد داودية ترجمه وقدم له: علاء الدين أبو زينة - وصل الصراع على السلطة في سورية الآن إلى ذرى غير مسبوقة من العنف والانفتاح على مختلف الاحتمالات الغامضة.
وفي كافة مراحل هذا الصراع المتحول، اجتهد المعقبون والمتابعون في قراءة الحاضر والتكهن بالوجهات. لكن ذلك أضاف فقط مزيداً من الإرباك واشتباك الرؤى المتعارضة. وفي كثير من الأحيان، اتسمت تلك القراءات باجتزائها الراهن السوري وقطعه عن سياقاته ومقدماته التاريخية، بما أنتج في المحصلة اجتهادات تعوزها الدقة والصدقية والأصالة. وفي كل الأحوال، لا يندر أن تذهب الأمور في مناطق الأزمات الكبيرة في وجهات غير متوقعة جراء اختلاط الأوراق وكثرة اللاعبين، كما يحدث الآن تماماً في سورية.
في هذا الزحام من المداخلات والاجتهادات، وبهدف استدراج رؤية متبصرة شمولية في المشهد السوري ووجهاته، أجرى الأستاذ محمد داودية هذا الحوار مع صديقه الأكاديمي والدبلوماسي الهولندي د. نيكولاس فان دام Nikolaos van Dam، المختص والمتابع للشأن السوري وشؤون الشرق الأوسط.
وكان الدكتور فان دام قد حصل على درجة الدكتوراة في الآداب من جامعة أمستردام في العام 1977، بعد الدفاع بنجاح عن أطروحته في موضوع "دور الطائفية، والإقليمية والعشائرية في الصراع على السلطة السياسية في سورية"". ثم عاد ينشر أطروحته في كتاب بنفس العنوان (باللغة العربية) في العام 1995. وكان قد نشر في العام 1979 كتاباً آخر في الشأن السوري، بعنوان: "الصراع على السلطة في سورية: السياسة والمجتمع تحت حكم الأسد وحزب البعث"، الذي صدرت طبعته الرابعة في العام 2011. كما نشر الدكتور فان دام كتاباً أكثر شمولية عن المنطقة، بعنوان: "هولندا والعالم العربي: منذ القرون الوسطى حتى القرن العشرين".
هذا الاهتمام المبكر بالشؤون العربية، والشأن السوري بشكل خاص، يمنح الدكتور فان دام سلطة العالِم الموثوق، ويضعه في المكان المناسب لعرض أطروحة عارفة بالسياقات التاريخية للحدث السوري، وهو الذي تعقب متغيرات القوة وتوازناتها في المعادلة السورية على مدى عقود. ومن هذا المنظور الشمولي، يحلل الدكتور فان دام في هذا الحوار مختلف المقدمات التي فجرت الحالة السورية الأخيرة، ويضيء الأصل في الصدوع التي تتكشف الآن في سورية، على طول الخطوط الإثنية والطائفية والعقائدية. كما يشرح دوافع الاصطفافات الدولية الحالية وحالة الاستقطاب الشديد حول الموضوع السوري، والأدوار والحسابات الإقليمية وعلاقات دول الجوار بما يجري هناك، واحتمالات تأثرها به. ومن كل ذلك، يرسم الدكتور فان دام ثلاثة سيناريوهات ممكنة للمستقبل السوري، انطلاقاً من المؤشرات الراهنة والخلفيات التاريخية وعلاقات القوة الداخلية والخارجية في البلد.
يذكر أن الدكتور نيكولاس فان دام من مواليد أمستردام-هولندا عام 1945. درس العلوم السياسية والاجتماعية في جامعة أمستردام، بما في ذلك العلاقات الدولية وتاريخ الشرق الأوسط الحديث، واللغة العربية والإسلام، وتخرج في العام 1973 بدرجة الدكتوراة في العلوم السياسية والاجتماعية. ثم منح درجة الدكتوراة في الآداب من جامعة أمستردام عن أطروحته المذكورة عن الشأن السوري في العام 1977. ويتحدث الدكتور فان دام اللغات: العربية، والهولندية، والإنجليزية، والفرنسية، والألمانية والإندونيسية. عمل في قسم شؤون الشرق الأوسط في دائرة الشؤون الخارجية لوزارة الخارجية الهولندية، ثم في السفارة الهولندية في بيروت، حيث شمل عمله شؤون لبنان، والأردن، والأراضي الفلسطينية المحتلة، وقبرص. كما عمل في ليبيا، ثم سفيراً لهولندا في العراق، وسفيراً في مصر ومسؤولاً عن الشؤون الفلسطينية، وسفيراً لهولندا في تركيا، وفي ألمانيا، وفي إندونيسيا وتيمور الشرقية والآسيان قبل أن يتقاعد في العام 2010.
• هل نجح النظام السوري في خلق صدع بين الطوائف السورية وتجييشها ضد الأغلبية السنية؟
- عندما استولى البعثيون على السلطة في سورية في العام 1963، قبل ما يقرب من نصف قرن، كان مثالهم الأيديولوجي الوطيد هو القضاء على الطائفية والولاءات العشائرية والإقليمية داخل المجتمع السوري والعربي، والاستعاضة عن هذه الولاءات بهوية ومشاعر قومية عربية قوية. لكن الأمور انتهت إلى حالة مختلفة تماماً، مع ذلك، حيث ازدادت قوة النزعات الطائفية والمناطقية فقط. وكان أحد الأسباب الرئيسية في ذلك هو أن قيادة التنظيم البعثي في الجيش السوري جندت معارفها الشخصيين بشكل أساسي، ووفقاً للعلاقات العشائرية، بحيث تكون معظم هؤلاء من أشخاص جاؤوا من قرى القادة ومناطقهم، وينتمون بالتالي إلى نفس جماعتهم الدينية. وتم تنصيب هؤلاء المؤيدين في أكثر المناصب العسكرية والاستراتيجية والأمنية حساسية، بهدف بناء قاعدة سلطة قوية يمكن الاعتماد عليها. ولأن قيادة الجيش البعثي أصبحت تتألف بشكل رئيسي من العلويين والدروز والإسماعيليين، أصبحت هذه الأقليات ممثلة تمثيلاً زائداً بقوة في القوات المسلحة، وأجهزة المخابرات السورية. لكن بعض عناصر الجيش من البعثيين السنة عارضوا هذه الظاهرة علناً، واتهموا العلويين بالمحاباة الطائفية، وأسهموا بذلك في خلق حالة استقطاب بين السنة والعلويين داخل القوات المسلحة، وكانت النتيجة طرد أبرز الضباط السنة من كوادر الجيش، وبعد ذلك، بدأ أبرز قادة الجيش من العلويين والدروز والإسماعيليين صراعاً على السلطة فيما بينهم، انتهى بعملية تطهير للجيش، فصيلاً تلو الآخر. وكانت الحصيلة النهائية في العام 1970 هي احتكار حافظ الأسد الكامل للسلطة، ثم احتكار بشار الأسد لها في وقت لاحق. ولم تتبق في سورية مراكز قوى متنافسة، وتوقفت الانقلابات العسكرية طوال معظم فترة الاثنتين والأربعين سنة التالية، باستثناء عصيان رفعت، شقيق حافظ الأسد، في العام 1984.
