إسرائيل والربيع العربي * زيان زوانه
12-08-2012 06:58 AM
قامت إسرائيل على الأرض العربية الفلسطينية كخلية سرطانية تتمدد في الوطن العربي كلما سنحت لها الفرصة ، لتضمن استمرار وجودها وتفوقها على حدود عام 48 وما احتلته في العام 67 وما تستطيع أن تصله أرضا ومصالح وقواعد ومراكز نفوذ جديدة.
وجاء الربيع العربي برفضه الفقر والذل مفاجئا للعالم ، لدرجة استنهض القوى المهمشة في مدن أمريكية وأوروبية ودفعها إلى الشارع على طريقته ، ما نبه القوى العالمية ومراكزها لإعادة صياغة أساليب عملها والإستفادة من الربيع الذي خلع حلفائها . فوجدنا لحظة التقت فيها بعض مصالح الربيع التونسي والربيع الليبي مع المصالح الفرنسية والبريطانية والأمريكية وحلف الناتو، وسمعنا إعلانهما لموقف غريب من القضية العربية الفلسطينية ترجمت بلقاءات مع شخصيات إسرائيلية وصهيونية ، ثم وجدنا الربيع المصري يخوض معركة ضارية ما زالت تدور حتى الآن ، حتى جاءت حادثة سيناء الإجرامية وقتل الجنود والضباط المصريين في محاولة إسرائيلية مشبوهة لاستعداء الشعب المصري وإثارته ضد الشعب العربي الفلسطيني في غزة ، بهدف تكريس خنقه كما مارسها مبارك وتكليف الجيش المصري بحماية أمن إسرائيل.
وجاء الربيع السوري ومعركته الدائرة حتى الآن ، وقوى الإستعمار القديم الحديث وأتباعها وحليفتها إسرائيل تحاول تطويعه لخدمة مصالحها ، وتفتحه للقوى الإقليمية والعالمية وللمرتزقة البيض والسود وما بينهما ، ليدفع ثمنه الشعب السوري دما وتهديما لوحدته التاريخية وإنجازاته المدنية والإقتصادية والسياسية والإنسانية.
ورأينا نتائج احتلال العراق الدامي وتكريس تقسيمه وإهدائه لقمة سائغة لاسرائيل وإيران ، اللتان اقتسمتاه في لعبة صراع المصالح ومناطق النفوذ ، ففازت إيران ببغداد وإسرائيل بأربيل وطمعت تركيا بسوريا ، وبقي الشعب العراقي ينزف دما وتقسيما وينادي باستقلاله المفقود واستغلال ثرواته بدلا من صفقات تتقاسمها القوتين الفائزتين في بغداد وأربيل.
ويقودنا هذا إلى الربيع الأردني الذي تتابعه إسرائيل ، لتحقيق أهدافها ببقاء الأردن ضعيفا قلقا يتهدده العوز والتفكك والصراع الداخلي إن حاول الخروج عن نظرية الأمن والجوار الإسرائيلي التي عبر عنها نتنياهو " أن الأردن سيشهد أعنف مما تشهده سوريا ، وإن إسرائيل حاضرة في ربيعه " .
ما يحمّل مسؤولية تاريخية للحكومة والشعب وقواه السياسية والحزبية ، للسير في طريق ثالث ، غير طريق الإصرار الحكومي المتعنت وغير طريق المقاطعة والتهميش الذاتي . طريق ثالث ، تجد فيه القوى الوطنية الأردنية بجميع أطيافها وتحالفها المدني ، أرضا مشتركة يحكمها العدل والمساواة وسيادة القانون والإعتماد على الذات والإصلاح الإقتصادي والسياسي ، تقف جميعها عليها للمحافظة على الدولة الأردنية ومكتسباتها ووحدة شعبها بدون يافطات الحقوق المنقوصة والحقوق المكتسبة التي تقودنا حتما لما يخطط له نتنياهو. فالولاء للأوطان ليس جينات في الجسم أوفصيلة دم ، بل عمل وجهد يصنعه السياسيون الوطنيون المخلصون.
عضو المكتب السياسي
zayyanzawaneh@hotmail.com