الرجل الذي يقف وراء مرسي !
حسين الرواشدة
23-08-2012 05:28 AM
ليس المقصود - بالطبع- من هذا العنوان ما روّجت له وسائل الاعلام التي “امتهنت” تجريح الرئيس المصري وانتقاده، لاسباب غير بريئة، حيث اشارت الى ان الشخص الذي يقف وراءه هو ذاته الشخص “المجهول” الذي كان يقف خلف نائب الرئيس آنذاك عمر سليمان.
ما اعنيه هنا هو “العقل” الاستراتيجي الذي اشرف - وما يزال - على مشروع “النهضة” الذي تبناه الاخوان المسلمون عندما رشّحوا “مرسي كبديل لخوض انتخابات الرئاسة، واسمه - لمن لا يعرف - عزت الشاطر.
منذ ان سقط “مبارك” اسندت مهمة “صياغة” واعداد مشروع “الحكم.. وادارة الدولة الذي رتّب الاخوان من اجل الوصول اليه وتحقيقه للمهندس عزت الشاطر الذي خرج آنذاك من السجن، وفعلا بدأ الرجل بالعمل، واستعان بخبراء من خمس دول منها تركيا وماليزيا والسويد وجنوب افريقيا، وآخذاً من كل دولة افضل تجربة حققت فيها نجاحات ملموسة، وفي موازاة ذلك شكل “لجان” خبراء وفقهاء من كافة الميادين القانونية والسياسية، شارك فيها اشخاص من مختلف الوان الطيف السياسي من المشهود لهم بالخبرة والكفاءة.. وانتهى الى تقديم تصورات وخطط عملية مفصلة “كدليل” لادارة شؤون الدولة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
عنوان المشروع كان “النهضة” وفكرته الاساسية تنطلق من ضرورة انطلاق مصر كرائدة لحمل هذا المشروع والخروج تماما من عزلتها التي وضعها فيها النظام السابق، ولكن هذه النهضة لا يمكن ان تتحقق بدون اقامة مصالحة مع ثلاث قوميات تشكل “عصب” المنطقة وهي: القومية العربية والقومية التركية والقومية الفارسية، وذلك في اطار “الجامع الاسلامي” الذي يعتبر مرجعية لكل هذه القوميات.
تصوّر “الشاطر” اصبح بعهدة الرئيس مرسي، وقد بدأ التنفيذ فعلا، ابتداء من اجراءات “ازاحة العسكر” وتهيئة المناخات السياسية لدولة مدنية، ثم تطهير سيناء واستعادة الامن القومي المصري، وصولا الى “زيارة مكة” وتطمين الاشقاء السعوديين على مستقبل علاقاتهم مع مصر، وانتهاء بزيارة مرسي لايران، وهي الزيارة التي شكلت “انعطافة” تاريخية في “دور” مصر وعلاقاتها الاقليمية.. كما شكلت “صدمة” لتل ابيب التي تعتقد ان طهران هي عدوها الاساسي في المنطقة.
الاخوان في مصر ليسوا بعيدين عن “السلطة” حتى وان استقال مرسي من الجماعة والحزب، وما نراه اليوم هو مجرد خطوات “ذكية” ومدروسة تماما، و”بطل” القصة هو “المهندس عزت الشاطر” الذي كان مرشح الاخوان “الاصلي” للرئاسة، والرئيس مرسي هو من يقف في الواجهة ويتولى اخراج هذا المشروع “للعلن” بما اثبته من امكانيات وكريزما” شعبية وقيادية.
نحن الان امام”مصر” وهي تحمل مشروعا “للنهضة”، ربما تكون اولويات الداخل هي الاهم، لكن يبدو ان اولويات الخارج، سواء في اطاره العربي والاسلامي، او الانساني العام، اخذت تدرج على قائمة التنفيذ، وهذا لا يمكن فهمه، من زاوية “التكتيك” السياسي فقط، وانما من زوايا “المشروع العام للنهضة” الذي يتنباه الاسلاميون هناك.
اعتقد ان “التغيرات” التي ستصيب الديار المصرية سيكون لها اصداء وتداعيات كبيرة على عالمنا العربي.. كما اعتقد ان “مشروع النهضة” العربي والاسلامي الذي توقف بعد وفاة دعاة “الاحياء والاصلاح” وفقهائه، وجد الان من يستأنفه، لا في اطار - التنظير فقط، وانما الممارسة ايضا، خاصة وان احفاد الافغاني والبنا وعبده قد آل اليهم “الحكم” والسلطان.
ـ الدستور