ولا تعني حقيقة خضوع دكتاتورية عائلة الأسد البعثية للهيمنة العلوية أن جميع العلويين في سورية أفلتوا من قمع النظام العنيف؛ فقد أطبقت هذه الدكتاتورية على كل زاوية وشبر من البلاد، بما في ذلك ما يدعى بالمناطق العلوية في الشمال الغربي. بل ويمكن القول بأن معارضي النظام من العلويين تعرضوا لقمع أشد قسوة من غير العلويين، لأنه كان ينظر إليهم على أنهم يشكلون تهديداً أكبر لأن بوسعهم تقويض النظام بشكل أكثر سهولة "من الداخل". وكانت شريحة صغيرة نسبياً فقط من المجتمع العلوي هي التي لا تتعرض للقمع، لأنها تنتمي إلى النظام نفسه.
الحديث عن صراع بين الأغلبية السنية من جهة، والأقليات مثل العلويين والدروز والمسيحيين والإسماعيليين من الجهة الأخرى، ليس صحيحاً. إن هذه الأقليات لا تفضل نظام حزب البعث بالضرورة، وإنما هي تفضله عموماً على حالة عدم اليقين التي يخلقها احتمال صعود بديل سني- أصولي، والذي لا تعود الأقليات محمية في ظله، بل وربما تصبح مهددة. بعد كل شيء، يبقى النظام البعثي نظاماً علمانياً.
في الوقت الحاضر، هناك استقطاب قوي بين السنة والعلويين، أنتجته حقيقة أنه يمكن تعريف الأجهزة الأمنية، بما في ذلك الشبيحة، بأنهاعلوية بكل وضوح. ولذلك، يُنظر إلى قمع النظام على أنه قمع علوي في المقام الأول.
أما الأقليات الأخرى الناطقة بالعربية، فتميل إلى الحياد والفرجة من على الهوامش. وعلى الرغم من حقيقة أن حصة كبيرة من المجتمع العلوي ليست في صف النظام –حيث لكل قرية علوية سجناؤها السياسيون- فإن الديناميات الطائفية للصراع الحالي، بكل ما فيه من عمليات القتل والقمع والتهديدات، تدفع بالعلويين المعارضين للنظام إلى الاصطفاف معه، بدافع حفظ البقاء. فبعد كل شيء، يمكن توقُّع أن يبدأ الجانب السني حقبة من الانتقام الدموي ضد العلويين في حال طيح بالنظام، والتي ستوقع العديد من الضحايا العلويين، حتى بين أولئك الذين كانوا فعلياً ضد النظام.
وهكذا، ربما يشعر الكثير من العلويين، بمن فيهم العديد من المعارضين الأساسيين للنظام، بأنهم مضطرون إلى التكتل معاً من أجل حماية أنفسهم، في حال تشكل لديهم الانطباع، سواء كان مبررا أم لا، بأنهم يتعرضون إلى تهديد من الأغلبية السنية.
باختصار: تسبب النظام البعثي القمعي بإحداث صدع اجتماعي هائل داخل المجتمع السوري، بصرف النظر عن حقيقة وقوف معظم السوريين ضد مثل هذا الانقسام إلى حد كبير. ومع ذلك، لا يعني الوقوف ضد هذا الانقسام أنه ليس حاضراً بكثافة في الوقت الراهن. ويبقى الشقاق العلوي- السني هو الأقوى، والذي ينطوي على إمكانية أن يصبح أكثر تدميراً.
• ما هي امكانية التفاهم مع العلويين وتهدئة مخاوفهم، كما أشار الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في مقابلته الشهيرة مع شبكة (سي بي أس)؟ وهل يكون تفكيك سورية وتمزيقها إلى إربع دول سيناريو قابلاً للتطبيق وللحياة؟
- من المهم للغاية المساعدة في خلق الثقة لدى أفراد المجتمع العلوي في أنهم لن يصبحوا عرضة للخطر في حال سقط نظام بشار الأسد، وفي أن هناك تمييزاً حقيقياً يتم بين العلويين المتورطين في الأعمال الوحشية وفي ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وغيرهم ممن لم يشاركوا. ولكن، من هو العلوي الذي يمكن أن يثق بأي تعهدات تُعطى في هذا الصدد؟ يمكن قطع الوعود، لكن الوقائع الاجتماعية يمكن أن تعمل بطرق مختلفة كلية، ويحتمل كثيراً أن تنجم عمليات انتقام عشوائي ضد قطاعات كاملة من المجتمع العلوي. وقد يكون من المفيد إجراء مناقشة علنية ومفتوحة حول موضوع مسؤولية العلويين كمجموعة، أو مسألة المسؤوليات الفردية. ويجب بشكل خاص، إيضاح أن جزءاً كبيراً من المجتمع العلوي لا يمكن أن يُلام مطلقاً على أفعال النظام.
كان النهج الذي زاد الأمر سوءا، هو دأب النظام المستمر على اعتبار مناقشة مثل هذه القضايا من المحرمات، بوصفها تعبيراً عن نزعات طائفية. وقد شجع هذا التحريم فقط على جعل الناس يخوضون مثل هذه المناقشات وراء الكواليس.
أخشى أن يكون تحليل الملك عبدالله الثاني، والذي عرضه خلال مقابلته الأخيرة مع شبكة (سي بي أس)، صحيحاً تماماً: "إذا لم يعد الرئيس بشار الأسد يستطيع أن يحكم "سورية الكبرى"، فإن إقامة جيب علوي قد تكون الخطة ب". ويمكن أن يكون مثل هذا الانفصال العلوي بمثابة "السيناريو الأسوأ" الذي قد يفضي إلى "انقسام سورية والاستيلاء على الأراضي من جميع الاتجاهات".
أود إضافة أن انسحاب النظام إلى جبال العلويين سوف ينبع بشكل أساسي من دافع الحفاظ على الذات الفيزيائية، أكثر من ارتكازه على أي تطلعات إلى تشكيل دولة أو منطقة علوية. وبهذا المعنى، لن يكون مثل ذلك انفصالاً مناطقياً في الحقيقة. لا أحد في سورية يريد وجود مثل هذا الكيان العلوي؛ كما لا يريده حتى العلويون أنفسهم. وهكذا، سيكون مثل ذلك، في رأيي، حالة مؤقتة فقط ، لن تطول أكثر من الفترة التي تستطيع بقايا نظام الأسد احتمالها. سوف يكون ذلك نوعاً من "ملجأ علوي (مؤقت) أو "منطقة آمنة" او ملاذ آمن في الأراضي السورية". وبعد ذلك، سرعان ما سيتم نقض ما يدعى انفصالاً، بالتأكيد إذا توفرت ضمانات كافية لعَيش العلويين وسلامتهم في سورية بشكل عام.
الأكراد في شمال سورية، من ناحية أخرى، اغتنموا الوضع بالفعل في محاولة للحصول على مزيد من الاستقلال داخل البلد، على غرار العراق. وربما يقدم الأكراد العراقيون، الذين قد يعززون بذلك نفوذهم في المنطقة المتاخمة للعراق، المزيد من التشجيع للأكراد السوريين. وقد تقدم الأكراد في سورية مُسبقاً بمجموعة من المطالب المختلفة: منها الاعتراف بحق تقرير المصير في إطار دولة سورية وحدوية.
