أيتام الأردن ومجهولو النسب يناضلون ضد التمييز
09-08-2012 05:44 AM
عمون - يستغرب علاء، اليتيم ومجهول النسب، لجوءَ الدولة إلى العنف في قمع اعتصام شارك فيه مع عدد من نظـــرائه، ويستنكر طريقة تعامل قوات الدرك الأردنية مع اعتصامهم أمام مبنى رئاســــة الوزراء الشهر الماضي، رغم ان مطالبهـــم -وفق وصفه- "خدمية وبعيدة عن السياسة، ولا تحتاج كل هذا العنف".
يضيف علاء: «هناك نظرة دونية لنا، سواء من المجتمع أو من القيمين على إدارة هذه المؤسسات أو من المدارس، فجمعيهم ينظر الى فئة الأيتام والمفكّكين أسرياً ومجهولي النسب نظرةً مختلفة، وكأنهم يحمِّلوننا ذنباً لم نقترفه، ويميزوننا عن الآخرين حتى بالأرقام الوطنية، ويشعروننا بالتهميش مهما حققنا من نجاحات في الحياة. إننا في حاجة لمن يعاملنا معاملة حسنة ولا يهين كرامتنا وإنسانيتنا... رحلة عذاباتنا تبدأ منذ الطفولة، وتحديداً من لحظة تواجدنا في المؤسسات التي تُعنى بحالاتنا».
ويناضل أيتام الأردن ومجهولو النسب ضد «التمييز» الذي يمارس بحقهم من قبل الدولة، فهي حين تعطيهم أرقاماً وطنية مميزة «تساهم في جعل المؤسسات والشركات تنظر اليهم بدونية لدى تقديمهم طلبات توظيف بسبب هذه الأرقام، وهو ما يعتبرونه حائطَ صدّ أمام اندماجهم في المجتمع»، على حد تعبير بعضهم.
ورفع المعتصمون في تجمّعهم، الذي استمر اسبوعاً، شعارات تطالب بالتأمين الصحي وتفعيل دَور صندوق الأمان بشكل جذري، وتوفير المساكن للذين تخرجوا في دُور الرعاية بعد إتمام سن الثامنة عشرة، إضافة إلى إعادة النظر في الأرقام الممنوحة لهم لتمييزهم عن الآخرين، وكذلك المطالبة بأن تكون وحدة الأيتام في وزارة التنمية الاجتماعية جاهزة على مدار أربع وعشرين ساعة للتعامل معهم، وكذلك الإشراف على زواج الفتيات اليتيمات، وتقديم المساعدات الطارئة خلال سنة للخرّيجين التي قامت الوزارة بإلغائها.
ويتوزع المنتفعون من «دُور رعاية الأطفال» الإيوائية تبعاً لفئاتهم: الأيتام 22.48 في المئة، المفكّكون أسرياً 30.7 في المئة، معروفو الأمهات مجهولو الآباء 46.86 في المئة.
وفي حين يصل عدد الأطفال في المراكز إلى 850، تبلغ الطاقة الاستيعابية لدُور رعاية الأطفال، وعددها 32، الى 1459 طفلاً، بنسبة إشغال بلغت 56 في المئة، اذ أحيل 141 خرّيجاً من دُور الرعاية على الدفاع المدني والأمن العام والشركات الخاصة، فضلاً عن توظيف كثيرين منهم في ملاك وزارة التنمية الاجتماعية. وتمكّن ثمانية عشر خريجاً فقط من الاستفادة من مشروع المساكن، وفق أسس ومعايير خاصة، فضلاً عن تقديم الوزارة مبلغ 250 ألف دينار سنوياً لصندوق الأمان لمستقبل الأيتام، بهدف تأهيل هذه الفئة بعد عمر 18 عاماً. وتؤكّد وزارة التنمية الاجتماعية الأردنية، أن قصص نجاح خريجي دُور الرعاية، المعبّرة عن اندماجهم الاجتماعي، تكاد تزيد عن 90 في المئة، وأنه تمّ تأهيلهم لمهن ووظائف ومشاريع تؤمّن لهم حياة كريمة.
ضياع بعد التخرج
وكانت دراسة محلية أشارت إلى وجود حوالى 72305 أيتام فقدوا أحد والدَيْهم أو كليهما، يعيشون جميعاً لدى ذوي القُرْبى، وغالبيتهم ليست من الطبقة الفقيرة، ويبلغ عدد الفقراء منهم 28541 يتيماً، يخدمهم صندوق المعونة الوطنية، الأمر الذي يُشير إلى قيام الوزارة وذراعِها الأيمن صندوق المعونة الوطنية، برعاية الأيتام وحمايتهم ضمن إطار أسرهم.
من جهة أخرى، يقول أحد هؤلاء: «غادرت مؤسسة الأيتام في الثامنة عشرة من عمري، وبقيت حتى الثالثة والعشرين أبحث عمّن يمد لي يد العون في حياتي لاستكمال تعليمي، بعد أن فشلت في ذلك بسبب رقمي الوطني، الذي كان أرباب العمل يعرفون من خلاله أنني من مجهولي النسب، ما كان يؤدي مباشرة إلى تلميحهم برفض طلبي، وهو ما كنت أفهمه على الفور، وما ذلك إلا لأنهم يعتقدون للأسف أنني «ابن حرام»». ويُشير إلى أنه يعمل الآن بأعمال الإنشاءات والباطون كعامل بالمياومة، كي يستطيع تدبر حياته التي تخلو من أي ضمان.
ويقول فادي، وهو يتيم آخر من إحدى قرى الأطفال الأردنية المعنية بالأيتام، إنه بعد خروجه من القرية في سن الثامنة عشرة، لم يجد مَن يساعده، فشعر بالوحدة والخوف، ما قاده الى أمراض الاكتئاب والانعزال، مشيراً إلى أن كثيرين ممّن يتصدقون عليه لا يعرفون أنه مجهول النسب، وهو الشيء الذي يقلقه كثيراً.
وكانت قضية الأيتام كسبت تعاطفاً شعبياً حتى على المستوى الرسمي في المملكة، وعبّر بعضهم على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، عن خيبة أمله الكبيرة بسماع خبر فضّ اعتصام الأيتام ومجهولي النسب على الدوار الرابع فجر الجمعة، الذي أكد الايتام المعتصمون فيه تعرضهم لـ «الضرب والإهانة اللفظية»، قبل فضّ اعتصامهم بالقوة وإيقافهم ساعات في المراكز الأمنية.
وفيما أعرب هؤلاء عن يأسهم من تحقيق مطالبهم وعن نيتهم في التوجه إلى السفارة البريطانية لطلب اللجوء الإنساني، اعتبرت وزارة التنمية الاجتماعية في بيان، أن «الاعتصامات المتكررة التي قام بها عدد من المواطنين باسم الأيتام لا تتفق مع أحقية تحقيق المطالب والبحث عن الحلول المناسبة لها»، موضحة إن «القيمين على اعتصام الدوار الرابع ليسوا أيتاماً، لكون تعريف اليتيم يقترن بالطفولة، أمّا المعتصمون فتزيد أعمارهم على 20 عاماً». (الحياة)