عمون – محمد الخوالدة - تسيدت طبخات المقلوبة والكبسة بلحم الدجاج موائد الغالبية العظمى من الاسر الكركية في شهر رمضان المبارك ، فيما قلة قليلة من هذه الاسر هي من تعاملت مع لحوم الضان والماعز بسبب ارتفاع اسعارها ، ومن هنا يمكن القول أن طبخة المنسف الاكثر شعبية في المحافظة لم يحالفها الحظ في رمضان الحالي ، والسبب كما هو معروف ارتفاع اسعار اللحوم الحمراء التي تخطت حاجز العشرة دنانير ، وان كان البعض يشتهي اكلة المنسف فقد كانت في اكثرها بلحوم الدواجن اذ رغم الارتفاع النسبي لاسعار هذه اللحوم فانها ظلت الاقرب إلى متناول اليد لان المنسف قد يعمل باستخدام لحم طيرين من الدجاج وسعرهما قد لايزيد عن 5-6 دنانير، اما حين تريد استخدام اللحم البلدي فانت تحتاج إلى 4-5 كيلو غرامات من اللحم بقيمة اجمالية 30- 40دينارا ، خاصة وان الكثيرين لايتذوقون المنسف الذي يقوم على اللحوم الحمراء المستوردة ، اما الطبخات الاخرى مثل الفاصوليا والباميا فلم تكن رائجة هي الاخرى والسبب أن اسعار هاتين المادتين بالعلالي ايضا ولم تكن في مقدور كثيرين ، ثم انهما لاتطبخان باستخدام لحوم الدواجن والكثيرون ايضا لايستسيغون استخدام اللحوم الحمراء المستورده مع هاتين المادتين ، وهنا لابد من استخدام اللحم البلدي الذي يشكل كما قلنا عبئا كبيرا على جيوب المواطنين .

يؤكد احد القصابين في مدينة الكرك أن مبيعاته من اللحوم البلدية كانت متدنية جدا في رمضان الحالي واصفا الاقبال على شراء هذه اللحوم بانه لم يقارب حتى حدوده الدنيا ، وقال هذا القصاب "كنت اتصيد من اعرفهم ممن يتصادف مرورهم امام محلي وامسك بهم عارضا عليهم بضاعتي ، من خلال اغرائهم بامكانية سداد السعر لاحقا ، واحيانا قال القصاب اتصل بمن اعرفهم بالهاتف الخلوي ، ذلك لانني لم ار في رمضان الحالي حتى زبائن المحل الاصليين واضاف " احيانا كانت بتصيب معي واحيانا بتخيب".

سألت ربة الاسرة ام ياسر وهي من الاسر محدودة الدخل ، كيف كان الوضع في رمضان ؟ اجابت "مستورة " قمنا بواجبنا الديني وهذا هو الاهم ، اما عن موائد اسرتها في رمضان فقالت "الله بعلم " ، وواصلت "القرش محدود والاسعار قالت بلهجتها الكركية " (بفتح الكاف وتسكين الباء )"نار كبرى" ، واضافت ماذا اقول اذا سعر مادة الزهره"الخاسيه" زاد عن دينار ونصف وقريب منها البطاطا والبندورة ، وهذه هي المواد الاساسية التي يكاد المطبخ الكركي أن يقوم عليها .

ام خالد ربة اسرة اخرى وزوجها موظف قطاع عام اقسمت أن اسرتها لم تتذوق اللحم البلدي في رمضان الحالي ، وقالت كان اعتمادنا على "الجاج" لمرتين او ثلاث في كل اسبوع نبتاع فيه طيرين ، ولكون الاسرة كبيرة العدد كنا نقطع الطير الواحد إلى قطع عديدة حتى ينال كل فرد من افراد الاسرة التسعة قطعة اوقطعتين صغيرتين منه على الاكثر ، وبينت ام خالد أن زوجها لم يقم بواجبه كما ينبغي تجاه "حرمه في رمضان الحالي"( اصوله وفروعه من النسوة) ، كما جرت العادة في المواسم الرمضانية السابقة بسبب ضيق ذات اليد فاضطر إلى الحصول على قرض بنكي ليقدم لهن مبالغ مالية متواضعة كعيدية .

الحاج ابو ياسين وجه الحديث وجهة اخرى فقال أن ماحصل مع الكثير من الاسر الكركية في رمضان الحالي فيه عظة وعبرة يجب على الناس الاستفادة منهما ، اساسهما أن يعيش الناس حكمة الصوم القائمة على انها مناسبة للشعور بشعور المحرومين وان الصيام هو تهذيب للروح والنفس وليس للتبذير والتباهي باصناف الطعام على موائد رمضان ، اضافة إلى أن ذلك يجب عن يدفع الناس للابتعاد عن المظاهر التي تدفع باتجاه الاسراف والتبذير وبحيث تقنن كل اسرة نفقاتها بالاساسي من كل شيء .

رغم هذه الحالة التي تعانيها غالبية الاسر هنا في محافظة الكرك فان المتابع يشهد حركة تسوق مرتفعة الوتيرة في الاسواق استعدادا للعيد ، السبب كما قال ابو ماجد أن الحكومة صرفت الرواتب لموظفيها مبكرا وهي تعتقد انها راعت مصلحتهم فيما هي على العكس من ذلك فالرواتب ستذهب من الجيوب خلال هذه الجمعة والشهر الجديد لم يهل بعد ، واقع قال ابو ماجد أن الناس سيحسون تداعياته في الشهر القادم ، ذلك لاننا اضاف ابو ماجد نعمل بطريقة الفزعة دون اية ضوابط لعواقب سلوكاتنا ، فالكثير من الاسر تبالغ في شراء ملابس الاطفال حتى لو كانت لديهم ملابس مناسبة او أن بعضهم يشتري قطعتين من اللباس او أكثر حتى تقول الام لجارتها "جبنا للاولاد كذا وكذا", وختم بالقول أن على اسرنا أن تراجع اولويات انفاقها بما يتناسب ودخولها المالية الشهرية ، وبخلاف ذلك اضاف ستسير هذه الاسر من سيء إلى اسوأ ، وعلينا أن نعلم قال ابو ماجد أن السماء لاتمطر ذهبا اوفضة فعلينا أن نتدبر انفسنا بقليل المال الذي نقدر عليه .