بالنسبة لتركيا، يمكن أن يكون لهذا التطور عواقب وخيمة. فقد تعاود الحركة القومية الكردية هناك نشاطها بقوة أكبر، بدعم من الأكراد في الدول المجاورة.
قبل بضعة عقود، كانت الحركات القومية الكردية في العراق وتركيا وايران وسورية محصورة في كل بلد على حدة. لم تكن هناك أي حركة كردية عابرة للحدود الوطنية تربط بين الأكراد عبر الحدود الدولية. ويرجح كثيراً أن يكون الوضع في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، وشبه الاستقلال المتحقق في المنطقة الكردية في شماله، قد ألهم الأكراد في سورية ودفعهم إلى الخروج بطريقة أكثر وضوحاً وصراحة للمطالبة بحقوقهم، وربما يكون لذلك آثاره أيضاً على الأكراد في تركيا. ومع ذلك، وبخلاف العراق وإيران أو تركيا، فإنه ليس للأكراد السوريين منطقة واحدة متصلة جغرافياً يشكلون فيها أغلبية.
• ما هي أسباب الدعم الروسي والصيني للنظام السوري عكسا عن العالم كله؟
- لدى كل من روسيا والصين رؤية مختلفة لكيفية حل النزاع في سورية. إنهما تؤيدان حلاً سياسياً، بما في ذلك احتمال تحقيق تسوية بين النظام البعثي والمعارضة. لكن معظم البلدان الأخرى تفضل حلاً سياسياً، فقط إذا كان هذا الحل يشمل تغييراً للنظام، ويمهد لقيام حكومة جديدة من دون بشار الأسد وأنصاره. وبما أن الرئيس لن يوقع مذكرة موته بيده، فإن هذا يعني عملياً أنهم يريدون دعم المعارضة حتى ينهار نظام البعث. ومن هنا، كان دعم معظم الدول الغربية لجهود السلام التي بذلها كوفي أنان فاتراً في الغالب. الروس لا يريدون أن يتكرر سيناريو ليبيا، بمعنى أنهم يرفضون، بشكل مباشر أو غير مباشر، منح التخويل لأي تدخل عسكري في سورية من خلال مجلس الأمن الدولي. ولا يقل أهمية عن ذلك أن روسيا لا تريد قيام نظام إسلامي أصولي على حدودها الجنوبية في سورية، وهو ما قد يكون حاصل تدخل عسكري أو حرب أهلية هناك. ومن جهتها، تعارض الصين فكرة التدخل الخارجي في الأنظمة السلطوية، وتريد أن يُنظر إليها على أنها شريك موثوق لهذه الأنظمة.
• ما هي الوسائل لدفع روسيا والصين إلى فك ارتباطهما بالنظام السوري؟
- قد تتخلى روسيا والصين عن نظام بشار في حال أصبح موقفه، من وجهة نظرهما، ميئوساً منه، وظهر في الأفق بديل واضح لا تعارضانه. كثيراً ما يقترح البعض لو أن روسيا والصين لم تستخدما حق النقض، ووافقتا بدلاً من ذلك على قرارات مجلس الأمن الدولي المتعاقبة، لكان الموقف مختلفاً تماماً على الأرض في سورية. لكنني أشك، مع ذلك، في أن النظام السوري كان سيتصرف بطريقة تختلف كثيراً طالماً ظل يعتقد حقاً بأن وضعه في خطر.
إن صدور قرار من مجلس الأمن لا يعني أنه سينطوي على إحداث أي تغييرات تلقائياً. هناك قرار مجلس الأمن رقم 242 للعام 1967، الداعي إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة في العام 1967، والذي لم يتم تنفيذه بعد أكثر من 45 عاماً. بل إن العكس هو الصحيح، حيث يصبح الاحتلال الإسرائيلي هناك احتلالاً أكثر وأكثر في كل عام، إذا كان المزيد من الاحتلال ما يزال ممكناً هناك.
لكن كل هذ لا يعني أن النظام السوري لم يرتكب أخطاء جسيمة. كان أحد أخطائه الرئيسية هو قمعه المفرط، واستخدامه غير المتناسب للعنف والترهيب ضد مواطنيه، والذي كان في حد ذاته سبباً كافياً حتى يثور الناس أكثر وأكثر بمرور الوقت، وينتقلوا إلى المقاومة المسلحة بدلاً من التظاهرات السلمية، كما كان الحال في المراحل الأبكر من الثورة السورية.
ما يزال الروس والصينيون يمتلكون قنوات اتصال مفتوحة مع نظام الأسد، وهو ما قد يكون مفيداً للمساعدة في إيجاد حل، بعد أن قطعت معظم الدول الأخرى على نفسها أي طريق للعب دور في هذا السياق، لأنها قطعت علاقاتها مع النظام السوري أو أعلنت نزع الشرعية عن رئيس سورية وحاشيته.
• ما هي حدود القدرة الإيرانية على دعم نظام الأسد؟
- تقوم العلاقات السورية-الإيرانية في الأساس على المصالح الاستراتيجية لكلا الطرفين. إنها لا علاقة لها بالخلفيات الدينية والحكام -شيعة وعلويين- مع كون الإيرانيين متدينين، والسوريين علمانيين. وينطبق الأمر نفسه على علاقة سورية بحزب الله. إن سورية مهمة جداً من الناحية الاستراتيجية لكل من إيران وحزب الله كطريق لمرور الأسلحة والمواد إلى لبنان. ومن دون دعم النظام السوري الحالي، فإن النفوذ الإيراني في لبنان سيضعف، تماماً كما سيضعف نفوذ حزب الله. إن إيران وحزب الله يحتاجان سورية أكثر مما تحتاجهما هي، غير أن النظام السوري المعزول في الوضع الراهن الحرج يمكن أن يستفيد من أي دعم. وربما يكون بشار الأسد راغباً في الاستماع إلى حلفائه الإيرانيين أكثر من الآخرين. ولذلك، ربما تكون فكرة دور وساطة تلعبه إيران جديرة بالاستكشاف، ولو أن معظم الدول الغربية ترفضه، بسبب موقفها السلبي تجاه إيران، وخاصة فيما يتعلق بالملف النووي.
• ما هي قدرة إيران على الزج بالنظام العراقي للتدخل لصالح بقاء نظام الأسد؟
- لا أعتقد بأنه سيكون من العقلانية توقع أن يبذل العراق أي جهد في التدخل نيابة عن إيران لصالح النظام البعثي السوري، إلا إذا اعتبر العراق أن ذلك قد يكون في مصلحته الخاصة، وبغض النظر عما يكون عليه موقف إيران. ربما تكون إيران والعراق خاضعتين كليهما لسيطرة الشيعة، لكنهما ليستا صديقتين ولا حليفتين. لقد نال العراق مسبقاً ما فيه الكفاية من حربه الأهلية الخاصة، كنتيجة للغزو والاحتلال الأميركيين. وليس للعراق، شأنه شأن أي دولة أخرى في المنطقة، أي نفع من قيام حرب أهلية في سورية، والتي يمكن أن تكون لها آثار سلبية عليه وعلى دول اخرى مثل الأردن ولبنان، لم يكن العراق راغباً في تطبيق إجراءات المقاطعة المختلفة ضد دمشق، بسبب التداعيات السلبية التي ربما يواجهها نتيجة لذلك.
