بعض المسؤولين يتحدثون عن إنجازاتهم فنشعر كأننا في السويد
المرتشون والكذابون والفاسدون والمستوزرون صاروا أعمدة
المؤسسات الحكومية شركة والموظفون مساهمون والمواطنون زبائن
نحن في وضع لم يعد ينفع معه إلا تدخل صاحب الولاية.. الملك فقط
لن نعتكف في زوايا دراويش الكذب ، و لنهتف " مدد يا فاسدين مدد"
نحن بقايا تراب الوطن الطاهر المجبول ببقايا الأردن العظيم قبل أن يجف...لم يعد بمقدور أحد أن يدافع عنا ، فنحن نحن ‘ لا نتغير ولا نتبدل ، نحن بارعون في فن الثبات على الخطأ وعلى الخطيئة وتصويرها على أنها صواب وحقيقة ، وفن المرواغة والمراوحة في المكان وفي الزمان ، وفن تمجيد الذات وتعظيم البناء والإنجازات ، والاستعلاء على الوطن والمواطنين ، نحن نعلم أن أي معاملة في الدوائر الحكومية مهما صغرت تحتاج إلى جهد جهيد والى عشرات الأختام والتواقيع وكأننا ومازلنا في عهد عبد الحميد ، وتحتاج إلى واسطة من المعارف والأصدقاء والمحاسيب ، وأن المواطن يتشهد ألف مرة قبل أن ينجز معاملة في دائرة الجمارك أو أي مؤسسة حكومية أخرى ، ومع هذا نجد أن بعض المسؤولين والمد راء العامين يخطبون علينا في التلفزيون ويتحدثون عن إنجازاتهم وأوضاعنا فنحسب حالنا في فنلندا أو السويد .
على من يكذبون ، لا أحد يدري ، على من يمثلون ، لا أحد يدري ، هل يستخفون بعقولنا ، نعم ، الكل يدري ، ونحن نعلم أن الأمور تبقى على حالها وتراوح في مكانها ، كتب الكتاب أم لم يكتبوا وقرأ القرَاء أم لم يقرءوا ، فقد تبين أن القاري وال ...... واحد ، أصبح الكلام ممجوجا ومكررا ، والداء مستفحلا ، وأصبح الفاسدون والمرتشون والمستوزرون والعابثون والمتسلقون والمداحون هم أخذون بالعمل الممتد ، وهم أصحاب الجولة والصولة ونحن عبيد عنهم ، نبتسم في وجوههم ونقبل أياديهم ، ونذكرهم بالخير في المجالس العامة حتى نبقي على حبل المودة معهم وحتى نبقي الأمل لنا ولأولادنا بأن ننضم إلى جوقة المستفيدين يوما من دم الوطن المذبوح بأيدينا ، ومن شمسنا التي تغرب قبل أن تشرق ، ومن مائنا الذي يجف قبل أن يصل إلى شفاهنا ، ومن دحنوننا الذي يذوى قبل أن يبرعم في سهولنا .
الفساد يملاْ الوطن من الأفق إلى الأفق ولا يمكننا أن نرفع أصابعنا لكي نشير لأي فاسد بأنه فاسد ، والتمويل الأجنبي أصبح موضة العصر ويتباهى به المتباهون ، ويفاخر به المفاخرون ، وكدنا لكثرة مانعت أصحابه بالأذكياء والمتنورين أن نبحث عن تمويل وأيدينا تطول ، ونفوسنا تشتهي كما تشتهي النفوس ولكننا نحجم دائما قبل الوقوع في الثم بأمتار قليلة لأن فينا ضميرا حاضرا اسمه الوطن ، وفينا عشق اسمه الأردن وفينا طهارة وقداسة اسمها الانتماء .
عدلوا الحكومة أن لم يعدلوا لا يغير في الأمر شيء ، وغيروا إدارة التلفزيون أم لم يغيروا فسيبقى ذلك الديناصور المنقرض هيكلا في متحف التاريخ الوطني ، خصخصوا طيران الملكية الأردنية أم لم يخصخصوا فستبقى الخسائر والديون والفضائح التي تزكم الأنوف ويبقى المتبجحون يسمون ذلك إنجازا عظيما في زمن عزت فيه الإنجازات .
صعدت البركة من أرضنا وارتقت إلى السماء بفعل فاعلين ، وحرمنا القطر من السماء لكثرة الكذب والنفاق ومسح الجوخ الذي هو ليس جوخا بل خيشا في هيئة جوخ ، منعنا من التعبير عن آرائنا وأفكارنا ، ومنعنا من الشكوى لولي الأمر وضرب بيننا وبينه حجابا حتى لا يسمعنا ولا نسمعه ، ومنعنا حتى من الصدقة وصلاة الاستسقاء إذا لم يكن الإمام معين من قبل وزير الأوقاف الذي يرسل أئمة وخطباء يلحنون في القرءان وفي الحديث ، ويكسرون قواعد اللغة ، ولا يفقهون من الخطابة إلا الصراخ والتلهي بقضايا نواقض الوضوء ومبطلات الصلاة .
القطاع العام شركة والموظفون مساهمون والمواطنون زبائن ، وهذه الشركة هي الوحيدة في العالم التي لا يكون فيها الزبون دائما على حق ، ولا حتى أحيانا على حق بل دائما على باطل والمساهمون هم على حق ، المؤسسات الحكومية والوزارات تعج بما لا يرضي وجه الله ، ولا يرضي الملك ولا يرضي الناس ، ولا مجال للشكوى رغم كثرة صناديق الاقتراحات والشكاوى المعلقة على جدران الوزارات وأبوابها .
نحن في وضع لم يعد ينفع معه إلا تدخل الملك ، صاحب الولاية ورئيس السلطات ، والمؤتمن علينا فقد بغى علينا الباغون ، وتفشى في الناس الطاعون ، طاعون التملق والخوف والكذب والرضى بأن يكون الوطن آمنا للفاسدين ومخيفا للمواطنين .
نحن لا نعرف أن ندبج معلقات المديح الكاذب ولا الاعتكاف في زوايا دراويش الكذب لنلوح برؤوسنا المليئة بالمسابح النجسة والصراخ بأعلى حناجرنا مدد مدد ، مدد يا فاسد مدد ، فنحن من بقايا تراب الوطن الطاهر الذي لم يدنس مجبولا ببقايا ماء الأردن العظيم قبل أن يجف .
ولي الأمر فقط قادر على التغيير ، ولولي الأمر فقط نشكو وضع الوطن المر قبل أن نشكو كل ذلك لله الذي بيننا وبينه خط مفتوح دون وسائط ولا موانع ...