هل هناك حكومه خفيه في الاردن؟ محمد مناور العبادي
25-08-2012 06:54 PM
هل هناك حكومه خفيه في الاردن تسير بالوطن للمجهول ؟ ولماذا؟
وكيف يمكن بناء الاردن الحر الجديد ؟
عمون – محمد مناور العبادي * - تبدو الصورة الكليه للوطن الاردني قاتمه ، وتؤشر على ان المستقبل سيكون اسوأ ، فالفجوة تتسع يوما بعد يوم بين سلطات الدولة التنفيذيه من ناحيه ، والاردنيين من كل المنابت والاصول من ناحية اخرى ، بسبب سياسات حكومة اليمين المتطرف الاردنية ، التي تعتقد رئاستها انها ملكت العالم بيمينها ، ويمكن ان تحركه بيسارها ، في حين انها عاجزه عن حل اية مشكله تواجه الوطن ، وبالتالي فهي تحول دون تحقيق تغيير ايجابي اصلاحي في الاردن ، يضمن بناء دولة حديثه ، يتمتع كل مواطنيها ، بحقوقهم كامله ، في اطار من العداله والمساواه ، وفي ظل برلمان حقيقي يمثل فعلا لاقولا كل مكونات الشعب الاردني ، وفي ظل صحافه حره مسؤوله لاقيود عليها ،تشارك البرلمان بجرأة ، في الرقابه على ممارسات السلطات الثلاث ، دون خشية من ملاحقات قضائيه .
سلبيات "البطانات " السابقه
----------------------
صحيح ان الصورة الكليه للاردن قاتمه ، لكن تحركات الملك عبدالله الثاني المحليه والاقليميه والدولية وحب الاردنيين له شخصيا ، جعلت الوضع العام في البلاد تحت السيطرة الى حين ، اذ ان المشكله تكمن فيمن هم حول الملك من "البطانات "التي احاطت به طيلة العقد الماضي ، وحولت الوطن الى مجموعة مزارع ، تنتفع بخيراته الكثيره وحدها، وتوزع الفتات ، على بقية الشعب، مما جعل الاردن، في اسوأ حالاته منذ تأسيسه ، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وتعليميا واداريا ، فتراجع الدور الريادي للاردن كثيرا ولم يعد كما كان عليه الحال في عقود القرن الماضي .
وما كان الامر ليصل الى هذا السوء ، لولا سياسات وممارسات قوى الشد العكسي ، التي حكمت الوطن خلال العقد الماضي ، بخلاف توجيهات الملك التي تضمنتها كتب التكليف الساميه للحكومات والمسؤوليين الاردنيين . ويبدو ان هذه السياسات والممارسات متواصله وبقوه خاصة مع مجيء حكومة اليمين المتطرف برئاسة الدكتور فايز الطراونة والتي تعمل بنشاط لتحريك بوصلة الوطن بالاتجاه الخاطيء معتقدة انه الاتجاه الصحيح ، لانه يخدم مصالحها وحدها فقط ، غير عابئة بمصالح النظام والشعب الاردني ، ومضاعفات هذه السياسات السلبيه .
الايدي الخفيه والبوصله الخاطئه
------------------------------
وتحولت قوى الشد العكسي هذه ،الى ايد خفيه في حكومه خفيه ، تقود الوطن في الاتجاه الخاطيء، مستثمره الربيع العربي ،مصممة على تحويله في الاردن الى خريف عاصف . فابتدعت نظريات جديده غير معروفه ، لأدارة الوطن ، بهدف تمزيقه ، وافقاره ، وتفتيت نسيجه الوطني والاجتماعي ولحمته التاريخيه ، وتقزيم رجالات الوطن الحقيقيين وعمالقته ، فأبعدت المخلصين بذرائع شتى ، وخلت الساحه للفاسدين في العديد من مفاصل اتخاذ القرارات ، رغم تعليمات الملك بمحاكمة الفاسدين ،ايا كانت مواقعهم ، ومهما كان نفوذهم .
وخلال عقد من الزمان ، نجحت قوى الشد العكسي في مأسسة الفساد في غياب الرقابه الشعبيه ، والبرلمانيه، والصحافيه الحقيقيه . وهكذاشهدت البلاد انقلابا سلميا شمل كل نواحي الوطن ، وكل مواطنيه بحيث لم يعد الاردن كما كان ، دولة رائده في المنطقة ، لأن الدولة الضعيفه اقتصاديا لايمكن ان تكون رياديه .