• كيف تميز بين الأسد الأب والأسد الابن؟
- لقد حاز حافظ الأسد وبشار على منصبيهما كرئيسين، انطلاقاً من خلفيات مختلفة تماماً. فقد انتزع الأب، حافظ، السلطة والمنصب بعد صراع قوى طويل وشديد داخل حزب البعث والقوات المسلحة. وكسب احترامه الشخصي العالي من مؤيديه، وكان مسيطراً ومسؤولاً بالكامل. كانت هناك مسافة كبيرة جداً بينه وبين الشخصية التالية في النظام. أما بشار الأسد، فقد أُجلس ببساطة على العرش الجمهوري لوالده الراحل من دون الاضطرار إلى بذل جهود مماثلة للحصول على هذا المنصب. ومع ذلك، قبل مؤيدو حافظ الأسد من العسكريين العلويين رفيعي المستوى وعائلاتهم ببشار الأسد في ذلك الوقت، كشخصية موحِّدة، ترمز إلى رغبتهم في مواصلة إرث الرئيس السابق وفي تجنب شقاق سابق لأوانه في صفوف العلويين.
في سورية، لم تتم ممارسة مبدأ القيادة الجماعية بنجاح منذ فترة طويلة، وبدا القبول ببشار وأنه البديل الأفضل لمنع ظهور صراعات جديدة على السلطة في داخل المجتمع العلوي نفسه.
وخلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية، تطور بشار الأسد إلى رئيس وحاكم واحد أوحد. وعلى الرغم من أنه أصبح رئيساً مطلق السلطة مثل والده، ظل بشار يفتقر إلى نفس النوع من الاحترام، والسلطة والشخصية.
وأصبحت المسافة بين بشار والشخص النافذ التالي، أو بالأحرى جماعة الأشخاص الأقوياء في داخل النظام، أقصر بكثير. وبالقدر الذي يتعلق بعلاقات القوة، أصبح الأمر أقرب إلى نوع من التعايش القائم على الحاجة المتبادلة. إن بشار الأسد يحتاج إلى الشخصيات الرئيسية في الجيش والأمن، وهم يحتاجون إليه. ويبدو مستشاروه أكثر ميلاً إلى النظر إلى الداخل، معتقدين بأن بوسعهم، من خلال الترهيب والقوة والقمع، فرض حل أمني بدلاً من حل سياسي أكثر سلمية. ولا يتمتع بشار بنفس الحكمة أو قوة الشخصية اللازمتين ليرفض هذه الرؤية ضيقة الأفق لأولئك الذين من حوله، فيقرر اختيار حل سياسي أكثر سلمية، والذي ربما كان لينقذ نظامه - لبعض الوقت على الأقل-.
وكان حافظ الأسد قد سلك مساراً مماثلاً من القوة المفرطة والقمع، لكن مناوئيه في أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات كانوا أعضاء متطرفين في جماعة الإخوان المسلمين، سعوا إلى خلق حالة استقطاب سني-علوي باغتيال الناس لكونهم علويين. لكن المعارضة لبشار كانت سلمية في البداية، وأراد المتظاهرون السوريون الحرية والاحترام فقط. وبسبب أساليبه الخالية من الشفقة في القمع والترويع، فقد بشار الأسد فرصة التوصل إلى حل سلمي. وهناك احتمال قليل بأن والده كان ليتعامل بطريقة أكثر براغماتية.
الدبلوماسي الهولندي: الأسد ونظامه يخوضان معركة حياة أو موت
• ما هي السيناريوهات التي تراها لمستقبل سورية؟
- من بين السيناريوهات المختلفة الممكنة من الناحية النظرية، أعتقد بأن هناك 3 سيناريوهات تستحق اهتماماً خاصاً.
أولاً، هناك احتمال وقوع انقلاب عسكري من داخل النظام، والذي يمكن أن يمهد الطريق لتحول دكتاتورية حزب البعث الحالية في سورية، التي يهيمن عليها العلويون، إلى دكتاتورية أخرى ذات قاعدة أوسع نطاقاً إلى حد ما، والتي تكون راغبة على الأقل في إجراء إصلاحات سياسية جذرية، يمكن أن تفضي في النهاية إلى سورية أكثر ديمقراطية (أو أقل سلطوية). ويمكن أن ينفذ مثل هذا الانقلاب بعض الضباط العلويين من داخل النظام، الذين أصبحوا شديدي الانتقاد لسلوك النظام العنيف المتجه حصرياً إلى الحل الأمني وليس إلى حل سياسي. ولن يكون ذلك "انقلاب قصر" حقيقيا، بمعنى أن تقوم به الحاشية الأكثر قرباً من الرئيس وعائلته وأقاربه، على الأقل لأن هؤلاء مشتركون في المسؤولية إلى حد كبير عن كل ما حدث خلال الفترة الماضية، وإنما سيقوم به آخرون أبعد قليلاً عن المركز، لكنهم قريبون منه مع ذلك. إن الضباط العلويين القريبين من النظام هم الذين يتمتعون فقط بفرصة للنجاح، ولو أنهم سيكونون في حاجة دعم وتعاون من جانب المعارضة بمجرد أن يخلعوا الرئيس، بل وحتى قبل ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذا الانقلاب ينطوي على مخاطر هائلة. بل إن أي شخص يتأمل مثل هذه الفكرة ويتقاسمها مع آخرين يغامر بخطر التعرض للإعدام الفوري. ويتوافر النظام السوري على عقود من الخبرة في كيفية منع قيام انقلاب عسكري. وليس لديه أدنى رحمة تجاه أولئك الذين يفترض أنهم قد خانوه.
السيناريو الثاني، يمكن أن يكون استمرار النظام الحالي لفترة أخرى غير محددة، مع اتخاذ بعض التدابير الإصلاحية البطيئة، وإنما المستمرة بثبات، والتي يمكن أن تؤدي في النهاية إلى تغيير أكثر سلمية للنظام.
في هذا السيناريو، يمكن أن تقوم النواة الصلبة في القيادة السياسية الحالية بعرض إصلاحات سياسية أساسية، تقود البلاد إلى نظام أقل دكتاتورية، وأكثر ديمقراطية، وتؤدي في النهاية إلى استبدال ديكتاتورية البعث السوري القائمة حالياً. وقد يقوم الرئيس بتنحية نفسه في وقت لاحق، على سبيل المثال كنتيجة لانتخابات جديدة، أو أنه يمكن أن ينقل المهام الرئاسية، نتيجة للحوار، إلى شخص آخر يمكن توقُّع أن يكون مقبولاً لدى المعارضة. ويظهر أن الرئيس الأسد أقنع نفسه في الوقت الحاضر بأنه بدأ بالفعل جملة تدابير إصلاحية كافية، مثل وضع دستور جديد، وقانون جديد للأحزاب، وإجراء انتخابات برلمانية، وأشياء أخرى، بحيث يمكنه البقاء حتى العام 2014، حيث تكون له فرصة أخرى في إعادة انتخابه رئيساً للبلاد.
