تصادف اليوم الذكرى الثالثة والاربعون لجريمة إحراق المسجد الاقصى حيث اقدم بتاريخ 21/8/1969 الإرهابي اليهودي الأسترالي «دينيس مايكل روهان » بإحراق المسجد الأقصى المبارك ، وبعد عامين من الاحتلال الصهيوني للقدس .
ارتبطت مدينة القدس في العصر الحديث بالهاشميين ارتباطا وثيقا، وأولوها عناية كبيرة فهي مسرى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، وفيها المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومسجد قبة الصخرة المشرفة، فقاموا بترميم وإعادة إعمار الأماكن المقدسة فيها اربع مرات في القرن العشرين. والاعمار الرابع كان بتكليف ومتابعة وتوجيه مباشر من جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حيث انجزت جامعة البلقاء التطبيقية في الخامس والعشرين من شهر تموز من العام 2006 عادة ترميم وبناء منبر صلاح الدين الدين الايوبي والذي شملته النيران عندما تعرض المسجد الأقصى للحريق المتعمد الذي نفذه يهودي متطرف من اصل استرالي بتاريخ 21 آب 1969 . وبدأ طاقم هندسي اردني وفنيين بتاريخ 24/01/2007 في اعادة بناء منبر صلاح الدين الأيوبي في المسجد الاقصى واستمرت عملية البناء والتركيب اسبوعين . بعد ان تم انجازه ووضع التصاميم واعادة بناء المنبر في جامعة البلقاء التطبيقية تحت اشرف مهندسين وخبراء من دول اسلامية عدة. واستغرقت عملية بناء المنبر اربع سنوات وبلغت تكلفته مليونا و200 الف دينار اردني تبرع بها جلالة الملك عبدالله الثاني لبناء المنبر .
الدور الهاشمي مميز في الحفاظ على المقدسات الاسلامية واعادة اعمارها ومتابعة تزويدها بالاحتياجات اللازمة لديمومة عملها وحفاظا على قدسية ومكانة مدينة القدس ، وفيما يلي لمحة مختصرة عن جهود الهاشميين في هذا المجال .
الإعمار الهاشمي الأول
وهو الإعمار الذي انجز سنة 1924 م على بتوجيه ومتابعة من قبل الشريف حسين بن علي ونجله الامير المؤسس عبدالله بن الحسين. فقد تبرع الشريف حسين بمبلغ 24 ألف ليرة ذهبية لتنفق على إعمار المقدسات الطاهرة، وتم تسليم المبلغ إلى رئيس لجنة إعمار الحرم القدسي الشريف الحاج أمين الحسيني رحمه الله بأشراف الأمير عبدالله بن الحسين، وقد اشتمل هذا الإعمار على:
• تجديد عمارة قبة الصخرة المشرفة.
• تجديد عمارة المسجد الأقصى.
الإعمار الهاشمي الثاني
بعد تولي الملك الحسين بن طلال رحمه الله سلطاته الدستورية عام 1953 ، أولى القدس والمقدسات الدينية عناية واهتمام كبيرين، فقد أمر عام 1954 بتشكيل لجنة لإعمار المقدسات الإسلامية في الحرم القدسي الشريف تحت الرعاية الهاشمية.اشتمل هذا الإعمار على ترميم جدران المسجد الخارجية، وتركيب أعمدة رخامية لأربعة أروقة. وتركيب نوافذ من الزجاج الملون وترميم السقف والجدران الداخلية والخارجية. تركيب قبه خارجية من الألمنيوم ذهبي اللون. تركيب رخام للجدران الداخلية والخارجية، وإعادة ترميم الفسيفساء فيها. ترميم البلاط القيشاني الخارجي وزخرفتها بأيات قرآنية من سورة "يــس" وسورة "الإسراء". وبعد إتمام الإعمار اقيم احتفال بتاريخ 6 يوليو 1964 م في الحرم القدسي الشريف برعاية جلالة الملك المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال طيب الله ثراه .
الإعمار الهاشمي الثالث
جاء هذا الإعمار بعد أن تعرض المسجد الأقصى للحريق المتعمد عام 1969، و بلغت المساحة المحترقة من المسجد أكثر من ثلث مساحته الإجمالية، حيث احترق ما يزيد عن 1500م2 من المساحة الأصلية البالغة 4400م2 وأحدثت النيران ضررا كبيرا في بناء المسجد الأقصى المبارك وأعمدته وأقواسه وزخرفته القديمة، وسقط سقف المسجد على الأرض نتيجة الاحتراق وسقط عمودان رئيسان مع القوس الحامل للقبة كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والمحراب والجدران الجنوبية وتحطم 48 شباكا من شبابيك المسجد المصنوعة من الجبص والزجاج الملون، واحترق السجاد وكثير من الزخارف والآيات القرآنية.
