عندما أراقب الأغنياء بشكل فاحش ممن يتيسر لنا نحن معشر الصحفيين الإختلاط بهم أجد نفسي مضطرا لإستذكار ما يقوله صديق لي دائما وهو يؤكد بأن متوسطي الذكاء وليس الأذكياء جدا هم من يملكون مالا وفيرا.. وهذه ليست قاعدة بكل الأحوال لكن المثير ان في المجتمع قناعة راسخة بان المال يصنعه الذكاء الخارق أما صديقي فيعتقد العكس مشيرا لإن من يتمتع بالذكاءالخارق جدا والثقافة المتسعة والكبيرة لا يفكر بالمال أصلا إنما يبحث عن المجد او دخول التاريخ او يركض وراء سراب التغيير. ومن يلهث وراء التغيير والإصلاح ويتمتع برؤية {ثورية} للأحداث او يسعى لتسجيل إسمه في التاريخ- نقصد أي تاريخ- هذا الشخص أياً كان يعمل بالضرورة في الإتجاه المعاكس لجمع المال والثروة رغم تمتعه بذكاء مرتفع وطاقة لا يستهان بها ويمكن لو وظفت بإتجاه المال ان تقدم له ثروة لا طائل لها.
.. كغيري من المواطنين الناخبين سرحت في هذه الأفكار وأنا أبحث عن إجابة على السؤال التالي .. بعض المرشحين من أبناء الأثرياء جدا .. لماذا يصرون على ركوب موجة البرلمان ؟.. وبماذا ينفعهم المقعد البرلماني بعد ان زهد به آباؤهم وهم يبنون لهم إمبراطوية مال تستغل الأن كقاعدة إنطلاق لشراء مقعد برلماني وليس للفوز به .
.. بصراحة وبكل إحترام لجميع المرشحين هناك مرشحين شبان أعرفهم جيدا ويتمتعون برؤية عصرية في مجال المال والبزنس لكني واثق تمام الثقة بانهم من متوسطي الذكاء وبأنهم لن يقدموا شيئا للبرلمان المقبل او لحياتنا ولن يضفوا أي بصمات من أي نوع.. بصدق لا أعرف ما الذي يريده هؤلاء؟ ولماذا لا يكتفون بما حصلوا عليه من نفوذ وحضور وقوة عبر عرق آباءهم وينصرفوا لشآنهم ليتركوا ما لا يجيديونه لغيرهم؟.
لا أعرف ما الذي يدفع صاحب شركة بلدوزرات ناجح في عمله ولا يعتبر وجيها في قومه للترشح وتخصيص مليون دينار للحصول على المقعد..؟ او لماذا يهتم مقاول عجوز يقترب من حفة القبر بالإنتخابات ويخطف الترشيح من بين يدي إبنه الشاب..؟.. الأهم لماذا يعتقد مليونير شاب ورث ما ورث عن الوالد او الأسرة ان الشعب الأردني يحتاج لخبراته في البرلمان او انه يملك ما يستطيع تقديمه أكثر من غيره؟... وما هي الإضافة التي يضيفها لتجربتنا الديمقراطية وجود أثرياء جدا في البرلمان من طراز أولئك الذين لا يعرفون بوجود منطقة إسمها {جبل المريخ}؟.
بكل تأكيد هناك مرشحين أثرياء لا يشكل المال نقيصة فيهم وطالما إستخدموه لخدمة الوطن والناس وهؤلاء لديهم بالتأكيد خبرات في الشأن العام او ينتمون لعائلات عريقة إنسغلت دهرا بالسياسة.. أما من أرهقونا في إفتتاح بورصة أسعار الأصوات بدون مضمون من أنصاف الأذكياء فما الذي يريدونه ..؟
عموما التجربة تقول ان ان المجد الحقيقي والمال لا يتفقان ومراقبة الأثرياء جدا الذين أعرفهم تؤكد بان بعضهم لم يمتلك الحد الأدنى من مقومات الذكاء والخبرة مع ان بعضهم الأخر يؤسس لحالة عبقرية تجمع المال بالذكاء الحاد والفطري .. لكن بشكل عام ليس شرطا ان من يملك المال هو الأفضل وليس شرطا ان من يملك المال هو الأذكى.