لكن المعارضة رفضت هذه الرؤية مسبقاً وبشكل قاطع. وفي الوقت الحاضر، قد ترغب المعارضة في الانخراط بنوع من الحوار، فقط إذا كان واضحاً منذ البداية أن الرئيس وحاشيته سوف يتنحون. ومن وجهة نظري، سيكون أي نوع من الحوار الذي تكون هذه نقطة انطلاقه، مرفوضاً تماماً لدى النظام. لماذا يتفاوض النظام عندما يكون سقوطه هو النتيجة الحتمية للمفاوضات؟ لماذا يتفاوض عندما لا يكون لديه ما يكسبه، وكل شيء ليخسره؟ ومن ناحية أخرى، ليس هناك الكثير من الأسباب التي تجعل المعارضة تثق بالرئيس ونظامه، لأن من الشائع جداً أن يريد الدكتاتوريون البقاء في السلطة إلى ما لا نهاية.
كان الملك عبدالله الثاني محقاً تماماً، في رأيي، عندما تحدث في المقابلة مع شبكة (سي. بي. أس) عن قراءة ذهنية الرئيس بشار الأسد، وقال: "حسب عقليته، فإنه سيتمسك بمواقفه. إنه يعتقد بأنه على صواب. أعتقد بأن النظام يشعر بأنه لا يمتلك بديلاً سوى الاستمرار."... وهكذا، فإن بشار في هذه اللحظة... "سيستمر فيما يفعله إلى ما لا نهاية".
ويعني هذا في الممارسة أن العنف سوف يستمر حتى يحقق أحد الأطراف المتعارضة انتصاراً حاسماً. إنه العنف هو الذي يجب أن يتوقف أولاً من أجل خلق الظروف التي يمكن ضمنها مناقشة حل سياسي. سيكون مستحيلاً أو غير مقبول لأي معارضة أن تقيم حواراً حقيقياً مع نفس النظام الذي يقوم في نفس الوقت بقمعها بشكل دموي ويستمر في قتل معارضيه. وقد أريق الكثير جداً من الدم في سورية مُسبقاً.
وبما أن القيادة السياسية البعثية لا تريد أن توقع مذكرة وفاتها بنفسها، فإنها ستكون في حاجة إلى الحصول على ممر آمن إلى بلد آخر، مع ضمان عدم تعرضها للملاحقة بعد ذلك، في حال وافقت على التنحي بعد كل شيء. ولكن، من هو الطرف الذي يستطيع أن يعطي ضمانات موثوقة؟ إذا كان السلوك السابق للنظام شيئاً يمكن القياس عليه، فإنه سيقاتل حتى نهايته، ولن يغادر البلد.
أما السيناريو الثالث، فيمكن أن يكون: الحرب الأهلية. هذا السيناريو –الذي شرع فعلياً بالتكشف أكثر وأكثر- سيكون الأكثر كارثية ودموية وتدميراً من بين كافة السيناريوهات، لأنه سيفضي إلى قيام حالة لا يمكن السيطرة عليها.
وعلاوة على ذلك، سوف يتبين أن هذا السيناريو ليس في مصلحة أحد. سوف يتعرض الكثير جداً من الناس للأذى من جرائه، وسوف تعاني سورية انتكاسة عامة هائلة، ودماراً ستعاني منه أجيال عديدة قادمة. كما يحتمل كثيراً أن تتأثر البلدان المجاورة أيضاً، وأولها لبنان. سوف تتخذ حرب أهلية في سورية طابعاً طائفياً بشكل حتمي، ما يؤدي إلى نوع من الاستقطاب الطائفي الأكثر حدة بين السنة والعلويين، وعلى نطاق وشدة لم تشهدهما البلاد من قبل. وبطبيعة الحال، يتذكر الجميع مجازر حماة في العام 1982. ويحتمل كثيراً أن تكون تلك المجازر قد زرعت بذور الفتنة المستقبلية ورغبة الانتقام، التي ربما تطرح في مثل هذه الحرب الأهلية "كل ثمارها". لقد تعرضت التظاهرات السلمية إلى قمع دموي على أيدي قوات الجيش والأمن التي يهيمن عليها العلويون، بالإضافة إلى العصابات العلوية (الشبيحة) التي أثارت في الحقيقة مواجهة طائفية، وإنما بطريقة مروعة ذكرت الآخرين وأثارتهم ضد ما كان النظام يفعله بنفسه ردحاً طويلاً من الزمن في السابق.
ويمكن أن تنجم حرب أهلية طائفية ملونة من داخل القوات المسلحة، مدعومة بوحدات عسكرية منشقة ووحدات مدنية مثل تلك الوحدات (ذات الأغلبية السنية) التي تشكل الجيش السوري الحر، ويمكنها أن تكسب شخصية أكثر عمومية واتساعاً بإشراك كافة فئات المجتمع السوري. إن المجندين السنة يشكلون أغلبية في داخل الجيش السوري. وإذا انشق هؤلاء على نطاق واسع، فإن موقف النظام يمكن أن يذهب إلى مزيد من الضعف. ومع ذلك، يبقى الانشقاق بالغ الخطر، لأنه لا يفضي فقط إلى إعدام أولئك المتورطين مباشرة، وإنما يمكن أن يجلب تداعيات كبيرة وخطيرة على عائلاتهم. وبما أن العلويين يهيمنون بقوة على الجيش والأجهزة الأمنية السورية - بمعنى أنهم لا يسيطرون على معظم المناصب الاستراتيجية فحسب، وإنما يحوزون على المعدات الأفضل والسلاح الثقيل- فإنه سيكون من الصعب جداً على خصومهم السنة إخضاعهم. ولذلك، لا ينبغي أبداً أن يُؤخذ انتصار القوات غير العلوية كأمر مسلم به بهذه السهولة. سوف يكون من الصعب جداً وقف دوامة العنف الخطير الحالية في سورية.
* كيف تصف موقف النظام السوري اليوم؟ متى سينهار تماماً؟
- النظام السوري الآن تحت تهديد خطير. ومع أنه يظل أكثر تفوقاً بكثير على المعارضة المسلحة من الناحية التقنية، تبدو معنوياته وأنها تضعف باطراد. ليست هناك نهاية للقتال تلوح في الأفق، وليس الجيش مجهزاً بشكل جيد حقاً لحرب المدن. ربما تعمل الانشقاقات في المراتب العليا رفيعة المستوى، مثل انشقاقات رئيس الوزراء رياض حجاب أو العماد مناف طلاس، على تحفيز آخرين على الانشقاق أيضاً. كما يمكن لانشقاقات واسعة النطاق داخل الجيش في أوساط المجندين السنة الذين يشكلون أغلبية، أن تساعد أيضاً في تفكيك الجيش. وبالإضافة إلى ذلك، يبدو الدعم الخارجي للمعارضة في ازدياد مستمر، وتتصاعد في بعض الأحيان مناقشات حول احتمالات القيام بعمل عسكري أجنبي أو تدخلات خارجية.