واستمر هذا الاعمار إلى عام 1994، بأمر من الملك المغفور له بإذن الله الحسين بن طلال طيب الله ثراه ، إذ تم تشكيل لجنة من العلماء والمهندسين والفنانين المختصين لإعادة إعمار المسجد المبارك وقبة الصخرة المشرفة، والمباني الدينية الأخرى في الحرم القدسي الشريف. وقد تبرع الملك الحسين بن طلال رحمه الله، بتكاليف الإعمار بمبلغ( 8.25 )مليون دينار أردني. وشمل هذا الإعمار الهاشمي الثالث اعادة ترميم وإعمار كل ما يتعلق المسجد الأقصى المبارك حيث تم تنفيذ ما يلي :
• إزالة آثار الحريق الذي دمر حوالي ثلث المسجد.
• إعادة صنع منبر المسجد الأقصى لتأتي صناعته أقرب مايكون للمنبر المحترق.
• ترميم القبة الخشبية الداخلية والرخام والأسقف والأقواس والأعمدة والزخارف.
• إعادة تركيب القبة الخارجية باستبدال ألواح الألمنيوم بأخرى من الرصاص، وأعيد تركيب سورة الإسراء بالفسيفساء المذهبة.
• تركيب جهاز للإنذار وإطفاء الحريق.
إعمار قبة الصخرة المشرفة
كان أعظم ترميم في هذا الإعمار لقبة الصخرة ، إذ استبدلت القبة الخارجية بقبة جديدة من صفائح النحاس المخلوط بالزنك، ومع معالجته بطبقه من الكروم وأخرى من الذهب عيار 24. وتم تحسين نظام مزاريب الأمطار، وصيانة الزخرفة الداخلية في القبة الخشبية والجدران والأسقف.وتركيب جهاز للإنذار وإطفاء الحريق. وجرى إعمار وترميمات أخرى في ساحة الحرم القدسي الشريف شملت ترميم قبة السلسلة ،وترميم المتحف الاسلامي، وترميم باب الرحمة. وترميم جامع المدرسةالأرغونية.وترميم سوق القطانين.
الاعمار الهاشمي الرابع بدء في عهد جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين
اعادة بناء منبر صلاح الدين الأيوبي
أطلق الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، رسميا الجهد الأردني لإعادة بناء منبر صلاح الدين الأيوبي وأزاح اللوحة الرئيسية عن منبر صلاح الدين الأيوبي إلى مكانها عام 2003 في جامعة البلقاء التطبيقية، وقامت الجامعة وبمتابعه واهتمام سمو الامير غازي بن محمد رئيس مجلس امناء جامعة البلقاء التطبيقية في ذلك الوقت ، حيث تم وضع التصاميم اعادة بناء المنبر في جامعة البلقاء التطبيقية. واستغرقت عملية البناء اربع سنوات وانتهى العمل به في الخامس والعشرين من شهر تموز من العام 2006، وبلغت تكلفته مليونا و200 الف دينار اردني تبرع بها جلالة الملك عبدالله الثاني. وتم تركيب المنبر في المسجد الأقصى المبارك بعد 38 سنه على حرقه عندما تعرض المسجد الاقصى عام 1969 على ايدي يهودي من اصل استرالي متطرف يدعى دنيس مايكل روهان. وأتت النيران على المنبر الذي بناه نور الدين زنكي وحمله القائد المسلم صلاح الدين الايوبي قبل تحرير القدس من أيدي الصليبيين بعشرين عاما .واقامه في المسجد بعد تحرير القدس من الصليبيين عام 1187. واندلعت النيران ايضا بالمحراب والنافذة العلوية وبين الاروقة حيث هب اهل القدس في ذلك الوقت بامكاناتهم القليلة آنذاك لاطفاء الحريق وسارعت اجهزة الاطفاء في بيت لحم والخليل ومختلف مناطق الضفة الغربية لانقاذ الاقصى وتم اطفاؤه بعد ساعات. وتحتفظ الاوقاف الاسلامية بالاجزاء المتبقية من المنبر المحروق في متحف قريب من المسجد.
