نهاية النهار يشبه حفل افتتاح الأولمبياد.. الناس يتحرّكون باتجاهات متقاطعة ليأخذوا أماكنهم المحجوزة لهم أصلا..عصبيون مستعجلون مرهقون متأخرون.. لكنهم يصلون جميعاً في نفس الوقت..
«بكم ديانا» يصطف بعرض الشارع ليشتري صاحبه صحن حمّص، باص «كوستر» يشرّع براديه للريح ولليوم الطويل، امرأة تلوح لطفلها ببنطاله ليرتديه، جرس انذار صادر عن سيارة «افانتي» تزيد عجقة الغروب «عجقة»، تثاؤب خزان الجيران الفارغ، احتكاك دالية بوجه السياج حتى تحمّر قطوفها، انكفاء «التنكة» المربوطة بحبل «البير»، تأرجح سلك هاتف مفصول، نسمة غروبية مفاجئة تفلّي رأس الشجر وتمشط شعر النهار،سيارة غاز تنزل جرة ممتلئة في أول الحي، دبيب ناعم لحمامتين بريتين تمشيان على «زينكو» بيت الدرج، زامور جوع هناك، و»بريك» استعجال هنا .. همس برج الاتصالات وهو يواري خلفه الشمس المطرودة من تأفف العطشى، وشجرة خوخ تقبّل أوراقها ورقة قبل أن يأتي أيلول السفر..أزواج عصافير تكتب على السماء نزقها وحرارة الصيف بزقزقة ملولة ..كيس علق بجذع شجرة صنوبر فلا هو زيّنها ولا هي أطلقته للريح..رنين الأكواب بين يدي «ستّ البيت»..طرق بسيط من عصا «قشّاطة» على حافتي «نيون» احرن عن الإضاءة...وسنونوتان تخيطان ثقب الوقت بجناحيهما المضطربين..
نهاية النهار، يختلط الدعاء، بأجراس البيوت العلوية، برائحة القهوة المغلية،، ببكاء الرّضع في أسرّتهم، بسقوط اغطية الطناجر على البلاط،ب»طقّات» الغاز العجولة، باحتكاك الملاعق في بواطن الصحون، بأصوات السيارات العائدة الى بيوتها، بنغمة بائعي «شعر البنات»، برنين «المسجات» ..
هذا الضجيج الشهي المتصاعد فوق البيوت،الحامل بيديه حقائب «السكوت»... هو بعض من « أذكار» وطني!!!.
الرأي