تشير أرقام دائرة الإحصاءات العامة إلى أن متوسط أسعار المستهلك خلال الشهور السبعة الأولى من هذه السنة يزيد عما كان عليه في نفس الفترة من السنة الماضية وأن التضخم خلال سنة كاملة مكونة من آخر خمسة شهور لسنة 2011 وأول سبعة شهور لسنة 2012 بلغ 4%.
ليس هناك سبب للاعتقاد بأن هذا المعدل سوف يختلف كثيراً خلال الشهور الخمسة الباقية من هذه السنة بحيث يمكن القول بأن معدل التخضم هذه السنة سوف يترواح حول 4% ، وهي نسبة معتدلة ، ليست عالية كثيراً لدرجة تتطلب من البنك المركزي التشدد في سياسته النقدية ، ولكنها ليست منخفضة لدرجة تسمح للبنك المركزي باتباع سياسة أكثر تساهلاً. ومن هنا فإن الموقف الطبيعي للبنك المركزي في الوقت الحاضر هو الترقب والمتابعة لاستشراف الاتجاهات والبقاء لها بالمرصاد.
معدل التضخم الصحي الذي يتمناه صناع السياسة النقدية والاقتصادية هو 3% سنوياً ، وهي النسبة المريحة التي تسمح بالنمو وتحسن اقتصاديات المنشآت الإنتاجية التي تحتاج لمواجهة ارتفاع التكاليف وانسجام أسعار البيع معه.
مدراء الشركات لا يستطيعون التأثير في مستوى التضخم بالاتجاه الذي يخدم مصالح شركاتهم ، مثل ارتفاع أسعار المنتجات بأسرع من ارتفاع معدلات الأجور والرواتب ، ذلك أن معدل التضخم بالنسبة لهم يعتبر معطى ، يجب معرفته والتعامل معه كحقيقة.
إذا كان التضخم يؤدي إلى تآكل بعض الثروات ، وتحول بعض المنشآت الصناعية إلى الخسارة ، فإنه يمكن أن يؤدي إلى عكس ذلك تمامأً ، فالمدير الكفء ، سواء كان يتصرف بأموال شركة عامة أو بثروته الشخصية ، يستطيع أن يستفيد من التضخم إذا توقعه وكان توقعه صائباً ، ويمكن ان يلحق الضرر بشركته أو بنفسه إذا كان توقعه خاطئاً.
في جميع الحالات فإنه ليس من الحصافة أن يتوغل المدير المالي بالمضاربة والتوقعات ، وأن يتصرف على أساس الظن بأن اليورو مثلاً سيرتفع أو سينخفض في الأيام أو الأسابيع القادمة ، فلا توجد ضمانة لصحة التنبؤات ، ومن الأفضل اعتماد أسعار السوق على أنها الأسعار العادلة ضمن الظروف الموضوعية المعروفة للجميع.
في مناخ التضخم وارتفاع الأسعار ، من الطبيعي أن يتحول المواطن من الودائع المصرفية التي لا تكاد فوائدها تغطي انخفاض القوة الشرائية ، إلى الموجودات الملموسة التي تحافظ على قيمتها الحقيقية مثل العقارات والأسهم. والعكس بالعكس.
الرأي