وجرى بناء المنبر الجديد من اخشاب الجوز والابنوس والعاج الاصلية. حيث يعتبر المنبر تحفه فنية وجمالية رائعة ، اذ أصر الاردن على ان يشارك في صناعته فنانون من مختلف أقطار العالمين العربي والإسلامي حتى يحمل صفة العروبة والإسلام. مثل الاردن وسورية وتركيا ومصر وماليزيا والمغرب واندونيسيا.
ويتكون المنبر الجديد من قطع خشبية صغيرة متداخلة بأسلوب التعشيق، وجري تركيبه من دون استخدام اي مواد غير خشبية كالمسامير. ويبلغ ارتفاع المنبر ستة امتار، فيما يبلغ عرضه السفلي اربعة امتار. وجرت اعادة بناء المنبر الجديد وفق تركيبة المنبر القديم نفسها، حيث استعان المهندسين والفنيين في اعادة بنائه بصور ورسومات للمنبر القديم .
وبتاريخ 24/01/2007 قام طاقم هندسي اردني في اعادة بناء منبر صلاح الدين الأيوبي وانتصب في مكانه الطبيعي في صدر اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، وبلغ عدد القطع الخشبية المكونة للمنبر (16500 قطعة خشبية) وتم شحنها الى مدينة القدس بواسطة ست شاحنات ووصلت الشاحنات الاردنية التي قطع منبر صلاح الدين الايوبي الى ساحات المسجد الاقصى مساء يوم 23/01/2007 في ظل اجراءات امنية اسرائيلية مشددة فاغلقت البلدة القديمة وكافة الطرق والشوارع المؤدية الى الأقصى خشية تعرضها لاعتداءات من جانب الجماعات اليهودية المتطرفة. وكان في استقبال الشاحنات الاردنية التي حملت المنبر طاقم السفارة الاردنية والشيخ عبد العظيم سلهب رئيس مجلس الأوقاف الإسلامية والمهندس عدنان الحسيني مدير اوقاف القدس والشيخ محمد حسين مفتي القدس والديار الفلسطينية وعزام الخطيب مساعد مدير أوقاف القدس والشيخ خليل العلمي رئيس السدنة في المسجد الأقصى.واستغرقت عملية اعادة بناء وتركيب المنبر في مكانة الاصلي في المسجد الاقصى اسبوعين .
عاد منبر صلاح الدين إلى مكانه الطبيعي في الأقصى المبارك بعد أن تم اعاه بنائه من جديد وأعاد له الهاشميون ألقه الذي كان عليه، قبل أن تمتد اليه يد العدوان في 21 آب عام 1969 وقامت باحراق المنبر وأتت النيران على جزء كبير من مرافق المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني مسجد بني في الأرض وثالث الحرمين ومسرى ومعراج رسول الهدى محمد عليه السلام. وصرح المجرم «دينيس مايكل» لدى اعتقاله أن ما قام به كان بموجب نبوءة في سفر زكريا مؤكدا أن ما فعله هو واجب ديني كان ينبغي عليه فعله، وأعلن أنه قد نفذ ما فعله كمبعوث من الله!! .
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني الذي تبرع بكافة تكاليف بناء المنبر أزاح في الخامس والعشرين من شهر تموز من العام 2006 في جامعة البلقاء التطبيقية الستار عن منبر صلاح الدين مؤذنا بذلك ببدء عملية إعادة المنبر إلى المسجد الأقصى ومجسدا حرص الهاشميين على أعمار وبناء المقدسات الاسلاميه.وبرعاية ومتابعة حثيثة من جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله جرى إعادة بناء هذا المنبر من خلال كلية الفنون الإسلامية في جامعة البلقاء التطبيقية التي قامت بفضل خبرات وقدرات وطاقات أساتذتها والعاملين فيها من تنفيذ هذا العمل ليأتي مطابقا للمنبر الأصلي بكافة تفاصيله.كما يجسد فنيا التحفة الوحيدة من نوعها لأنه لا يوجد منبر مماثل في حجمه أو حجم الزخارف فيه التي تعتمد التعشيق والحفر على الخشب من كلا الجانبين.
يشار إلى أن عملية بناء منبر جديد ليكون نسخة طبق الأصل عن منبر صلاح الدين الذي حرق بالكامل لم تكن بالعملية السهلة على الإطلاق حيث لم تكن هناك تصاميم أو نموذج متكامل للمنبر يمكن العمل على غراره، وكاد العالم الإسلامي أن يفقد أسرار هذا النوع من الفن القائم على مبدأ علمي وفلسفي إسلامي خالص، منذ أربعمائة عام أي منذ بناء قصر تاج محل في الهند، حيث فقد المبدأ العلمي الذي كان يقوم البناء الفني عليه وأصبح الذين ينفذون أعمالا فنية إسلامية قلة نادره.
