ليس بالأهمية أن تقنع الناس ... الأهم أن يكون اسلوب خطابك مقنعا!
الخطاب الرسمي اهم ما يحتاجة المواطن اليوم, قبل الخبز والعلف والسولار. لغة الغطرسة والاستعلاء والاكراه ومنطق "يلي عاجبه عاجبه" قد ولى واندثر, حيث حان الوقت لللحاق بركب الامم المتقدمة في تعلم فن الطرح والاسلوب والخطابة. كيف يمكن لرئيس الوزراء التحدث لمدة طويلة ويكرر ان الاردن "غير" وان الربيع العربي لم يؤثر على مسيرة الاصلاح الاردنية كون المملكة دشنت هذه المسيرة منذ مطلع التسعينات من القرن المنصرم, وان ما يجري اليوم هو مجرد تتمة لهذه المسيرة. مقولة كان يرددها في اكثر من مناسبه خاصة قبل توليه منصبه الرئاسي. في الوقت نفسة, لم ينكر جلالة الملك بتاثير الربيع العربي على مجريات الامور في المملكة مثلها مثل اي دولة اقيليمية أخرى, بل أيضا اشاد بها وشجعها. من جهة اخرى, يتحدث رئيس الوزراء على ان الربيع "الاردني" قد اثمر واتضحت معالمه ومكوناته, ليأتي جلالته قبل ايام قليلة ليقول بان الربيع الاردني مقرون باجراء الانتخابات القادمة ونجاحها. شتان بين الخطابين, ليس فقط في الجوهر ولكن ايضا في القراءه والتاثير.
في المقابل, نجد أن رأس الدولة أكثر استيعابا وكذلك تحليلا للمجريات السياسية ان كانت داخلية او خارجية. وعليه فان خطاب الملك اكثر واقعية ومنطقية ومرونة في ادارة الخطاب الموجه, بغض النظر عن الاختلافات في الرأي من هنا وهناك احيانا, اذ لا ينكر احد نجاعة منطقه في استيعاب المجريات وربطها واختزالها ومن ثم تعليلها قبل ابداء رأيه تجاه قضية ما وخاصة فيما يجري في سوريا او فيما يتعلق في الشأن الداخلي. والاهم من ذلك كله, ان خطاب جلالته غير متعجرف وجامد وتقليدي, بل مرن وعقلاني ومتجدد,وهذا بالفعل ما ينقص فكر ومنطق الطراونة, في فلسفتة الخطابية والتحليلية والحوارية من جهه, وطريقة تعاطيه في احتواء الازمة الداخلية واهمها ضعفه في استقطاب الاخرين واسلوبه في الحوار.
نعم قد يقول البعض بان رئيس الوزراء عادة "مغلوب على أمره", ونقول أيضا ان ما ميّز بعض رؤوساء الوزراء في السابق قدرتهم القياديه في التعامل والتعاطي في الاوقات الحرجة, ونجاحهم في تضييق الفجوه بين "الفوق" و "التحت", وكانوا ايضا ليس في أفضل حال و "مغلوبين على أمرهم" ان صح القول. ومن هنا, ينجح البعض ويخفق البعض. فلماذا, يستذكر المواطن الاردني بعض رجالات رؤوساء الوزراء السابقين, في ظل نفس النظام السياسي الاردني, ويكادوا يتحدوثوا عن اخرين؟
الطراونة... جاء لينفذ لا ليستمع!
لا يمكن لرئيس وزراء ما ان يكون "رجل اّلي" يتحرك كما هو مبرج حتى لو قدّر عليه ذلك. ما هذا الاستعلاء والكبرياء في الحوار والنقاش والخطاب؟ أين انتم من الشارع وما يجري من الشارع؟ ليس بالخبز وحده يحيا الانسان, وليس من البرج العالي يمكن مخاطبته او "اقناعه". كما تنظر الى الأعلى, انظر الى الأسفل منك أيضا... "فكلنا الاردن" كما تقولون! أعجب كيف تطالب حكومة الطراونة اليوم الشعب بخطوات كبيرة تتمثل بالمشاركة والتفاعل والرضوخ للامر الواقع. ومن هنا نتسائل, اين خطوة الحكومة تجاة الشعب يا دولة الطراونة حتى يبادرك بخطوات مماثلة؟ كيف تطالب الشعب لتحمل مسؤوليات جسام وتقبل بأمور لا يرضى عنها, وانتم لم تقدموا له بشيء من مستحقاته وحقوقة وقد وصلت حناجرهم حدّ السماء؟ لماذا كل هذا التعنت والعناد لتلبية شئ من مطالب الشعب والحراك؟ فأين هي الديموقراطية اذا؟ وماذا تعني لك الديموقراطيه في الاساس, اذا لم تكن تلبي "اوامر" الشعب؟
الخلاصة: "لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" صدق الله العظيم
الاية الكريمة لا تتحدث عن جوهر خطاب الرسول (صلعم), الذي لا ينطق عن الهوى, بقدر ما تتحدث عن لغة الاسلوب وفن الحوار والحديث والخطاب مع الاخرين. فما بالكم اذا وصل الامر اليوم, " لا جوهر ولا اسلوب" ! المواطن اليوم على قدر عال من الدرايه والعلم, ومن هنا يجب احترام عقله وفكره حتى تستطيع ان تقنعه في القيام "بواجباته", وعليه فن واسلوب الخطاب يجب أن تسبق عمليه الاصلاح, ان لم تكن عمادها ومستقرها ومستودعها.