من المسؤول عن أزمة الطاقة بالأردن؟
24-08-2012 06:02 AM
بقلم : د. باسل برقان / جمعية أصدقاء البيئة الأردنية..
قامت حكومات سابقة بإصدار الإستراتيجية الوطنية للطاقة في عام 2004 باللجان والخبراء الوطنيين، ثم أعيد تشكيل اللجان ليعاد تعديل الإستراتيجية الوطنية للطاقة في عام 2007 وبحيث أعطت الإستراتيجية 6% للطاقة النووية و 10% للطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكلي عام 2020 وليتم حل مشكلة الطاقة بالأردن. تفاجأ الجميع بسرعة تكوين هيئة الطاقة الذرية الأردنية والتي وافق البرلمان الخامس عشر بأشهر على قانونها في عام 2008 والتي صرحت فيما بعد عن نيتها إنشاء 5 مفاعلات نووية حيث يكون أول إثنان بإستطاعة 2200 ميغاواط في عام 2020 (والباقي في 2030) وهذا بحد ذاته مخالف للإستراتيجية الوطنية كونها أعطت النووي 6% والهيئة تريد نسبة 44% في عام 2020 من خليط الطاقة (و 55% في عام 2030) كون أعلى إستهلاك متوقع في عام 2020 هو 5000 ميغاواط بالساعة إذا تم أخذ زيادة سنوية 7% على أعلى إستهلاك حالي.
وبذات الوقت تم إصدار قانون الطاقة المتجددة الذي إستغرق 4 سنوات ليخرج الى أمر الواقع حبث صوت بالموافقة عليه في مجلس الأمة السادس عشر إلى أن صدرت مؤخراً من هيئة تنظيم قطاع الكهرباء تعليمات توضح أسعار البيع على الشبكة لكل من يقوم بإنشاء محطة طاقة متجددة خاصة حيث كانت التعرفة مفاجئة للشعب الأردني ومستهجنة جداً!! صدرت تعليمات تعرفة بيع الكهرباء من المصادر المتجددة المملوكة للقطاع الخاص إلى شركة الكهرباء على سعر 12 قرش للكيلوواط بالساعة إذا كان المصدر طاقة شمسية و8 قروش ونصف للكيلوواط بالساعة إذا كان المصدر طاقة رياح! وهذا فعلاً غريب في وقت يكلف إنتاج الكيلوواط بالساعة 19 قرش من حرق الوقود الثقيل (وحتى بعودة الغاز المصري وعلى أسعارالغازالجديدة سيكلف الكيلوواط ساعة ما لا يقل عن 12 قرش). فبأي حق تقوم الحكومة بفرض تعرفة منخفضة لبيع الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة وهي في كل دول العالم تباع أعلى من الغاز والوقود الثقيل..!! يؤخذ بالعلم بأن زيادة الإعتماد على إنتاج الطاقة من المصادرالمتجددة هو مفيد للأردن وللعالم حيث تقلل من مستوى التلوث الناتج عن الحرق ومفيدة للحكومة الأردنية حيث أي حكومة تثبت تقليل إنبعاث الكربون تتقاضى على ذلك آلاف الدولارات من صندوق عالمي مختص بتقليل انبعاث الكربون على الكرة الأرضية حفاظاً من الإنحباس الحراري.
وللعلم أيضاً فإن تعرفة بيع الطاقة المتجددة من الشمس في فرنسا ومن المنازل هي 50 قرش بضمان 20 سنة و 44 قرش من الشركات الصناعية والتجارية. وفي ألمانيا تبيع المنازل طاقة كهربائية من المصادر الشمسية إلى الشبكة الألمانية على سعر 24 قرش للكيلوواط بالساعة. فلماذا نحن أقل وبنسبة كبيرة..؟؟
والمؤلم أيضاً أن تعليمات هيئة تنظيم قطاع الكهرباء تفرض أن لا يتعدى تركيب مصادر الطاقة المتجددة في أي منزل عن 25% من معدل إستهلاك ذلك المنزل السنوي وبحيث إن أنتج المنزل كهرباء من لوحات فوتوفولتية مثلاً أعلى من 25% من معدل إستهلاكه فعليه بيعها للشبكة..!! وهذا يعني أن التعليمات صدرت لتبقى الهيمنة لشركات حرق الغاز والبترول والوقود الثقيل وليستمر التلوث بإنبعاث غازات الكربون فتؤثر سلباً على ظاهرة الإنحباس الحراري التي أحسسنا بها الشهر الفائت.
يؤكد المختصين بأن بناء محطات تجارية للطاقة المتجددة (ان كانت طاقة شمسية أم طاقة رياح) لا يتجاوز بنائها 12 شـهراً بينما محطة طاقة نووية بحاجة إلى 8-10 سنوات من بناء وتدريب وتأهيل وتشغيل وفي وطننا الذي يتعطش اليوم لآمان الطاقة وسيادتها. وللعلم فإن إضاءة كل الأردن بمحطات طاقة شمسية مركزة CSP لا يحتاج إلى مساحة أكبر من 300 كم2 في منطقة معان ويوفر ما لا يقل عن 30 الف وظيفة عمل للأردنيين (المرجع http://www.nrel.gov/docs/fy06osti/39291.pdf ). ونتعجب لما لم تقم هيئة الطاقة النووية خلال الخمسة سنوات الماضية من عملها بإصدار دراسة الجدوى الإقتصادية للطاقة النووية ودراسة تقييم الأثر البيئي والتي لا زالت تزاول أعمالها وتخصص لها ملايين الدنانير سنوياً من الميزانيات، و هذا مجحف بحق الوطن ومخالف للقوانين الأردنية وفي وقت تصدر به تعليمات تمنع المنزل من إنتاج كامل كهربائه خلال وجود أزمة خانقة للطاقة بالوطن..!!
فنسأل السؤال : من المسؤول عن أزمة الطاقة بالأردن..؟؟