الطبقه التنفيذيه الحاكمه تختطف الوطن
---------------------------------------
ونمت مؤسسة الفساد افقيا وعموديا ، فشكلت طبقه تنفيذيه حاكمه جديده كما قال الدكتور مروان المعشر نائب رئيس الحكومه الاردنية الاسبق وعراب الاجندة الوطنيه ، التي انتقلت لرحمته تعالى بحجج ومبررات واهيه . وسعت هذه الطبقه التي لاتزيد عن 10% من السكان ،بكل قوتها للحفاظ على مصالحها وحدها فقط ، فارتكبت من الخطايا الكثيرمما لايمكن حصره ، دفاعا عن مصالحها وحدها ، واختطفت الوطن ،واحتكرت امتيازاته ومكتسباته وخيراته ، وحولت الاردنيين الى طالبي مساعدات في جميع مجالات الحياه ، محاولة كسر شكيمتهم رغم ان احدا لايمكن ان يجرؤ على ذلك ،لان الاردنيين اكثر شعوب الارض عزة وكرامة وكبرياء .
نظام الحزب الواحد في الاردن
---------------------------
وانتهجت الطبقه الحاكمه الجديده نظاما اشرس من نظام الحزب الواحد ، الذي كان يحكم الدول الشموليه في القرون الماضيه ، وتجاوزته كثيرا ، حين عملت ليس على ضمان استمراريتها في تولي المناصب التنفيذيه المهمه فحسب ،بل انها ضمنت هذه المناصب لابنائها واحفادها ، في سابقة تاريخيه، لم يشهدها العالم ، حتى ولو اضطرالأمرالى تفريخ مؤسسات وهيئات رسميه ، يتولى الابناءوالاحفاد قيادتها ، برواتب تفوق رواتب الدول النفطيه . وهكذا خانت هذه الطبقه امانة المسؤولية ، واوغلت في الموبقات السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه والتعليميه والاداريه بموجب خريطة طريق سريه ،وضعها قادة هذه الطبقه، على حساب الوطن ومواطنيه.
خريطة طريق سوداء
-----------------
ولا اعتقد ان اردنيا واحدا لايعرف تفاصيل خريطة طريق مؤسسة الفساد التي يمكن اختصارها بما يلي:
بيع مؤسسا ت الوطن الانتاجيه باسعار شبه مجانيه ، بحجة سداد المديوينة التي تضاعفت 400 % ، خلال العقد الماضي، فضاعت مؤسسساتنا وزادت المديونية .
تدميرالعملية التعليميه ،خصوصا في الجامعات ،بحيث اصبح اكثر من65 % من الطلبة المقبولين في الجامعات من ذوي العلامات المنخفضه ،الذين "سرقوا " مقاعد اصحاب العلامات المرتفعه , مما ادى الى نشر العنف في الجامعات الاردنية ، وميلاد طبقه جديده من المسؤوليين ، ممن يرون ان التطاول على حقوق الاخرين ، هو الاصل والاستثناء هو القاعده .
تعيين الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب ، وهي خطه استخباريه قديمه ،ادت الى انهيار دول
وامبرطوريات ، فتراجع الجهاز الاداري الاردني الذي كان انموذجا عربيا ، واصبح الفساد سمته الاساسيه،
واصبح اقصر الطرق للثروة واسرعها تسلم مناصب قياديه .
سيطرة العنف الكلامي والجسدي والمسلح على الحياه العامه في الاردن ، اذ لايكاد مكان في الاردن يخلو من عنف منظم سواء في الجامعات ،او المستشفيات ، اوالحافلات، او المؤسسات الحكوميه ،او المدارس ،او البلديات ،او حتى المراكز الامنيه، ناهيك عن العنف في الشوارع ،والحارات داخل المدينة الواحده ، وبين العشائر بعضهاببعض ، وبن ابناءالعشيرة الواحده .وتم الاستعانه بضعاف النفوس لتحقيق ذلك ، باغراءات ماليه اوامتيازات -تحت ضغط الحاجه ، بل وتم تجنيد بعضهم للتصدي للمسيرات الاصلاحيه بالشتانم اللااخلاقيه والحجاره والسلاح الابيض ، مما شوه وجه الوطن وصورته
انتشار البطاله ، وتدني الاجور ، وانخفاض مستوى المعيشة ، وانتشار الجريمه ، والمخدرات ، والاغتصاب
والشذوذ ، تراففه تعبئة اسنتهلاكيه اعلاميه واسعه ، وفتح الحدود لماهب ودب من البشر ، مما زاد من حجم هذه الظواهرالسلبيه ودمر المجتمع الاردني الذي كان الافضل عربيا في عقود سابقه
ظهور طبقات من التجار والراسماليين ورجال الاعمال الجدد ، الذين نسجوا تحالفا غير شرعيا ، مع
شخصيات مسوؤله في الطبقه التنفيذيه الحاكمه ،لتمرير صفقات تجاريه وعطاءات ومصالح مشتركه
على حساب المال العام وصحة المواطن
- ابعاد المخلصين الحقيقين عن سدة الحكم بمبررات قانونية او اجبارهم على ذلك
- اختفاء الرقابه الحكوميه تماما وتعيين شخصيات ضعيفه في اماكن الرقابه الرسميه لضمان صمتهم
- رفض متنفذين في الطبقه الحاكمه ، تغيير الانظمه والقوانيين التي تكرس حكم الشعب ، رغم توجيهات الملك
بتغييرها ، بدعوى ان عمليةالتغير ، ستقوض دعائم النظام رغم انها ستجعله عزيزا منيعا للابد ,ويبدو انهم
لايريدو ن ذلك .حتى انهم والبرلمان الاردني العتيد رفضوااقرار قانون من اين لك هذا حتى لايتم كشفهم
،واستبدلوه بقانون الذمه الماليه الذي لايعني شيئا سوى الضحك على الاردنيين .
