يا رب النجاح لكل المرشحين!
خالد محادين
11-11-2007 02:00 AM
منذ اغلق باب الترشيح لعضوية مجلس النواب الخامس عشر، وجدت نفسي امام حيرة عميقة فيمن ادعو له بالفوز الكبير، وفيمن اتمنى لو لم ينل صوتاً واحداً من اصوات ابناء دائرته الانتخابية، وحتى انجو من هذه الحيرة رأيت من الضروري ان اتابع الشعارات والبيانات والوعود والعهود المنشورة في الصحف او المعلقة فوق او تحت صورة كل مرشح، وهي الصورة التي لم يكن في وسع اشهر مصور في العالم ان يقدمها للمرشح كما استطاع ان يبدع المصورون الاردنيون ومعهم الرسامون الاردنيون وربما بعض المقيمين بيننا من الدول الشقيقة، اذ كنت لا تحتاج لقراءة ما تقوله شعارات أي مرشح، فقد كانت ملامح وجهه ونظرات عينيه واحياناً وضع اصابعه او رأسه او يده، تغني عن كل كلام مكتوب او يمكن ان تكتب.لكن هذا الذي فعلته في المتابعة المشار اليها آنفاً، زاد من حيرتي وجعلني اشبه ما اكون بأمرىء يقف في حقل قمح او امام غابة اشجار زيتون او الاف السيوف المسلولة من اغمادها ويحاول ان يجد سنبلة قمح تختلف عن مئات الالاف من السنابل، او شجرة زيتون متميزة عن الاف اشجار الزيتون او سيفاً لا يشبهه أي سيف آخر مما يملأ الافق امامه بالسيوف! لقد كان هؤلاء المرشحون على درجة واحدة من محبة الوطن واهله ومن الرغبة الجارفة في ان يوظفوا قدراتهم لخدمة الاردن وخدمة الاردنيين، ولم اجد فارقاً بين مرشح وآخر في تأكيدهم جميعاً على الاستعداد للتضحية بالنفس وفي الاستشهاد من اجل المبدأ وفي وضع الروح على الراحة في انطلاقهم نحو الجهاد الاصغر والجهاد الاوسط والجهاد الاكبر، ولأننا ندرك ان هذا الوعد والعهد يقدم الينا عند كل انتخاب لمجلس نواب جديد، وان المحصلة النهائية تشير بوضوح ان اكثر الذين يطلبون اصواتنا يقدمون لنا مقابلها هذا القسم الغليظ، وان بعضهم - وهم القلة القليلة - يخذلنا والوطن، فاننا لا نحب الالتفات للوراء فما مضى قد مضى وما فات قد فات، ولا يجوز محاسبة احد على ما لم يفعل ما دام انه يعدنا بفعل الكثير هذه المرة.
لكل ما سبق كان قراري برفع يدي للواحد الأحد قبل ان اضع رأسي على وسادتي، واختار في الليلة الاولى دعاء بأن يكتب الله الفوز والنجاح لجميع المرشحين والمرشحات، فلدى كل مرشح ومرشحة ما ليس لدى الاخرين مما يحتاج اليه الوطن، وحتى تغلق كل الثغرات وتسد كل الابواب، ويتحول الاردن الى جنة ليس مثلها جنة على الارض لكل مواطنيه، فلا بد ان يأخذ كل مرشح ومرشحة موقعه او موقعها فينطلق الجميع في التخطيط والعمل والبناء، واذا ما اعترض معترض على دعائي لأن قاعة مجلس النواب والدستور لا يسمحان بانتخاب هذا العدد الذي يقترب من الألف، فانه يمكن معالجة مشكلة ضيق القاعة بجعل الاجتماعات في الهواء الطلق، كما كان اليونانيون يجتمعون بعشرات الالاف ويناقشون امورهم ويرسمون سياساتهم ويتخذون قراراتهم، كما يمكن معالجة ما كان قد قرره الدستور والقوانين من عدد اعضاء مجلس النواب بطريقة دستورية وقانونية في اول اجتماع يعقده المرشحون الألف!.
اما في الليلة الثانية، فان دعائي الذي اتوجه به للواحد الأحد هو الا يكون الفوز من نصيب أي نائب من المجلس السابق، اذ ما زلنا نقف امام وعودهم وبرامجهم وقبضاتهم ونتساءل: ما الذي حققه لنا هذا النائب او ذاك، ولماذا لم يفتقد الجرأة في الضحك على ذقوننا وشواربنا دون ان تهتز لواحد منهم شعرة في ذقن او شارب، وهكذا ليلة لهذا الدعاء وليلة لذاك الدعاء حتى الانتهاء من عملية الفرز والاعلان عن فوز جميع المرشحين الذين لم يسبق لهم ان فازوا وعدم نجاح أي مرشح يحمل درجة نائب سابق.
بقيت مسألتان خشيت ان اتوقف عند اية مسألة منهما دفعاً لتهمة الهبل التي سيلصقها بي الكثيرون، المسألة الاولى بأن يكون لنا المرة القادمة مجلس نواب يجيد اعضاؤه الحديث والخطابة والحوار باللغة العربية، فقد اعتدنا في مجالسنا النيابية المتلاحقة ان نرى كيف ان نوابنا او قل 95% منهم لا يجيد الحديث باللغة العربية، ويمكن تصور حجم هذه الكارثة لو انك سمعت عن نائب الماني لا يجيد الالمانية او نائب بريطاني لا يجيد الانجليزية او نائب فرنسي لا يتكلم الفرنسية، اذ من المؤكد ان نائباً بهذه المواصفات سيوضع في سيارة سجن ويشحن تحت حراسة مشددة الى زنزانة لا يدخلها ضوء ولا يعبر بها هواء، والمسألة الثانية وتحتاج الى مقالة اخرى تتعلق بما اطلق عليه (دائرة الحيتان) فهذا الوطن ليس له سوى بحر ميت لا تعيش فيه سمكة سردين، وفي العقبة نجحت البواخر في منع اية سمكة من الاقتراب من الشاطىء، فأين هي البحيرة والبحر الذي تتصارع فيه اعماقه حيتان واسماك قرش وهوامير؟ بل اين هو المرشح الذي يمكن ان يطلق عليه اسم حوت او هامور او سمك قرش؟ والاجابة تستدعي دراسة لا فقرة في مقالة!.
kmahadin@hotmail.com