عندما يتحدث جلالة الملك عن الاوضاع المحلية والاقليمية والدولية فهو اكثر من يعرف تمام المعرفة عن هذه الموضوعات لانه على تواصل دائم مع مراكز صنع القرار العالمي حيث هي وهو في الشأن المحلي يعرف تماما المخاوف والمحاذير وما ينفع الناس وما يضرهم وهو يستشرف المستقبل الذي يرنو اليه الجميع والاردن الذي يتوافق على حمايته الجميع وصولا الى بر الامان الذي ينشده الجميع حتى لا تضيع البوصلة وتتهاوى مواقف وتتضح اجندات ترتبط بالداخل والخارج.
يتحدث جلالته مع الصحافة الاجنبية او العربية المهاجرة وفي ذهنه الكثير من الافكار التي تتداخل وهو يشخص الحالة بكل تفاصيلها بعيدا عن الملطفات ومساحيق التجميل فهو يعرف ماذا يريد كل طرف وما هي دوافعه ولماذا يصر على هذا الامر ولماذ يريد ان يغادر هذا المربع ولكن ليس كل ما يعرفه جلالته يقوله حتى لا يكشف مستورا حافظ عليه وقتا طويلا من الزمن لانه وارث عرش وملك وبيعة ورمزية وهوية واجماع بين مختلف الاطياف وهو الذي لن يسمح باراقة قطرة واحدة من دماء الاردنيين ولن يسمح بالتطاول على حقوقهم وهو في نفس الوقت يريد الحفاظ على هيبة الدولة وانسنة الامن والتعامل اللين مع الحراكات ويهمه ان يسمع لكل الالوان التي يتشكل منه الاردن في لين من غير ضعف وفي قوة من غير قسوة لانه يجمع ولا يفرق ويقرب ولا يشتت فهذا قدر ال هاشم منذ البدايات الى النهايات.
نختلف على قانون الانتخاب ونصفه بكل الاوصاف المجزوء والمفرق والمشتت والمخزي والمتخلف وغير المحمود ولكننا لا نقدم بديلا معقولا يرضى به الناس وليس بالضرورة ان نسمع رجع الصدى لاصواتنا لنقول اننا نعرف ما يدور في اذهان الناس وليس اعرف بما يدور في اذهان الناس ممن يستمع الى كل رجالات الاردن وابنائه في البوادي والارياف والحضر والمدن وفي البراكيات والاسواق والمساجد ولكن ذلك قد لا يرضي احدا او مجموعة من الناس ولكننا يجب ان نتناصح للوصول الى ما يحافظ على مكونات ومكتسبات ما تحقق ولا نفقد شابا ولا ننزف قطرة من دم ونبني على ما سبق حتى نصل الى ما نريده لا كما هم يريدون فقط ولكن بصورة تدريجية محمودة مترافقة بالحفاظ على كل الموجود صعودا الى اعلى الاماكن حتى نكون النموذج في هذا المجال لا ان نكون نموذجا في اقصاء الاخر او الاساءة اليه.
الامكانيات متواضعة وليس فيها فسحة كبيرة والوقت ليس لصالح اي طرف والاصرار على المواقف لا يخدم كثيرا لان البديل هو ان نفقد ما تحقق ونقفز في الظلام وقد لا نجني شيئا فنبكي على الماضي ونحن احوج ما نكون لنسمع الى الرأي الذي يريد خيرنا ويريد ان يكون القاسم المشترك الاعظم لكل امالنا وطموحاتنا وهو لا يخذلنا بل انه مصر على السير بالاردن الى معارج سامقة بين الدول ولكن دون استعجال وبدون ابطاء وهو امر قد ينتقده عليه المستعجلون وقد لا يريده البدائيون ولكنه يسير بنا نحو مستقبل افضل في كل حال وعلى اي حال.
الاردن ليس اي دولة اخرى وقيادته ليست تتلاعب بالالفاظ والمواقف ولا توجد اسرار بل اننا بحاجة الى رؤية المشهد من جميع الزوايا وليس الاصرار على رؤيته من زاوية ضيقة محفوفة بالمخاطر فما تحققه انت قد يغضب جارك اذا كان جارك متضايقا ولكن قد تحصل على كل الذي تريد في ظروف افضل ولن يعود الاردن الى الوراء فما تحقق توافق عليه الجميع وقبله ويبني عليه وما نريده جميعا يعرفه الجميع وهو موضع تقبل الجميع ولكن الى حين فدعونا نستبق الى مزيد من انضاج المساعي واختمار المآلات وليس الى التسرع الذي قد يفضي الى ما لا يحمد عقباه.
hamdan_alhaj@yahoo.com
الدستور