في كل دول العالم الثلج شيء طبيعي وعادي لا يأتي بمصائب أو عطل أو خراب بيوت،فما أجمل صباغ الطبيعة للأرض باللون الأبيض المحبب لبني البشر خاصة عندما يكون "هجنة" مثل حالنا في الأردن فالكثير من الأطفال والكبار يفرحون أيما فرح عندما يسمعون نشرة الأخبار الجوية التي تنبئ بقدوم الضيف الأبيض مثل الأشباح هناك من يظل سهران أمام النافذة وهناك من الأطفال من يحضر على الورق مخطط لرجل الثلج القادم كما يشاهدون في برامج التلفاز .يأتي الثلج وفي معظم الأحيان في مناطق لم تتوقعها الأرصاد كما حصل هذا العام، المهم أنه سقط وصارت الأرض بيضاء واختلط الإسفلت بالرصيف، وأخيرا صرنا مثل أوروبا ولدينا جبال بيضاء بعد أن تبخر حلم كنا نأمل أن تكون خضراء عام 2000.
الفرحة لا تكتمل لأن الابتسامة والفرحة محرمة على الأردنيين بداية من ثقل دم بعض من يظنون أنفسهم خفيي دم فيضعون حجرا بوسط كومة ثلج"ويلطشون" به الولد، وها تبدأ المعاناة ،فالطرق مغلقة وأول الموظفين غيابا قد يكونون موظفي الأشغال، الولد ينزف وسيارة الإسعاف تعتذر عن القدوم فالطريق ثلج، والبنت الجامعية مقطوعة على الطريق الصحراوي وتتصل كل دقيقة مستغيثة؛ تريد من الأخ ألأكبر أن يتوجه لإنقاذها قبل أن تتحول لفتاة الثلج، فباص الجامعة كشنت وسط الثلج، الوالد يرن ويفصل فالرصيد خلص وهو يستفسر عن العائلة الضائعة وسط الثلج وهو يجلس في الكراج وحده دون حافلات بعد أن أغلقت الطرق.
غرفة الحلال تنهار على الغنم والدجاج فالزينكو غير معد لتحمل كميات الثلج المتراكمة،بعد أن حوش فوقه حموده عشرة شولات علب معدنية فارغة .
الجدة الأخرى تستغيث بعد أن حاصرها الثلج وظنت نفسها محاطة في كفنها مسكينة الجدة، بحاجة للتر كاز واحد فقط، قبل أن تتجمد ،فقد كانت تنتظر راتب تقاعد المرحوم لتعبئة "الجلن" ، الأخ الأكبر ينسى الأخت الجامعية ويتوجه لإنقاذ الجدة.
الشوارع تغلق والمخابز تعاني من نقص الطحين والديزل والعمال الجالسين في بيوتهم خوفاً من الثلج .
فيروز تغني ثلج ثلج عم بتشتي الدينا ثلج " والجدة تولول ثلج ثلج نخرب بيتنا وراح حلالنا وعيالنا من الثلج " التلفاز يخبرنا أن جميع الطرق فتحت وتم تمديد عطلة العيد لشهر بسبب زيارة الثلج طبعا المسؤول يقصد الطرق التي لم يسقط فيه الثلج أصلاً .
هسع عرفت لماذا كانت جدتي كانت تضم سنة الثلجة لسنة النكبة والنزحة ، وان على فيروز أن تغني الثلج الساطع أتن وأنا كلي إيمان.
Omar_shaheen78@yaho