لكن كل هذا لا يعني أن نهاية النظام باتت وشيكة حقاً - بالتأكيد إذا لم يكن هناك تدخل عسكري خارجي-. إن بشار الأسد ونظامه يخوضان معركة حياة أو موت، ولديهم أفضل وحدات النخبة التي تمتلك أفضل المعدات والتجهيز، والمرتبطة معاً من خلال تضامن علوي أو مذهبي. من الخطورة الكبيرة التكهن بأي شيء، ويمكن أن أكون مخطئاً أنا شخصياً بطبيعة الحال، لكنني لا أستبعد أبداً احتمال أن يكون النظام ما يزال قادراً على إحياء الذكرى الخمسين لصعود حزب البعث إلى السلطة يوم 8 آذار (مارس) 2013.
كان رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب قد قال إن الحكومة السورية تنهار "معنوياً، ومالياً وعسكرياً". ومن الناحية المعنوية، يعاني الجيش فعلياً من ضغط هائل، وإذا حدث - نتيجة للعقوبات الاقتصادية- أنه لم يعد بالإمكان دفع الرواتب بشكل كاف للقوات المسلحة وجماعة الأمن بعد الآن، فإن الانهيار يمكن أن يتسارع.
لو كانت التوقعات السابقة قد أصبحت حقيقة، لكان النظام قد سقط الآن بالفعل منذ فترة طويلة. لكن تلك التوقعات كانت قائمة على أساس التمني أكثر من اتكائها على التحليل الواقعي.
• ما هي التأثيرات المحتملة للأزمة السورية على: الأردن، لبنان، العراق، تركيا وإسرائيل؟
- كلما تم النظر أكثر إلى الدول المجاورة على أنها تتدخل في شؤون سورية الداخلية، زاد احتمال تأثرها بنتائج سلبية. وحتى لو ظلت محايدة، فإن أزمة اللاجئين السوريين قد تؤثر على الحياة في المناطق المحيطة، كما فعل وجود العديد من اللاجئين العراقيين في سورية بعد الغزو الأميركي للعراق. وهو يفعل ذلك بالفعل في الأردن، ويمكن توقع قدوم المزيد من اللاجئين إلى هناك. ويتأثر لبنان، لأنه مرتبط مع سورية بشكل وثيق جداً، أكثر من أي بلد آخر. ومع ذلك، كانت الحرب الأهلية في لبنان ذات طابع مختلف تماماً عن تلك الجارية في سورية. وسيكون من السذاجة والتبسيط المفرط أيضاً اقتراح أن قيام حرب أهلية في سورية سيؤثر حتماً على لبنان كله. ولعل من الأصوب توقع أن ذلك سيؤثر على موقف حزب الله، والمناطق في الشمال، وحيث يعيش العلويون بشكل خاص. ومن المحتم أن يؤثر تدخل تركيا في سورية ورفضها للتطلعات الكردية المعارضة داخل سورية، على موقف الأكراد في تركيا نفسها. ومن المحتم أيضاً أن تؤثر حالة من عدم الاستقرار المزمن في سورية على جميع البلدان المجاورة، لا سيما إذا تمكن الإسلاميون الأصوليون المتطرفون من اتخاذ سورية قاعدة للعمليات في الأماكن الأخرى.
• يتنامى حضور القاعدة في سورية وسيناء وليبيا واليمن. هل نحن أمام احتمال قيام موجة جديدة من العنف في المنطقة؟
- يريد تنظيم القاعدة استغلال الفراغ في السلطة في سورية ليصنع عودة لنفسه. لكن المعارضة السورية لا ترحب بهم عموماً لأن دوافعهم تختلف. إن الشيء الوحيد المشترك هو الرغبة في إسقاط النظام، لكن خلافات حادة تنشأ عندما يتعلق الأمر بما سيلي ذلك وبمستقبل سورية. وفي الواقع، لا يستبعد هذا احتمال أن يكون تنظيم القاعدة في وضع يمكنه من التسبب بأضرار كبيرة أكثر كثافة وأوسع نطاقاً في المنطقة في ظل الظروف الحالية غير المستقرة. إن الأولوية الأولى لتنظيم القاعدة ليست مساعدة الثورة السورية، وإنما العمل على ترسيخ نفسه بقوة.
• ماذا يفعل الإسرائيليون في الاثناء: يتفرجون؟ يتحضرون لضرب إيران وحزب الله؟
- الإسرائيليون يفضلون الاستقرار على حدودهم مع سورية. وقد تمتعوا بوضع هادئ نسبياً في ظل نظامي حافظ الأسد وبشار الأسد بعد حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973. ولن يرحب الإسرائيليون بأي نظام في دمشق، يعتقدون بأنه قد يسبب لهم مشاكل في الأراضي العربية المحتلة في العام 1967، بما في ذلك الجولان. لكن المزيد من الديمقراطية في العالم العربي سوف ينطوي، ضمناً، على قدر أكبر من حرية التعبير، ومن المحتم أن يؤدي في النهاية إلى مزيد من الانتقاد (المبرر) لإسرائيل. وهذا لا يعني بالضرورة أن الموقف على الحدود سيتغير. سوف ينتظر الإسرائيليون ويرون. أما خطتهم التي يناقشونها حول مهاجمة مواقع إيران النووية أم لا، فقضية لا تتصل بالتطورات في سورية، في رأيي. لكنه يمكن اعتبار كسر العلاقة بين إيران وحزب الله عبر سورية أمراً مفيداً لإسرائيل. الفكرة الشائعة عموماً في الغرب هي أنه عن طريق إضعاف النظام السوري، أو حتى من خلال التسبب في سقوطه، فإن موقف إيران سوف يضعف هو أيضاً. وأعتقد بأن التوقعات في هذا الصدد مبالغ فيها، وقائمة على التمني في جزء منها. وفي هذه الأثناء، يمكن أن تقوم إسرائيل باستغلال التركيز الدولي على سورية وحليفها الإيراني فتقوم بمهاجمة إيران. لكن يبقى موضع شك، مع ذلك، ما إذا كان مثل هذا الهجوم سيحل أي شيء بالقدر الذي يتعلق بالبعد النووي الإيراني.
• ما هو نظام الحكم البديل لسورية، استناداً لمعرفتك ببنية المعارضة والمجتمع السوري؟
- من الصعب جداً القول بمن سيكون خليفة النظام في سورية. في المقام الأول، تتألف المعارضة من طيف واسع يمتد عبر كامل المجتمع السوري. وثانياً: حتى لو كانت هناك أغلبية يمكن تمييزها بوضوح بين جماعات المعارضة المختلفة، فإن هذا لا يعني ضمناً أنها ستكون أيضاً هي المجموعة التي ستستولي على السلطة. من الأكثر منطقية توقع أن أولئك الذين سيكونون الأفضل تنظيماً وأقوى عسكرياً هم الذين سيتولون السلطة في المرحلة المقبلة.