تهميش مؤسسات المجتمع المدني ، والنقابات الوطنيه ، والمؤسسا ت الشعبيه ، واتهامها بالعماله للخارج
وعدم مشاورتها والاتصال معها ، حتى فيمايخص شؤونها الداخليه ، رغم ان شعاب مكه ادرى بشؤونها .
- تدخل الطبقه الحاكمه في السلطات التشريعيه والقضائيه والبرلمانيه والرقابيه والنقابات والهيئات والصحافه
والاعلام ،وتوزيع الاموال على طريقه–اعطه ياغلام- للتغاضي عن الفساد،والامعان في تدمير الوطن.
ا لاسراف في المال العام وانتهاكه ، والتصرف بممتلكات الوطن ،كانها لهم ،وتغيير الأنظمه والقوانيين
لمصالحهم الشخصيه
جمع المساعدات الخارجيه باسم الشعب والفقراءوالمعاقين والوافدين واللاجئين ، وتكديس قسم منها في
حسابات سريه خاصه بهم
- انشاء مؤسسات وهميه خيريه للمتاجره بالام االشعب وجمع المال باسمهم في حين يصب في خزائنهم
تحركات دوليه مشبوهه
----------------------
وترافق مخطط الطبقه التنفيذيه الحاكمه ، وخريطة طريقها السوداء هذه ، مع تحركات دولية مشبوهه ، وتصريحات سياسيه ، وانفجارات شعبيه في دول الاقليم ، ورفض أي مبادرة سلام حقيقيه بشأن القضيتين الفلسطينية والسوريه ، لان السلام عدو للفاسدين. فهم لايعيشون الا في المياه الاسنه والاماكن المظلمه ، ويرون في السلام الاجتماعي والسياسي والاقتصادي مقتلا لهم وانتصارا للاصلاحيين .
سياسة " الفزاعات " لارهاب الاردنيين
------------------------------------
وتتضمن خريطة الطريق الخاصه بالطبقه التنفيذيه الحاكمه ، اثارة الذعر والهلع بين صفوف المواطنيين من كل المنابت والاصول ،ونشر المخاوف بينهم ، بان أي تغيير اصلاحي سيؤثر على مكانة هذه الفئة او تلك ، ودورها في الدولةالاردنية ، او انها ستؤثر على تركيبة النظام ومستقبله ، رغم انهم يعرفون في قرارة انفسهم ان لاخلاف بين جميع مكونات الشعب الاردني على النظام او الدولة الاردنية ، وان الجميع يرفع شعار الاصلاح في ظل النظام، بل ويرفض الجميع اية محاولة من اية جهة لاستغلال مطالب الاصلاح ، للمس بالنظام .
يؤكد ذلك الخلافات بين الاسلاميين المتطرفين والحركات القوميه واليساريه والشعبيه في الاردن التي لفظت الاسلاميين حين توجهوا للقاء مسؤوليين استخبارين غربيين للتنسيق معهم للضغط على النظام الاردني ،مقابل دعم الاسلاميين في العالم العربي لنظرية الفوضي الخلاقة التي تكتسح المنطقه
خطران يواجهان الاردن
------------------------
ان الاردن في خطر اذ انه اليوم يعاني من خطرين يعملان سويا دون تنسيق مسبق ، ويعتقد كل منهما انه يعمل ضد الاخرفي حين ان كلامنهما يكمل الاخر . وهذا الخطران هما :
الاول : الحكومه الجديده : هي راس رمح الطبقه التنفيذيه الحاكمه التي قامت باعداد انظمة وقوانين وممارسة
سياسات تقوم بدون وعي بتوتير الشارع الاردني وتحريضه على التغيير السلبي من خلال تحديه
بقوانيين عرفيه واستعلائيه واقصائيه : قانونا الانتخاب والمطبوعات
الثاني : الجماعات الاسلاميه الاردنية التي ارسلت متطوعيها لسوريا كما ارسلت منظريها وقادتها الى
مصروتونس وليبيا والغرب للاتفاق على اليات التغيير في الوطن الاردني .
