الهيئات الشبابية والانتخابات
11-11-2007 02:00 AM
تعد الانتخابات البرلمانية فرصة حقيقية لإعادة تقييم وضع مؤسسات المجتمع المدني عامة وقدرتها على تقديم أفكارها وبرامجها وقياس مدى تأثيرها الحقيقي في تشكيل الرأي العام والمساهمة في توجيهه بالاتجاه الصحيح وأيضاً محاربة بعض الظواهر السلبية على اختلاف أشكالها مثل غياب البرامج والامتناع عن المشاركة والمعايير الخاطئة في اختيار المرشح ، ولعل الهيئات الشبابية القائمة الرسمية أو الأهلية تمثل أحد أهم الأدوات الإيجابية التي يجب أن تأخذ دوراً حقيقياً في مثل هذا الحدث الهام . فموسم الانتخابات فرصة حقيقية للاحتكاك الشعبي المباشر ومن خلال هذه الانتخابات يتم تحديد بوصلة المجلس النيابي القادم وهو الجهة التشريعية والرقابية والممثلة لآمال وأولويات المواطنين . لذلك يجب على هذه الهيئات الشبابية على اختلاف أشكالها أن تتقدم نحو هذا الحدث بإيجابية أكثر لتقدم مطالبها وأولوياتها بحيث تكون حاضرة في الموسم الديمقراطي سواءً على صعيد المرشحين أو الناخبين . وأن يكون هذا واضحاً ومؤثراً . فالجميع يعلم أن مجلس النواب هو الأداة التشريعية والرقابية والمعبرة عن أولويات المواطنين ، وقدرة الهيئات الشبابية على تقديم نفسها لتكون حاضرة في البرامج الانتخابية وتشكيل مزاج الناخب الأردني يعبر عن نجاحها في الوصول إلى الأردنيين ، وأن تكون أولويات ومطالب الشباب حاضرة في هذه العملية الديمقراطية . ولعلي في هذه السطور القليلة أتوقف عند بعض المشاهدات والملاحظات على دور هذه الهيئات الشبابية وفي تقديم أولويات الشباب في هذا الموسم الديمقراطي :
1.يلاحظ غياب الحضور الشبابي الفاعل والحقيقي في فئة المرشحين مع ادعاء البعض بأنه مرشح الشباب – وهو قد قارب الستين من العمر – وما أعنيه هنا عدم قدرة الشباب الفاعلين والناشطين على تقديم أنفسهم ليكونوا حاضرين في العملية الديمقراطية وربما يعود ذلك لاختلال قواعد المعادلة الانتخابية المحكومة بإطار العشيرة والمال فقط . مما أدى إلى عدم قدرة الشباب أصحاب المبادرة الفاعلين وأصحاب الرؤى الشبابية والذين هم فرسان التغيير وأدوات المستقبل على تقديم أنفسهم وأن يتقدموا ليكونوا جزءاً من المجلس النيابي القادم وربما في أي مجلس قادم .
2.غياب القضايا الشبابية والطلابية عن البرامج الانتخابية لمن كان لهم برامج أصلاً فعند استعراض القضايا الطلابية والشبابية نجد أنها مُغيّبة . وهذا يشكل قضية تستحق التأمل من قبل الهيئات الشبابية لتقيم حجم وفاعلية الجهد والبرامج والخطط التي تقدمها تلك الهيئات .
3.الشباب هم العمود الفقري للشعب الأردني ويجب أن يتم إيجاد آليات حقيقية ليكونوا فاعلين ومؤثرين في القرار وأن يتم البحث عن هذه الآليات لإيصالها إلى المواطن الأردني وصانع القرار بمبادرة من هذه الهيئات الشبابية على اختلاف مسمياتها وأشكالها . فلا يجوز أن تغيب المبادرة والفعل لدى الشباب والهيئات الممثلة لديه ويبقى التعويل على المبادرات الرسمية فقط . فالرعاية الرسمية هي مظلة والشرارة التي يجب أن نبدأ منها ، وكلنا نملك هذه الشرارة وهي رغبة جلالة الملك بالحضور الشبابي وأن يكونوا هم فرسان التغيير وبعد ذلك يكون العمل من الشباب أنفسهم والتحدي الحقيقي بأن تكون القضايا الشبابية وأولوياتهم قد فُرضت نتيجة جهد حقيقي من الهيئات الشبابية والشباب أنفسهم .
4.الهيئات الشبابية والطلابية أدوات حقيقية للتغيير والتغيير تعريفه هو إعادة صياغة وتقديم أسس وأدوات جديدة وتطوير للآليات وتصويب للظواهر الخاطئة . وهذا لا يكون إلا بالتقدم بشكل حقيقي للشباب الأردني وأخذ زمام المبادرة والسير بهم ليكونوا رقماً حقيقياً وصعباً في العملية الديمقراطية .
فأن يأخذ الشباب دورهم ليست ترفاً فكرياً أو قضية هامشية وإنما أولوية وضرورة حتمية ليكونوا جزءاً من القرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي للدولة الأردنية . وهذا يتطلب تضافر للجهود الرسمية والهيئات الشبابية لانتزاع هذا الدور ، وتقديمه حتى لا يبقى الحديث عن هذا الدور مغناة موسمية . فالجميع يعلم أن قوى التغيير الحقيقية كانت على الدوام ترتكز على الشباب وأن عمل الهيئات الشبابية يجب أن يكون في جوهر التغيير وصلبه وأن تقدم مساعدة حقيقية للشباب ليبادروا ويتقدموا وأن يتمردوا على القيم السياسية الخاطئة الموروثة ليكونوا هم أصحاب رسالة التغيير كلٌ في بيته وعشيرته أو مؤسسته أو جامعته أو مصنعه وأن يحملوا رسالة الوقوف مع من يتبنى المواطنة والانتماء والكفاءة وحامل القضايا الشبابية بالفعل لا بالقول هم من يجب أن يكونوا أعضاء المجلس القادم . وان يكونوا هم أدواتنا في محاربة التخلف والفساد والقيم الخاطئة على اختلاف أشكالها وأخيراً لا نريد أن نحمل الهيئات الشبابية فقط عبء التغيير ولكنها بلا شك أحد أهم أدوات التغيير التي يعوّل عليها جلالة الملك والشباب الأردني . ولعل الواقع الانتخابي الحالي يبعث على المرارة لأننا في الأردن نعاني من فجوة بين رسالة القيادة ومنهجيتها في الحرص على التغيير والتطوير ورسالة جلالة الملك في أن يكون الشباب هم فرسان التغيير ، ولكن للأسف الشديد ما نشهده هو تراجع غير حميد للبرامج والأفكار والتطوير أما زحف المال والعشيرة فقط . فهل هناك من يقرع الجرس ؟؟ .