خلال مظاهرات ميدان التحرير في مصر، كان الإخوان المسلمون بالكاد مرئيين في البداية، لكنهم كسبوا الانتخابات فيما بعد، فيما يرجع جزئياً إلى أنهم كانوا أكثر تنظيماً من منافسيهم. يحتمل كثيراً أن أولئك الذين تظاهروا بشكل سلمي في سورية يشكلون الأغلبية، لكن ذلك لا يعني أنهم هم الذين سيستولون على السلطة. إن الأمر يعتمد أيضاً على رغبة أولئك الذين سيكونون جديدين في السلطة على منح هؤلاء دوراً رئيسياً ومهماً. كما يحتمل أيضاً صعود نظام إسلامي أصولي، بغض النظر عن حقيقة أن الإسلاميين الأصوليين لن يتمكنوا في ظل ظروف عادية من الحصول على أي أغلبية بين السكان السوريين.
إن خلع النظام عن طريق القوة العسكرية لا يعني بالضرورة أن الديمقراطية ستسود تالياً. بل إن احتمال قدوم نظام استبدادي جديد يبدو أكثر ترجيحاً، سواء كان ذلك نتيجة لحرب أهلية، أو لانقلاب عسكري داخلي يقوده العلويون، أو كان ناجماً عن تدخل عسكري خارجي. لكن نظاماً سلطوياً يرغب بتحول إصلاحي جذري باتجاه حكم أكثر ديمقراطية، سوف يشكل تحسيناً نسبياً مع ذلك. ولكن، بأي كلفة بشرية؟
• يتعرض الأردن لضغوط وإغراءات للتدخل في سورية، كيف تقيم موقف الأردن الآن، وبماذا تنصح الأردنيين؟
- يمكن لتدخل أردني في سورية أن يجلب ضربة ارتدادية خطيرة. أما استقبال الأردن لأكبر عدد ممكن من اللاجئين السوريين فأمر جدير بالثناء. ويؤمل أن يحصل الأردن على الدعم المالي والمادي الضروري الذي يستحقه من الدول الأخرى التي لا تستقبل هؤلاء اللاجئين المساكين بنفسها.
• كيف والى متى يتمكن الجيش السوري من الصمود في وجه التسونامي الشعبي؟
- تم تدريب القوات المسلحة السورية وتسليحها من أجل المساعدة في الدفاع عن سورية ضد أي عدوان عسكري خارجي؛ أولاً، إسرائيل التي تحتل مرتفعات الجولان، والتي خاضت مواجهات عسكرية مع سورية في عدة مناسبات. وبينما تمتع كلا الرئيسين حافظ الأسد وبشار بدعم شعبي في سورية بسبب موقفهما المبدئي من الصراع العربي-الإسرائيلي، فقد بشار الأسد كل الشرعية في هذا الصدد عند استخدامه القوات المسلحة، وعلى نطاق واسع، داخل البلد ضد معارضيه. وخلال المواجهات مع الجيش السوري الحر في المدن والمناطق الريفية العديدة، سقط الكثير من الضحايا الأبرياء، وتعرضت أحياء كاملة في المدن إلى الأضرار والتدمير. ونجمت عن ذلك جموع كبيرة من السكان الذين أصبحوا لاجئين، وأصبح الكثيرون منهم الآن أناساً مشردين في داخل بلدهم. ومع أنه من الشائع كثيراً أن يحاول نظام محاربة المعارضة الداخلية المسلحة، فإن نطاق سفك الدم والفظاعات التي صاحبت ذلك عملت على المزيد من نزع الشرعية عن النظام، وخاصة قواته المسلحة التي تهيمن عليها النخبة العلوية. ومن المحتم أن تفضي هذه التطورات إلى المزيد من الانشقاقات، خاصة من جهة المجندين السنة. وبينما تصبح معنويات المعارضة المسلحة أعلى؛ مع بعض التذبذبات صعوداً وهبوطاً، حتى عندما تكون مصحوبة بخسائر عسكرية كبيرة، تصبح المعنويات في داخل جيش النظام عرضة لمزيد من الهبوط بسبب تصرفات النظام. ويتم تجنيد جنود الجيش من كافة أنحاء البلد. ولذلك، يشعر الكثير منهم على المستوى الشخصي بالفظاعات التي عانى منها أقاربهم ويعانون. وفي النهاية، يُتوقع حدوث المزيد من الصدوع في داخل القوات المسلحة، ليس فقط في وحداته النظامية، وإنما أيضاً في داخل قوات النخبة. ويعمل الدعم الذي تتلقاه المعارضة المسلحة من الخارج على تعزيز معنوياتها باطراد. ولن توقف المعارضة المسلحة عملياتها العسكرية، لأنها ليست لديها طريق للعودة بعد كل ما حدث. إن النظام هو سفينة غارقة، ولو أنها ربما تغرق ببطء شديد؛ إلا إذا شرع ثقب كبير بالظهور فجأة في هيكلها.
* أين هو حزب البعث بعد انكشاف الغطاء الأيدولوجي المتعلق بالدفاع عن الشعب وتحقيق رفاهه؟
- لقد توقف حزب البعث عن لعب دور مهم في سورية منذ فترة طويلة، بدءاً، بشكل أو بآخر، من بداية حكم الرئيس حافظ الأسد وتخلصه من منافسيه البعثيين في العام 1970. وما يزال تنظيم الحزب قائماً وحاضراً، لكنه أصبح يعيش في حالة ركود. ولا يكاد يكون لأيديولوجيته أي تأثير يذكر الآن، على الرغم من أن فكرته عن القومية العربية تركت آثارها. وقد أصبح حزب البعث منظمة جماهيرية بحيث جرى استخدامه كأداة متضخمة لإضفاء الشرعية على النظام. وخلال نصف القرن الماضي، لم يمر الحزب بأي تطور حقيقي أو عملية تجديد جذرية، بحيث يقوم بتكييف نفسه مع معطيات العصر الحديث. وتستند سلطة النظام إلى هياكل (غير رسمية) أخرى مختلفة تماماً داخل القوات المسلحة وأجهزة المخابرات المختلفة، والتي لديها القليل من الصلة بحزب البعث وأيديولوجيته. بل ويمكن القول إن نظام البعث السوري أصبح، في الممارسة والواقع، بمثابة الأطروحة المضادة لأصوله ومثله العليا. وقد تكون فكرة القومية العربية ما تزال شعبية، لكن حركة البعث القومية العربية فقدت الكثير من قوتها ومعناها، أيضاً بسبب سلوك النظام.
في افتراق عن المبادئ الأيديولوجية البعثية، أصبحت الهوية الإقليمية السورية الآن أكثر أهمية من هويتها القومية العربية. وقد تعززت النزعات الطائفية والمناطقية والعشائرية في البلاد، بدلاً من أن تكون قد اختفت أو ضعفت. وعلى الرغم من أن هذه الولاءات كانت طوال نصف قرن تقريباً بمثابة الضمان والأساس لاستمرارية النظام واستقراره، فقد أصبحت تسهم الآن في تراجع النظام وتفككه. لقد أصبح المجتمع السوري أكثر انقساماً بكثير بسبب الحكم البعثي، بينما كان الهدف الأساسي هو جعله أكثر تجانساً ووحدة.
باختصار: كان المثال البعثي بعيداً جداً عن التجسد والتحقق، وأصبح حكمه فشلاً ذريعاً، وأوقع الكثير من الضحايا.