قانونان معاقان : الانتخاب والمطبوعات
-----------------------------------
1- قانون انتخاب معاق واقصائي : لايقوم على اسس العداله الديمغرافيه بين سكان المدن والارياف والباديه
2- قانون عرفي للمطبوعات في الوقت الذي الغت فيها دول العالم الحر قوانيين المطبوعات فيها
وكأن رئيس الحكومة زعيم الطبقه التنفيذيه الحاكمه اراد من هذين القانونين توجيه رسالتين للشعب الاردني:
الرساله الاولى :انه ضد العداله الديمغرافيه رغم توجيهات الملك وتقاريرالخارجيه الامريكيه التي اكدت في
تقاريرها وعلى مدى العقد الماضي على ضرورة تحكيم العداله في أي قانون انتخابي
مما يعني ان زعيم اليمين الاردني يسعى لان تحكم الاقليه الاكثريه رغم كل المضاعفات
المترتبه على ذلك ورغم ان العالم الحر سيتحرك للحيلولة دون ذلك
الرساله الثانيه : ان زعيم اليمين الاردني حريص على خنق الحريات الصحافيه والاعلاميه والتي هي اساس
تقدم اية دولة ومعيار ديمقراطيتها والتي بدونها لامعني اصلا لوجود الحكم او التشدق
بالديمقراطيه . فالصحافه والمواقع الاليكترونية هي عيون الشعب واذانه وضميره وقلبه
النابض بالحياه وحاضره ومستقبله ممايجعل أي قيد عليها استهتار بالشعب كله وحكم بالاعدام
عليه
اجراءات الحكومه وممارسات الاسلاميين
توتران الاوضاع المحليه لصالح المجهول
-------------------------------
تؤكد ممارسات حكومةالدكتور فايز الطراونة والجماعات الاسلاميه ، انهما يسيران في خط واحد ليس متواز، فكلاهما يسعى الى توتير الاوضاع العامه ،والضغط على الشعب والنظام في ان واحد ، ناسين ان النسيج الاجتماعي في الاردن يختلف عنه في جميع الدول العربيه ، ممايجعل اللعب بالنار خطيرا جدا .
فالاردن هو الدولة العربيه الوحيده، التي اسست على اساس تعدد الجنسيات والمذاهب والقوميات والاعراق والطوائف ، بحيث اصبح ابناء البلد الاصليين اقل نسبة من مجموع السكان ، وهي سمة لاتوجد في أي قطر عربي .
ورغم ان التعدديه الديمغرافيه ايجابيه ، وهي اساس لبناء الدول الحديثه كماهو الحال في امريكا وجنوب افريقياواسترالياوكندا وحتى اسرائيل ، الا ان الطبقه التنفيذيه الحاكمه ، استثمرت التعدديه سلبيا ، من اجل مصالحها فقط.. فبدلا من ان تكون التعدديه رافعة للاردن اصبحت عبئا عليه .
في الاردن مايقر ب من خمسين جنسيه ، اختاروا الاردن وطنا لهم عن وعي وسبق اصرار بسبب طبيعة الشعب الاردني المضياف اصلا ،والبعيد فطريا عن التعصب . وبسبب القياده الهاشميه المعتدله التي حرصت ان تجمع الخمسين حنسيه في اطارها وفي كنفها ، دون ان تغبن حقوق الاخرين ، بل انهاعظمت تلك الحقوق في توازن سياسي واجتماعي ودفاعي وامني ، لاتقوى على صنعه الاقيادة استعانت بخيرة الاردنيين ،ليبقى الاردن لكل من فيه ، ولكل المظلومين والمسحوقين تماما كما هو لكل ابنائه . ولكن الواقع يختلف احيانا تبعا لممارسات الطبقه الحاكمه .
صحيح ان مايعانيه الاردن اليوم هو الاخطر منذ تاسيسه ، ولكن الاكثر صحه ان الشعب الاردني بكل مكوناته، وبالتفافه حول قيادته ، قادر معها وبها على تجاوزهذه المحنه من خلال ، احداث تغيير كلي في منظومة الحياه السياسيه، واعادة هيكلة الدولة الاردنية ، بحيث تعود الحقوق الى اصحابها ،ويصبح العدل اساس الملك ، والشعب مصدر السلطات الحقيقي ، والمسؤول خادم للشعب ، والمواطن اساس الوطن ، والحريه تاج على راس النظام وعلى رؤوس كل الاردنيين من كل المنابت والاصول .
وهكذا فقط يمكن بناء الاردن الحديث الجديد الحر .
صحفي وباحث