إسقاط نتنياهو مصلحة أردنية
ايمن الحنيطي
15-08-2012 04:55 PM
لا يخفى على احد إن رئيس وزراء إسرائيل الحالي نتنياهو بسياساته، يشكل حجر العثرة الأساس أمام أي تقدم بالعملية السلمية قد يفضي لإقامة الدولة الفلسطينية والتي هي مصلحة أردنية عليا، لذلك فان إسقاط نتنياهو هو بحد ذاته مصلحة أردنية أيضا.
من يقرأ كتاب جلالة الملك عبدالله الثاني "فرصتنا الأخيرة" بفصوله ال27 ، يدرك تماما حجم المرارة من نهج نتنياهو السلبي نحو السلام مما لا يدع مجالا للشك بان السلام ونتنياهو هما نقيضان.
وليس هناك ابلغ من رسالتين تلقاهما نتنياهو في السابق من القيادة الأردنية، وتحدثت عنهما الصحافة الإسرائيلية، الأولى بعثها الراحل الحسين في العام 1997، والثانية بعثها جلالة الملك عبدالله الثاني العام الماضي، أوضحتا بشكل جلي كيف تقوضت فرص السلام في فترتي ولاية نتنياهو.
خلال شهري حزيران وتموز الماضيين حصل نتنياهو على فرصة ماسية لدفع السلام قدما،وتحقيق الاتفاق مع الفلسطينيين، إلا انه تعمد تضييع الفرصة، فقد امتلك نتنياهو اكبر ائتلاف حكومي في تاريخ إسرائيل، وتمتع بأغلبية 94 من أصل 120 مقعدا في الكنيست بعد أن انضم لائتلافه زعيم حزب المعارضة "كاديما" شاؤول موفاز، وكان موفاز عائدا للتو من واشنطن بعد أن عرض على طاولة اوباما خطة سلمية تعطي الفلسطينيين حقوقهم الجغرافية مما يتيح لهم إقامة دولتهم القابلة للحياة، لكن نتنياهو اليميني بطبيعته انحاز إلى مصنع الاستيطان، وفتح الباب على مصراعيه أمام موفاز للخروج بسهولة من الائتلاف نتيجة تداعيات قانون "طال" حول خدمة اليهود المتزمتين في الجيش الإسرائيلي .
في السابق كان الأردن الرسمي يستقبل الساسة الإسرائيليين بمختلف أطيافهم، خصوصا عندما كان الحديث يدور عن قرب إجراء انتخابات في إسرائيل، وكنا نستمع منهم عن برامجهم السياسية، وكان لهذا النشاط تأثيره غير المباشر على توجه أي حكومة أو أي ائتلاف متشكل في إسرائيل تجاه الأردن.
اليوم تسود القطيعة السياسية التامة تقريبا بين عمان وتل أبيب، ولم يعد قائما سوى التعاون الأمني والاستخباري، في وقت يتكاثر فيه الحديث والتسريبات الإسرائيلية بان حل المشكلة الفلسطينية من وجهة نظر أروقة الحكم في إسرائيل عنوانه الرئيس الأردن، هذا بالرغم مما يصدر للعلن من كلام معسول من صناع القرار في تل أبيب بان العلاقة مع الأردن هي ذخر ومصلحة للطرفين، لكن الواقع يحمل في طياته مخططات مسمومة تخفيها الجلسات السرية للكابينت الإسرائيلي، والمدولات المغلقة للجنة الخارجية والأمن في الكنيست، والتي يرسم جدول أعمالها المتطرف أريه الداد صاحب مشروع" الأردن هو فلسطين".
ما لم يسقط نتنياهو في اقرب فرصة يبقى الخوف كثيرا على مستقبل الأردن. كمراقبين وخبراء بالشأن الإسرائيلي أنعشنا كثيرا استطلاع ( صحيفة هارتس 2 آب ) الذي أشار إلى تراجع شعبية نتنياهو ولأول مرة بسبب سياساته الاقتصادية التي أثقلت كاهل الإسرائيليين ودفعتهم هذا الصيف أيضا لاستئناف حركاتهم الاحتجاجية المطالبة برحيل نتنياهو، و بالعدالة الاجتماعية، وتحسين أوضاعهم المعيشية لدرجة أن أكثر من بوعزيزي إسرائيلي احرق نفسه في شوارع تل أبيب هذا العام.
لليوم تتواصل الاحتجاجات الاجتماعية في مدن إسرائيل مساء كل سبت، وبدأ الشارع الإسرائيلي يرفع صوته عاليا رافضا للحرب إذا ما أقدم نتنياهو على ارتكاب حماقته بتوجيه ضربة عسكرية لإيران من شانها أن تجرنا لحرب إقليمية، المنطقة في غنى عنها.
الحقيقة، إن اليسار الإسرائيلي يمتلك اليوم فرصة سانحة لإسقاط نتنياهو، فرغم التراجع الكبير في تأثير اليسار على الشارع الإسرائيلي نتيجة تشريعات ليبرمان واليمين الإسرائيلي ضده، والتي جرى تمريرها في الكنيست، حيث جففت مصادر تمويله، إلا أن الاستطلاع الأخير الذي أجرته هارتس ( 9 آب ) اظهر أن غالبية الإسرائيليين يحلمون "أفكارا يسارية" لكنهم لا يثقون بزعامات اليسار.
باستطاعة اليسار الإسرائيلي اليوم إنعاش نفسه واستعادة ثقة الشارع، إذا ما تمكن من توجيه دفة الأمور بالاتجاه الصحيح، وجمع بين معارضة الحرب مع إيران، ودفع السلام مع الفلسطينيين وما يكلف ذلك من أعباء أمنية باهضة على الميزانية، وربط ذلك بما يعاني منه الإسرائيليون البسطاء من أوضاع معيشية صعبة، باتوا يعبرون عنها اليوم باحتجاجات أسبوعية مطالبة بالعدالة الاجتماعية.
شيلي يحيموفيتش، زعيمة حزب العمل، والسياسي الجديد الإعلامي المخضرم يائير لبيد وحركات السلام باتوا يمتلكون اليوم فرصة ذهبية لاستعادة ثقة الشارع الإسرائيلي الذي يحمل أفكارا يسارية، ويمكنهم إسقاط نتنياهو المتعنت في انتخابات مبكرة، عل وعسى يتنفس الأردن الصعداء.