أسمع كلاما من جمهور الناس يفيد بعدم قناعتهم بجدية الحكومة وما تقوله حول الإصلاح. وهذا بطبيعة الحال أثر على عملية التسجيل للانتخابات النيابية المتوقعة نهاية العام الحالي، وفق ما تؤكده جهات رسمية بشكل مستمر.
وأسمع أيضا عدم رضا من قبل جمهور الناخبين عن أداء مجلس النواب الحالي، فضلا عن عدم قناعتهم بأن الانتخابات المقبلة ستكون كما كنا نريدها دوما "نزيهة وشفافة". وهؤلاء يتخوفون دوما من أن نذهب إلى الانتخابات المقبلة، ونجد بعد خروج النتائج أننا أضعنا النزاهة والشفافية في الواد، ولم يتبق منهما إلا اسماهما، كما حصل في انتخابات سابقة؛ الأمر الذي أثر على ثقة الناس بالمجالس النيابة اللاحقة، وخاصة المجلسين الخامس عشر والسادس عشر.
وأسمع أيضا عن قضايا أخرى يجري الحديث عنها لم يتم إغلاقها، مثل ملفات فساد ما تزال مفتوحة ولم تغلق، ونكوص عن الإصلاح، فضلا عما نشهده من ظواهر سلبية مثل تفشي ظاهرة الفتوات والخاوات وأوكار المخدرات.
وأسمع عن محاولة قوى شد عكسي تعطيل طريق الإصلاح للحفاظ على مكتسباتها، وبالتالي إضاعة الطريق.
وفي الوقت عينه، أرى أن عملية التسجيل للانتخابات لا تجري بالشكل الصحيح، وخاصة في ظل تدني نسبة الإقبال على التسجيل والحصول على البطاقة الانتخابية، ما يعني أن الناس غير مكترثين بالانتخابات المقبلة، وبالتالي تدني نسبة التصويت لاحقا.
وأرى أيضا أننا ما نزال ندور، منذ أشهر، في حلقة مفرغة بدون أن نقدم الكثير للهدف الذي وضعناه نصب أعيننا، وهو عبور بوابة الإصلاح المنشود الذي يعني سيادة القانون، ورفع منسوب الحريات العامة، ومنح مؤسسات المجتمع المدني دورها في المجتمع، وفصل السلطات من خلال منح المجالس النيابية لاحقا دورها الحقيقي في الرقابة الحقيقية على الحكومات، والتشريع البعيد عن المجاملات والحسابات الضيقة والمصالح الشخصية.
وأرى أيضا أن ما جرى ويجري في المؤسسة التشريعية يؤكد تخوفات المواطن من شكل البرلمان المقبل، وأن يكون نسخة "كربونية" عن الحالي، ما يعني بقاء الحال على ما هو عليه بدون التقدم خطوة إلى الأمام.
وبعد أن تحدثت عما أسمع وأرى في مطارح كثيرة، فمن حقي أن أتكلم لأقول أن من حقنا أن نذهب في طريق الإصلاح بشكل مستقيم، بدون لف أو دوران، باعتبار أن الطريق المستقيم أقرب الطرق للوصول إلى الهدف.
ولهذا أقول أن هدفنا في نهاية الأمر ليس إجراء الانتخابات "بمن حضر"، ولهذا فإن رصد عملية التسجيل وعدد المسجلين يبدو أمرا في غاية الأهمية. ولهذا أرى أن إجراء الانتخابات في موعدها قبل نهاية العام يتطلب تسجيل ما يقرب من مليوني مواطن، وهي نسبة تساوي ما يقرب من 67 % من نسبة الأشخاص الذي يحق لهم التصويت في الانتخابات التي يقال إنها تحادد حاجز الـ3 ملايين مواطن.
وهنا أتساءل، ما الضير أن يجري تأخير موعد الانتخابات، أي أن يتم حل مجلس النواب الحالي في الخامس والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وتجرى الانتخابات في آذار (مارس)، وفي الأثناء تقوم الدولة بكل مكوناتها بفتح حوار وطني شامل ومعمق مع كل أطياف المجتمع، وتأمين أكبر مشاركة في الانتخابات المقبلة؟
صحيح أننا لا يمكن أن نجر الناس إلى التسجيل ومن ثم الانتخاب بالسلاسل، كما لا يمكن أن نقدم تنازلات أحادية لهذا الطرف أو ذاك، ولكننا بالمقابل نستطيع أن نهيئ أرضية مناسبة للانتخابات من خلال خلق جو مناسب لها، يعمق ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، ويعيد نوعا ما الثقة المفقودة بمؤسسة مجلس النواب التي تزعزعت كثيرا في الفترات الماضية.
jihad.mansi@alghad.jo
الغد