• لماذا حصل في سورية ما حصل؟ هل هي مؤامرة؟ أم لأسباب داخلية ؟ أم لأسباب عديدة مجتمعة؟
- من الواضح أن الثورة في سورية استلهمت حركات الربيع العربي. إنها لم تكن بالتأكيد مؤامرة قادمة من الخارج، وإنما حركة احتجاج أصيلة نجمت بعفوية من الداخل نتيجة للتجاوزات القمعية التي مارسها النظام. ولم تكن جماعة الأمن والقوات المسلحة معتادين على أي معارضة مفتوحة. وبعد أن حازوا على احتكار للسلطة لنصف قرن تقريباً، طور الحكام البعثيون نوعاً من الغطرسة، وأصبحوا مقتنعين على أساسها بأن بوسعهم إخضاع الشعب السوري إلى ما لا نهاية باستخدام القوة والقمع والتدجين والترهيب. كان النظام موقناً بأن ما يدعى "الحل الأمني" يمكن أن يكون هو "الحل السياسي" للأزمة السورية أيضاً. وبسبب هذا التوجه، كانت الثورة السورية نتاجاً لطبيعة النظام نفسه إلى حد كبير. وبتشجيع من تطورات الربيع العربي في أماكن أخرى، كسرت المعارضة جدار الخوف، وامتلكت الشجاعة الكبيرة للشروع في الاحتجاج: أولاً بطريقة سلمية وبمطالب معتدلة، ثم شرعت في المطالبة بالمزيد تدريجياً، بما في ذلك سقوط النظام. ثم بدأت المعارضة المسلحة بالتطور، وتم إنشاء الجيش السوري الحر الذي تكوّن بشكل رئيسي من العسكريين الذين تركوا الجيش ولم تعد لديهم طريق للعودة. ولو أن النظام لم يرد على كل ذلك بمثل هذا التطرف العنيف والمقيت، فإنه ربما كان ليمتلك الفرصة لاحتواء الأزمة في مرحلة أبكر، ولفترة يُعتد بها على الأقل. في العموم، اعتُبرت الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس متأخرة جداً وضئيلة للغاية.
وعلاوة على ذلك، لم تعتقد المعارضة، ببساطة، بأن نوايا الرئيس كانت حقيقية وأصيلة. كانت الغالبية العظمى من المواطنين السوريين قد ضاقت ذرعاً بالدكتاتورية البعثية وقمعها. وبعد نصف قرن، فقد السوريون كل أمل في أن يوفر لهم هذا النظام مستقبلاً أفضل أبداً. كانت مزاعم النظام بأن الأمر كله هو مؤامرة خارجية أو إرهابية محض هراء بكل بساطة. إن الثورة السورية هي حركة سورية أصيلة، وتمثل قطاعات واسعة من المواطنين. وربما تكون قد قامت أيضاً بدفع من مزيج من العوامل الإضافية، بما في ذلك العوامل الاقتصادية والطائفية، فضلاً عن استشراء الفساد واسع النطاق. لكن العامل الرئيسي كان، مع ذلك، هو الديكتاتورية التي يهيمن عليها العلويون وقمعها المفرط. لم يعد العديد من السوريين مستعدين لإعادة إخضاعهم كما حدث في الماضي، بغض النظرعن التكاليف البشرية الرهيبة التي ربما يقتضيها ذلك. أما بالقدر الذي يتعلق بتورط قوى خارجية، فقد دخلت هذه القوى على الخط فيما بعد فقط، في محاولة لاستغلال الوضع.
• هل تعتقد بأن ارتدادات التسونامي السوري ستصيب روسيا والصين بسبب موقفيهما الداعمين لنظام الاسد؟
- ربما تواجه روسيا والصين اللوم ذات يوم من نظام سوري يخلف النظام الحالي، بسبب إطالتهما أمد الأزمة بلا داع من خلال رفضهما دعم أي حل يُفهم، علناً أو ضمناً، كمرتكز يشير إلى حتمية إزاحة نظام الأسد. وقد انتقدت المعارضة السورية بشدة المواقف الروسية والصينية في هذا الصدد منذ فترة طويلة، حتى أنها هددت بأن سياستيهما في هذا الصدد ربما ستنعكس سلباً في وقت لاحق على أي علاقات مستقبلية. في الواقع، كان خط السياسة الروسية والصينية هو تشجيع التوصل إلى حل من خلال الحوار السياسي مع النظام، باعتباره واحداً من الأطراف المعنية في الأزمة.
مع ذلك، ربما تواجه الدول الغربية والدول الأخرى التي كانت تدعم المعارضة السورية، اللوم في وقت لاحق أيضاً، بطريقة أو بأخرى: في هذه الحالة بسبب عدم تقديمها ما يكفي من الدعم للمساعدة في تسريع سقوط النظام، وهو ما ينتج عنه، وفقاً لرأي المعارضة، إطالة أمد معاناة الشعب السوري بلا داعي أيضاً.
لقد اتخذت معظم البلدان التي ترغب في زوال نظام الأسد جميع أنواع التدابير، لكنها لا تدعم (حتى الآن) وبشكل نشط أي تدخل عسكري من أجل دفع النظام هناك إلى نهايته. ويأتي ذلك على خلفية إدراكها للكثير من الآثار السلبية والمكلفة التي ستنطوي عليها مثل هذه العملية، خاصة بعد أن رأت ما حدث في العراق. ويمكن توقع أن يحارب بشار الأسد بعنف حتى النهاية. وربما يكون أمر الإطاحة بنظامه من دون تدخل عسكري شأناً مطولاً جداً، هذا إذا كان ممكناً من الأساس.
• هل ترى أن الربيع عابر للقوميات؟ هل تكون إيران، الصين، كوريا الشمالية، وكوبا مرشحة للربيع؟
- لقد أظهر الربيع العربي أن الدول العربية هي كل متصل، ولو أن لكل دولة عربية خصوصياتها التي أفضت إلى حدوث تطورات مختلفة وحلول مختلفة في كل بلد. ويمكن أن تكون العوامل التي أدت إلى الربيع العربي الدموي ذات صلة وقابلة للتطبيق في بلدان أخرى في أماكن أخرى من العالم. ولا ينبغي أن تكون هذه البلدان عربية على وجه التحديد. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن هناك العديد من الدول العربية التي لم تتأثر (حتى الآن) بما يدعى "الربيع العربي." إنني أجد أن من الصعب الخروج بأي تكهنات حول ما إذا كانت الدول المذكورة غير العربية يمكن أن تكون مرشحة جدياً لاختبار أنواع مماثلة من التطورات الثورية. ومع ذلك، قد يلهم الربيع العربي حركات ثورية في أماكن أخرى من العالم.
عندما يتعلق الأمر بقضايا مثل الحرية السياسية والفساد والقمع، والتنمية الاقتصادية، وتوزيع الثروة، وحقوق الإنسان، فإن هناك مجالاً هائلاً للتحسن في دول مثل كوريا الشمالية وإيران والصين وكوبا.. عندما نتخذ الثورة السورية بالغة الدموية مثالاً، فإن الأمر يتطلب قدراً هائلاً من الشجاعة لأي قوى معارضة في أماكن أخرى حتى تتخذ مساراً مماثلاً.