صندوق النقد الدولي .. والشفافية المطلوبة فيصل السرحان
23-08-2012 05:07 PM
لقد ابدعت حقا" الحكومة المصرية يوم أمس ممثلة برئيسها الدكتور هشام قنديل حينما عقد مؤتمرا" صحفيا" مطولا" في مقر رئاسة الوزراء وبمشاركة رئيسة صندوق النقد الدولي السيدة كريستين لاجارد تحدث كلاهما فيه عن القرض الدولي المقدم للحكومة المصرية والمقدر ب 3,4 مليار دولار لمعالجة ميزان المدفوعات والتشوهات المالية في الموازنة العامة للدولة، وان اكثر ما شد انتباهي خلال متابعتي لوقائع المؤتمر هو مستوى الشفافية الملفت الذي اتسم به طرح الموضوعات والاجابة عن ما اثير من تساؤلات . لقد كشف رئيس الوزراء المصري في هذا المؤتمرعن كافة المعلومات التي يحتاجها المواطن المصري بشأن هذا القرض من حيث الموجبات والفوائد والاهداف وهو ما كان يؤرق المواطن المصري سابقا" والذي لم يكن يلحظ لاحقا" الا تفاقم حجم مديونية دولته وتراجع مستوى معيشته وتخلخل منظومته الاجتماعية .
اني لا أهدف في هذا المقال تمجيد رئيس وزراء مصر أو تلميع صورته ، ولكني أتمنى على رئيس وزراءنا الحالي أو الرؤساء القادمين أن يكونوا مثله شفافين في طرح القرارات الاستراتيجية والمصيرية التي تمس حياة المواطنين الذين يرؤسونهم والذين هم بحكم الدستور شركاء لهم في صنع القرار واتخاذه ، سيما وأن المملكة بنهاية ماراثون اللجوء الى اقتراض مبلغ يتجاوز المليار دولار من صندوق النقد الدولي ، والشفافية التي نتطلع اليها هنا وفي هذا ألشأن بالذات تتمثل في ادراك صاحب الولاية بضرورة التواضع والاقرار بحق المتولى عليهم في الحصول على اجابات شفافة وواقعية لعدد من التساؤلات ما فتئت تفت في عضدهم وتؤرقهم وتفقدهم مساحات جميلة من مروج انتماءهم لوطنهم وثقتهه بمسؤليهم .
فالمطلوب واعتبارا" من هذه المرحلة التسامي فوق الاخطاء والالتفات الى ترتيب البيت الداخلي وترميم ما أصاب اركانه من تشوهات ومنغصات على أساس دستوري وقانوني ، كأن يضعنا رئيس الوزراء نفسه مثلا" ، بالصورة الوافية عن كافة الامور المتعلقة بهذا القرض والتي تشمل الغاية منه وفي اي المشاريع سيتم استخدامه ، وهل هذه المشاريع مبنية على اسس علمية وبمشاركة أبناء المناطق المستهدفة وقطاعات الانتاج المشاركة ، وهل هذه المشاريع خاضعة للرقابة والمراجعة وممن ، وهل صندوق النقد الدولي شريك في هذه المراجعة والمراقبة أيضا" ، وما هي الغاية والقيمة المضافة للاردن وابناءه من جراء هذه المشاركة ؟
ونتطلع أيضا" الى احاطتنا علما" ومن قبل دولة الرئيس شخصيا"وليس أقل من ذلك بقيمة القرض الفعلية ، وفترة سداده ، وفترة السماح لبدء التسديد ، ومقدار نسبة خدمة هذا القرض سنويا" ، وما هي اسباب العزوف عن اللجوء الى الاقتراض الداخلي بدلا" من الخارجي ؟ وما هي نسبة النمو المقدرة من الناتج المحلي التي سيساهم فيها هذا القرض، وهل سيخفف من معدلات البطالة المتزايدة وكيف ، وهل بالمحصلة سيساهم في تخفيض أو انقاص الاعباء المالية المترتبة على الدولة من حيث ترشيد الاستهلاك الحكومي وتحسين الايرادات ودفع عجلة التنمية ؟؟
أعلم تماما" ان خبراء صندوق النقد الدولي يقيمون الاستراتيجية المالية والبرامج الاقتصادية للدول الراغبة بالاقتراض ، ويقدمون شهادة بالاعتمادية من عدمها لغايات الاقراض في نهاية المطاف وان هذه الاعتمادية تمنح الدول المقترضة مزايا سياسية واقتصادية كثيرة منها : تشجيع الدول الاخرى للقيام بتقديم الهبات والمساعدات والقروض بشروط سهلة وميسرة ، وتشجيع المستثمرين بالقدوم للبلد والاستثمار فيه، اضافة الى ان هذه الاعتمادية تساعد عاى تحقيق الاستقرار والامن الاجتماعي من خلال توفير فرص عمل جديدة ومتنوعة وخاصة في المناطق التي لم تحظى بفرص محفزة ومدرة من قبل .
فهل يا ترى نرى باكورة اصلاح جديدة في هذا الشأن طالما حلمنا بها ، وهل سيبادر دولة الرئيس بحمل مشعل هذه الباكورة بنفسه ؟ ألايام القليلة القادمة ستكشف ذلك !