عمون - انتهى شهر الصوم، وجاء العيد، وانتهت عطلته، وعاد الدوام كالمعتاد. وعلى كل موظف طلب من مراجع العودة إليه بعد العيد الوفاء بوعده، وعدم التكاسل في العمل. أما الشوارع، فلن تكون فارغة ساعات الغروب، وعلى سائقي "التكسيات والسرفيس والباصات" الهدوء مجددا، فوقت الإفطار عند المغرب رحل إلى عام جديد، وعليهم عدم الاستمرار في تحويل شوارعنا إلى ساحات سباقات "رالي" وسرعة، شاهدنا بعضها طوال الشهر الفضيل.رحل رمضان، كما رحل العيد، ورحلت إشاعات العيدية والزيادات، فالوضع لا يحتمل، وخزينة الدولة تقف عند خط الخطر، والمديونية وصلت إلى أرقام غير مسبوقة، وخدمة الدين ترتفع، وصندوق النقد الدولي لديه شروط علينا تلبيتها قبل أن يتكرم علينا لكي يقرضنا مليارين من الدولارات.
ورغم أن المواطن يعرف جيدا حال البلاد والموازنة، إلا أنه يأمل بمصباح علاء الدين ليخرج له جني القمقم، ويلبي له مطالبه وحاجياته؛ فهو (المواطن) بالكاد استطاع عبور شهر رمضان في ظل أسعار كانت لا ترحم، وقدرة شرائية متدنية، ورواتب لا تكفي لأول أسبوعين من الشهر، ولذلك يحلم بعيدية هنا، وفرج و"تسليكة" هناك، وشعاره: "ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل".يعرف هذا المواطن "الصابر" أن هذا العام يختلف عن أعوام سابقة؛ فبالإضافة إلى الضغط المالي غير المحتمل في رمضان والعيد، عليه مواجهة ضغط أكثر شدة يتمثل في موسم العودة إلى المدارس.
أعان الله المواطن وهو يرى كل ما حوله وقد أصابه ارتفاع إلا راتبه ودخله؛ فالراتب كما هو منذ سنوات، والدولة -بطبيعة الحال- لا تملك من أمرها شيئا، ولا تستطيع حتى الحديث عن رفع رواتب، في ظل عجوزات موازنة غير مسبوقة. وحال القطاع العام ينطبق أيضا على القطاع الخاص الذي لا يبادر إلى رفع رواتب مستخدميه إلا تحت ضغط الحاجة حينا، والإضرابات والاعتصامات أحيانا أخرى. وكل المواد الاستهلاكية، سواء كانت ضرورية أو غير ذلك، ارتفعت، وبقي الراتب على حاله، يُستنزف أول الشهر، ومن ثم تجري عمليات "تلبيس طواقي" من الشهر الحالي إلى الشهر المقبل.. وهكذا دواليك.
أعان الله المواطن الذي عليه البحث عن "طاقة فرج" جديدة لمساعدته في توفير مستلزمات عودة المدارس، والتي تتطلب شراء قرطاسية وأدوات وملابس وحقائب وأحذية، و"بدل رياضة"، وزي مدرسي، فضلا عن أثمان كتب وتوفير الرسوم.قد يقول قائل: "إللي معوش مبلزموش، ومفيش داعي للمدارس الخاصة"، باعتبار أن الحال في المدارس الحكومية تختلف عن المدارس الخاصة. ولكن حقيقة الأمر غير ذلك؛ فكلتاهما بحاجة إلى مصاريف، ربما هي في المدارس الخاصة أكثر، ولكن للمدارس الحكومية مستلزماتها أيضا.
فالمواطن الذي يرسل 5 أطفال إلى المدرسة، سواء حكومية أو خاصة، عليه شراء 5 حقائب بتكلفة أقلها 60 دينارا، فضلا عن دفاتر وقرطاسية أخرى بما يقرب من 100 دينار، ورسوم وملابس رياضة، وزي مدرسي، وهي تكلفة تناهز أكثر من 200 دينار، بمعنى أن المواطن بحسبة ضيقة جدا، وبغض النظر عن المدرسة أكانت حكومية أم خاصة، عليه دفع ما يقرب من 500 دينار.كان الله في عون الأسر التي واجهت هذا الصيف حرا لاهبا، وانقطاع مياه متكررا، وارتفاع فواتير كهرباء وماء مهلكا، إضافة إلى شهر رمضان الذي تكثر فيه مصاريف ضرورية وغير ضرورية، وارتفاع أسعار، وكذلك مصاريف عيد وما تتطلبه من موازنة مضاعفة. اليوم على الأسر الأردنية مواجهة موسم العودة إلى المدارس، وما يتطلبه ذلك من مصاريف جديدة. وهذا يتطلب من الحكومة مراقبة الأسواق، ووضع حد لجشع تجار يستغلون الحال، وإعادة النظر بسياسة ضبط السوق وعدم تركها "هبات هبات".
"الغد"