انقلاب ناعم على الطريقة الإخوانية
اسامة الرنتيسي
15-08-2012 05:33 AM
للتذكير فقط ، في بداية الثورة المصرية كان رئيس هيئة الاركان للقوات المصرية سامي عنان ضيفا على الادارة الامريكية في واشنطن، وقبل ايام من انقلاب الاخوان على المجلس العسكري كان خيرت الشاطر وثلاثة من قيادات الاخوان المسلمين المصريين ضيوفا على واشنطن.
وبالطريقة الاخوانية التي يجب علينا أن نتعرف عليها في هذا الزمن (الاخواني – الامريكي) انقلب الرئيس المصري محمد مرسي على قيادة المجلس العسكري.
وباجراءات سريعة ومنسّقة مع الادارة الامريكية ـ حسب التصريحات الصادرة عن البيت الأبيض ـ صدرت قرارات الرئيس المصري بإقالة وزير الدفاع حسين الطنطاوي ونائبه سامي عنان، وإلغاء الإعلان الدستوري المكمّل الذي صنع بيد العسكر أيضاً قبل شهور وفي الفترة الزمنية التي شهدت تحالفاً ثنائياً بين العسكر والاخوان.
وكانت القرارات الرئاسية قد طالت منذ أيام بنية الصحافة ووسائل الاعلام المصري، حيث عيّن وزير الاعلام من جماعة الاخوان المسلمين، وتلت ذلك سريعاً اجراءات اخلاء لمراكز الاعلام الرئيسية من الطواقم والكوادر المبدعة التي أسهمت في صعود الصحافة ودورها على امتداد عشرات السنين وحلّت طواقم اخرى اخوانية محل المفصولين والمحالين تعسّفاً الى التقاعد.
ردود الفعل لدى القوى السياسية المنظمة والشارع المصري عموماً تشابكت وتداخلت وسط ضباب كثيف حجب الرؤية السياسية التي أضاءتها ثورة ٢٥ يناير، واتجهت بها نحو فتح الآفاق للديمقراطية والمشاركة الشعبية والتعدّدية السياسية.
التأييد المطلق لإجراءات الرئيس الاخواني، صدر فقط عن القواعد الحزبية، وعدد من الاتجاهات الأخرى التي ترفض حكم العسكر بديلاً عن النظام السابق، ولكنها تطالب في الوقت نفسه أن لا يكون حزب الاخوان بديلاً لحكم مبارك وحزبه.
لو صدقت النوايا بالاستجابة لمتطلبات ثورة يناير بالمشاركة الشعبية، لما أقام حزب الاخوان تحالفاً مع العسكر على امتداد اكثر من ١٦ شهراً، بعيداً عن الاحزاب والقوى والتيارات الاخرى الصانعة للثورة، وما أن استحوذت جماعة الاخوان المسلمون على السلطة التشريعية والتنفيذية، حتى بدأت بإجراءات إقصائية لأقرب حلفائها وهم العسكر -أنفسهم- .
لم نسمع في الآراء التي قدمتها القوى السياسية والشعب المصري من يدافع عن حكم العسكر، ولكن القوى السياسية والشعبية التي صوّبت هدفها وصوّتت لصالح القوى الديمقراطية والمنحازة لها، يتم الآن تجاهلها وإقصاؤها وتهميشها بعيداً عن السلطتين وهنا يكمن بيت القصيد!!
إذن فأين هي أهداف الثورة المصرية، وأين يمكن أن يعثر عليها سوى في صدور القوى الديمقراطية المصرية الحية والفئات الاجتماعية الواسعة التي ينهكها الجوع والفقر والبطالة بانتظار الفرج الذي وعد به الصادقون وخذلتهم الوقائع والحزب الأكبر فلم يشاركوا في الحكم.
كان ملفتاً جداً للنظر ما صدر على لسان الناطقة باسم البيت الأبيض عندما قالت ان "الادارة الامريكية على علم بكل هذه التغييرات ولكنها فوجئت بالتوقيت "، ودعت الى التعاون بين الجيش المصري والحكومة بينما تجري متابعة حثيثة من قبل الادارة الامريكية لتحركات الجيش المصري في سيناء، بعد المذبحة التي راح ضحيتها ١٦ جندياً "كانوا صائمين"، وبدلاً من ان يحاسب مدير المخابرات العسكرية "السيسي" على هذه الجريمة، فقد تم ترفيعه الى رتبة فريق، وأصبح هو الآن قائداً للجيش بدلاً من الطنطاوي !.
osama.rantesi@alarabalyawm.net
العرب اليوم