يتكهن كثيرون بما تحمله الأيام من تطور لعملية الإصلاح، وسط أجواء من الاستقطاب والانقسام الأفقي والعمودي في المجتمع والجهات ذات العلاقة بمسيرة الإصلاح.
تسيطر على العقول حالة من عدم اليقين حيال مجريات الأوضاع محليا، في ظل تصاعد وتيرة العنف في الجارة الشمالية واختلاف توازن القوى على الأرض السورية.
محليا؛ وإن كان المعلن رسميا فصل المجريات الداخلية عن تلك الخارجية إلا أن السيناريوهات التي يجري الحديث عنها في الغرف المغلقة تؤكد أخذ المعطيات الخارجية بعين الاعتبار وربطها بقوة بما يجري محليا، تحديدا في حال كانت تخدم الأجندات الرسمية الداخلية.
المسؤولون الحكوميون يؤكدون أن تصاعد الأحداث على الجبهة الشمالية قد يضطر الدولة لإعلان حالة الطوارئ العسكرية، وتحديدا في مدينتي الرمثا والمفرق، ما يعني عمليا صعوبة إجراء الانتخابات خلال العام الحالي.
هذا المقترح ليس معلنا لكنه موضع نقاش وموضوع على الرف لحين الانتهاء من عمليات التسجيل، بحيث يتم اللجوء إليه في حال لم يكن التسجيل للانتخاب ضمن المستويات التي تطمح لها دوائر صنع القرار، بحيث تقارب معدلات التسجيل أردنيا النسب في الدول الديمقراطية.
في الشق الآخر، يبدو أن مهمة الهيئة المستقلة للانتخابات وتحديدا ما يتعلق بعدد المسجلين ليست سهلة، فالهدف إنتاج سجل انتخاب نزيه ونظيف وخال من المخالفات.
الهيئة بدأت من الصفر والغاية تسجيل 2 مليون ناخب من أصل ثلاثة ملايين مؤهلين للمشاركة كحد أدنى، في وقت تؤكد شخصيات حكومية من العيار الثقيل أن التسجيل يجب أن لا يقل عن 2.6 مليون نسمة لنجاح عملية التسجيل.
وبافتراض أن الهدف تسجيل مليوني ناخب فقط، وبحسبة بسيطة نستنتج أن المطلوب تسجيل نحو 70 ألف ناخب يوميا، وهذا ما يحتاج إلى تجهيزات لوجستية وجهود كبيرة لتحقيق هذا الهدف خصوصا أن شرائح واسعة من المجتمع ما تزال غير مكترثة بالقصة.
تحقيق هذا الهدف ليس هينا وسط الظروف المحلية وحالة الإحباط العامة وعدم الاكتراث الشعبي الناجم عن أداء مجلس النواب، حيث بات العزوف الشعبي، بعيدا عن الجدل الدائر حول قانون الانتخاب كبيرا، الأمر الذي يتطلب من وجهة نظر مسؤولين حكوميين حملة علاقات عامة في مختلف المناطق وتحديدا المخيمات والمحافظات، وهو ما تقوم به الدولة من خلال أدوات ترى أنها مؤثرة وقادرة على تحفيز عملية التسجيل.
مدة التسجيل بحسب القانون شهر ولدى الهيئة صلاحية التمديد، ورغم ذلك ثمة تساؤل هل تكفي المدد الزمنية لإتمام المهمة بسلام؟.
هنا يبدأ الحديث عن الخطة البديلة وفحواها أنه في حال لم يتجاوز عدد المسجلين المليونين، فإن استخدام الأحداث في سورية كذريعة للتأجيل جاهزة.
إنجاح عملية التسجيل لتثبيت رهان الدولة بحاجة لحملة غير مسبوقة تستخدم فيها الطرق التقليدية وغير التقليدية، وتبقى نسب النجاح والفشل مرهونة بقدرة المؤسسات الرسمية على تحفيز ما يقارب نصف الأردنيين على التسجيل وإقناعهم بالتوجه لدوائر الأحوال المدنية وهذه ليست بالمسألة السهلة.
مهمة المقاطعين أسهل تبعا للمزاج العام السائد ولديهم أدوات لم يستخدموها بعد، وتحديدا الإسلاميين الذين أعلنوا مبكرا المقاطعة، وهذا حق مشروع وموقف سياسي ومنسجم مع الدستور كونه جزءا من حرية التعبير عن الرأي، فيما يرى رئيس الوزراء أنه فعل غير دستوري.
بعد معركة قانون الانتخاب جاءت معركة التسجيل التي ستكون حاسمة في المضي في إجراء الانتخابات من عدمه، فيما الدولة ما تزال تعمل وفق أطر تقليدية قد لا تسعفها في معركة التسجيل، الأمر الذي يتطلب اللجوء إلى أساليب أكثر فاعلية وحملة وطنية تقنع الناس أن المشاركة أجدى وأنفع من المقاطعة.
بين التسجيل من عدمه وإجراء الانتخابات رابط وثيق، وتقدير قوة المقاطعين مقارنة بمن يدعون للمشاركة مسألة سيحسمها عدد المسجلين. لننتظر ونرَ من يؤثر أكثر!
jumana.ghunaimat@alghad.jo
الغد