وكان التحدي الكبير الذي واجه الحرفيون والمهندسون المشرفون على هذا العمل هو تجميع ( 500ر16 ) قطعة بعضها لا يتعدى طوله المليمترات القليلة في بناء فني طوله ستة أمتار بدون استخدام مواد تثبيت من صمغ أو مسامير أو براغي أو غراء بل باستخدام طريقة التعشيق لإنتاج ما يمكن تسميته بفن المنبر الذي تمثل في فنون الزخرفة الهندسية والزخرفة النباتية والخط العربي والمقرنصات والخراطة والتطعيم بالعاج والأبنوس والتعشيق وهي الأنماط الستة الرئيسية المكونة للفن الإسلامي.
لا شك ان لهذا المنبر وضعا خاصا ورمزية كبيرة في مدينة القدس ، والذين حاولوا حرق المسجد الأقصى المبارك وحرق المنبر خابت اهدافهم وطاشت سهامهم فالمسجد تم ترميمه والمنبر الذي يرمز الى عروبة وإسلامية المدينة عاد الى مكانه وتمت إزالة آثار العدوان الغاشم حتى يعلم كل المتطرفين ان المسجد الأقصى المبارك للمسلمين وحدهم وهم ثابتون متمسكون بمسجدهم ومدينتهم المقدسة.
وفي شهر رمضان من العام 2006، أعلن جلالة الملك عبدالله الثاني عن بناء مئذنة خامسة للمسجد الأقصى المبارك وتنفيذ احتياجات المسجد من الصيانة اللازمة وتجديد فرش مسجد قبة الصخرة المشرفة بالسجاد، لما لهذا المكان المقدس من مكانة كبيرة لدى الهاشميين والمسلمين في كل مكان..حيث تم اختيار السجاد الجديد لمسجد قبة الصخرة بمساحة تصل الى 2000 متر مربع بعناية فائقة من حيث اللون والمواصفات تتلاءم مع طبيعة وقدسية المسجد.وقامت بتغيير شبكة الكهرباء وتبليط ساحات الأقصى وهناك مشروع بدء فيه بترميم الفسيفساء في قبة الصخرة.
كما أعلن جلالته عن إنشاء صندوق خاص ووقف يعنى بالمقدسات ويساعد على تلبية هذه الاحتياجات ويضمن استمرارية صيانة وحماية وإعمار المقدسات الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفه.وتبلغ قيمة هذه المشاريع والاحتياجات التشغيلية للمسجد الأقصى بما في ذلك إنشاء المئذنة الخامسة وتجديد فرش قبة الصخرة نحو خمسة ملايين دينار سنويا.
الاردن يحبط الحلم الصهيوني في القدس
وانطلاقا من الحرص الأردني في المحافظة على المقدسات الإسلامية في مدينة القدس وخاصة المسجد الأقصى وحمايته من المساس بقدسيته من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي.وعندما قامت إسرائيل بمحاولة إجراء الحفريات وهدم الطريق المؤدي إلى باب المغاربة قدم الأردن احتجاجه على ذلك إلى اليونسكو وكافة الجهات الدولية فتوقفت إسرائيل نتيجة هذا الضغط الدولي والأردني والعربي والإسلامي حيث كانت إسرائيل تخطط لبناء جسرا خاصا تتمكن من خلاله من إدخال جنودها ودباباتها وسياراتها العسكرية من خلال باب المغاربة إلى الحرم القدسي الشريف.فقد نجح الاردن في وقف المشروع الصهيوني عند جسر المغاربة وذلك بقرار دولي عبر منظمة اليونسكو التي اعتبرت الخطوة الإسرائيلية تعديا على تاريخ وحضارة مدينة القدس .
والملك عبد الله الثاني له شرف إحباط تغيير ملامح باب المغاربة من قبل الاحتلال الصهيوني ، حيث طلب الملك عبد الله الثاني من رئيس وزراء الحكومة الصهيونية بإيقاف العمل بتل باب المغاربة وإعداد المملكة لمشروع لترميم جسر باب المغاربة بحيث يضمن عدم تهويد الباب.
وبعد،،، الأردن لم ولن يسمح لإسرائيل أن يكون لها أي تدخل على الإطلاق في كل الأوقاف والمقدسات الإسلامية، والملك عبد الله الثاني يقوم بقطع الطريق على إسرائيل في اي مشروع يرمي إلى اي تغير او هدم او العبث في مدينة القدس .