لماذا لا نسمّي الأشياء بأسمائها ..
أ.د عمر الحضرمي
18-08-2012 10:59 PM
في الأسبوع قبل الماضي، قرأت خبراً في «الرأي» . يقول الخبر إن المجلس القضائي الأردني قد أوقف قاضيين عن العمل، وكف أيديهما عن ممارسة وظيفتيهما. والغريب أنه سمّى القاضيين بالاسم وبكل وضوح.
خطوة صحيحة ورائدة، خاصة وأنها جاءت من لدن أعلى جهة قضائية في الأردن، التي تريد أن تقول إن القضاء هو أحد حماة الشفافية والصدقيّة والمكاشفة والمساءلة في البلد. وتريد أن تقول أيضاً، أنْ لا أحد فوق القانون، الذي يجب أن يظل سائداً وقائداً ورائداً وشاهداً على أن الدولة الأردنية هي سائرة في الطريق الصحيح الذي درجت عليه الدول الحديثة والجادة والراشدة، أي الأخذ بمفهوم ضرورة قيام دولة القانون.
وطالما أن هذه المؤسسة المشرِّفة قد سنّت نهجاً منسجماً مع المنطق والمبدأ والرؤية الصحيحة، فلا بد أن نأخذ منه العبرة، وأن نعتمده درباً سالكاً وأميناً وضرورياً للوصول إلى دولة القانون التي ننشد، والتي تقول إنّ احترام القانون شيء مقدس، وإنّ القانون هو المرشد والدليل.
وانسجاماً مع ذلك لا بد وأن تلتزم جميع المؤسسات في الدولة بهذا الأمر، لسببين رئيسيين؛ أولهما أن ذلك من واجبها القانوني الذي يجب أن تحرص على تأديته على أحسن وجه، وإلا فإنّها ستُتّهم بالقصور أو بالفشل أو حتى بالفساد. وثانيهما أن ذلك من حق المواطن الذي يجب أن يعرف كل شيء وبالتفصيل، لأنه، أولاً وآخراً، هو مدار العملية السلوكيّة والإدارية والانضباطيّة والتنفيذية. وحتى يؤدي واجبه يجب أن ينال حقه، ولعل أقل شيء هو أن يدري تماماً ما الذي يجري حوله.
أسوق ذلك، ونحن قد شهدنا في الفترة الأخيرة تجاوزات مرعبة من قبل العديد من المطاعم التي تحمل أسماء عالمية والتي كانت تقدّم لنا الموت على أطباق مذّهبة. وبالفعل فقد تابعت المؤسسات المسؤولة العملية وكشفت خفايا الغش الذي كان يُدْخل إلى جوفنا كل يوم أطناناً من العفن والسموم والجراثيم. ومما يزيد الأمر خطورة أن معظم روّاد هذه المطاعم هم من فئة الشباب، الأمر الذي يعني أننا نقصف أعمارهم مبكرين .
ولكن، وهنا الشاهد، لماذا لا تسمي هذه الجهات أسماء المطاعم أو المتاجر أو المخابز بأسمائها؟ . فالجهات الرسمية، كما ذكرنا، تتحمل كل المسؤولية لأنها لم تقم بجزء هام من واجبها، ولأنها أغفلت وتغاضت عن حق المواطن في معرفة الحقائق والتفاصيل. أما الاحتجاج بأن هذا يضر بالعملية الاقتصادية في البلد، فهو قول مرفوض وعكسه هو الصحيح، إذْ أنّ ما قامت به المؤسسات من إغلاق لهذه المنافذ، سيزيد من ثقتنا بالجهات الرقابية، وسيطمئننا على سلامة قوت يومنا وأعمار شبابنا، وسيجعلنا نأمن عبث العابثين؛ لذلك يجب أن نسمّي الأشياء بأسمائها.