بحثتُ ، تقصيت ُ ، نجّمتُ في الودع ، الكف ، المِنـدل حتى وجدت ضالتي
المفقودة ، وأحلامي الموعودة في جاري الذي يسكن على كوع الحـــــارة
( غير باب الحارة المذكور) ويمارس هواية كتابة الوصفات الطبية والنصائح
الإستشارية في أوقات ما بعد دوامه الحكومي ، عن خبرة وتجربة اجراها على
الجيران ، الأهل ، والخلان ..دون شهادات مختومة وعلامات امتياز موشومة .وحسب الإستفتاء والأراء كلامه نافذ وعمله مضمون ونصيحته واحدة بواحدة
يعـلّــــــق يافطة بيضاء صغيرة على باب البيت تخفيها أغصان دالية عنــــــب
بعيدا عن عيون مراقبة وزارة الصحة ، أمانة العاصمة ، الشرطة ، النقابات المهنية
كتب عليها :" أبو محمد مستشار ، طبيب عام ، خلع أضراس ، مُطهّــــــــــــــــر
قانوني على الكهرباء ، حلاقة ذقن ، قص ، سشوار حسب الموضة ، صرّاف " ..
استقبلني هاشّاً باشّاً ( زارتنا البركة والله ) ..
نظرت اليه وهو يجلس على كرسي جلد خلف طاولة مليئة بالأوراق والأقلام
ومزهرية فيها باقة ورد اصطناعي من كل روض زهرة ..يعقد حاجبيه ويتخذ
وضعية الأخصائي الجاد العالم ببواطن الأمور وخفايا الشرور ..
- معلومك يا جار أنا دخلت دنيا قبل اسبوعين وكنت عال العال متحمس ونشيط
مثل الحصان ، لكن العد التنازلي لأيام شهر العسل قرّب ومعنوياتي ضعفت ،
وأشعر بضيق خُلق ، نرفزة وتوتر عصبي الشغل كتير والبرنامج طويل ،
أحتاج (خلطة ) أعشاب سحرية ومنشطات (قوية) لأكمل المشوار، أمامي
عندما أصل سقف قبة الدار الخضراء الكثير من التعب في استقبال الزوار
والتأهيل والترحيب ، العناق والأحضان ،تثبيت الأقدام والتعرف على شتى الأنام.
- إبشر يا خال ترى مطلوبك عندي ..إن كان جيبك عمران ماعليك إلا تزور
(مول) تجد فيه كل لوازم الخلطة ..
زبدة دانماركية ، شوكولاته سويسرية ، قشطة شامية ، بوظة روسية ، راحة
وحلقوم تركية ..تضعهم في الخلاط وتلفهم لفتين والثالثة بتظهر الرغوة وتتخثر
تسكب المزيج في صحن شفاف ، رقيق الحواف
إياك تضعه في البراد حتى لا يتجمد ..
تغط أصابعك فيه إصبع ، إصبع وتلعق كل واحدٍ على مهل مرة الصبح ، ومرة
الظهر وما تبقى للمساء ..
يُصبح لسانك أطرى ، حبال أوتار حنجرتك أحّن ، هضمك ألين ، ويشتد العضل
وصفة نظام غذائي مقوي وفعال خلال صولاتك وجولاتك ..
أو اُسكب الخليط في زجاجة بحجم جيبك إحملها معك اينما ذهبت وكلما أحسست
بوهن او ضعف او زعزعة ثقة خذ (رشفة) على السريع ..
المفعول سحري مُجرّب ..ستجد لسانك ينبـرُ نبرا ، وسيل الكلمات يتدفق حبا وهياما
فتبددُ الصعاب ، تذللُ الهموم ، تُخدّر النفوس ، تسكن في المريخ ،تُطلُ على شرفة
القمروتأرجح ساقيك فوق سطح الأرض ..!!
تعيش ومن معك في الأحلام الوردية وتردد أجمل الوعود المستقبلية ..!!
تدخلُ (أم محمد) تحمل صينية الشاي وهي تبادر زوجها الكلام بعد ان استرقت السمع
من خلف الباب ..
"فاكر يا أبو محمد يوم تزوجنا كنت (بدّك ) نقضي شهر العسل على الطريق الصحراوي
وأنا بكيت خُفت أموت في حادث قلاّب وأخترت سد الملك طلال حتى يكون الجو الماء
والخضراء والوجه الحسن ..
ويوم قعدنا تحت الشجرة نُطل على السد سألتني :" شايفة يا حبي (السد) شو كبير ؟"
قلت في نفسي الرجل مغرم صبابة ..
" تخيليه صحن( شوربا) فكرك كم كيلو خبز مدعوم تحتاج الحكومة (تفت) فيه وتطعم
الناس ؟"
ويوم مشيت متعلقة في ذراعك وتعثرت بحجر في شارع المحطة وطبيت على بوزي
"بسم الله عليك " مالك التوى كاحلك ، تكّسر عظمك أنا ولا إنت يا روحي ؟
ولعنت الأمانة والبلدية وعمال النظافة وكل من تسبب في الوقعة ..
وأول ما انتهى شهر العسل أخذتني نتسوق حملتني الأغراض ومشيتني وراك وإنت
مثل ديك الحبش نافش ريشك تتمختر ..ويوم تعثرت بكرتونة ووقعت صرخت
يا حُرمة مالك عمياء (شوفي ) أمامك ما عندك نظر ..!!
لا أدري من الذي أطلق عليه هذا الاسم ماهو عربي ابدا أكيد مستورد ..؟
هو شهر طال أم قصر تفتح برميل العسل من فوق أو تفتحه بالمقلوب المكتوب
مكتوب ..
- اسكتي يا أم محمد يكفي فضايح ..
"نصيحة يا خال ابقى على الطبيعة لا تلف وتدور .. غير بقدرتك لا تحاول تبني قصور
ضميرك هو الأصل ، لا تعد بما لاتقدر عليه ، لا توقع على مبدأ لا تؤمن فيه ، لاتحابي
وتجامل على حساب المصلحة العامة ، اخدم وطنك وأهلك وعشيرتك
لا تقول هذا أخي او أبي وتقفز فوق حدود القانون .."
- شكرا يا أبو محمد غلبتك معي ..كم تريد ثمن الزيارة.. ؟
- أعوذ بالله أنا لا أريد فلوس من الناس الطيبة "الله معك"
هممت بالخروج استوقفني وقال :" لا تنسى يا خال يوم توصل القبة أريد ان تعطيني
رخصة مزاولة المهنة وتوظف ابني(محمد) في الحكومة وتُزفت الشارع أمام الدار ،
وبنتي ليلى تنقلها مُدرسة من القرية الى المدينة ، وأم محمد تريد فتح مخيطة ، وأحمد
السنة ينهي التوجيهي تدعمه في مقعد بالجامعة و ..و ..
متى ينتهي شهر عسل الانتخابات ..
لا المرشح قنوع ولا الناخب عارف في الموضوع ..والحقيقة تظهر بعد اسبوع ..
يا ضاحك يا مفجوع ..
والله يحمي الوطن..