حجاب في عمان .. محطة دائمة أم نقطة عبور؟
فهد الخيطان
09-08-2012 04:47 AM
اتضحت الصورة أخيرا؛ فقد أقرت الحكومة رسميا بأن رئيس الوزراء السوري المنشق دخل الأراضي الأردنية فجر يوم أمس، بينما تؤكد مصادر المعارضة السورية أن موكب رياض حجاب المكون من عدة سيارات اجتاز الحدود قبل الفجر بساعات.
لمدة يومين، ظل مصير رئيس الوزراء المنشق مجهولا؛ المعارضة السورية تؤكد دخوله إلى الأردن، والحكومة تنفي. وقد تبين لاحقا أن التضارب في الروايات "من جانب السوريين" كان جزءا من خطة للتمويه وإرباك السلطات السورية، لتأمين خروج حجاب بسلام من سورية.
وقد جرى على نحو مقصود فبركة تقارير صحفية عن وصوله إلى لبنان، وأخرى إلى تركيا. وبينما كانت وسائل الإعلام تغوص في سيل من المعلومات المتناقضة، كان جنود من الجيش السوري الحر يؤمنون موكب حجاب إلى الأردن.
حجاب هو أرفع مسؤول سوري ينشق عن نظام الأسد. وخلافا لشخصيات سورية منشقة أقل شأنا منه، اختار رئيس الوزراء "المقال" أن يتوجه إلى الأردن. أمنت الحكومة الأردنية مكان إقامة لحجاب وعائلته يليق بمكانته السياسية، لكن لم يتبين بعد إن كان الضيف سيقيم بشكل دائم في عمان، أم أنها محطة مؤقتة ينتقل بعدها إلى قطر، كما جرت العادة مع منشقين سابقين عن النظام السوري، أو إلى الإمارات العربية كما تردد في اليومين الماضيين.
لم يترك حجاب منصبه هروبا من المسؤولية، وإنما لتحمل مسؤولية أكبر جسامة، تتمثل في العمل من أجل إسقاط النظام السوري، وإنجاز التغيير الكامل في بلده الذي غادره وهو غارق في الدم والدمار. ولذلك، من المستبعد أن يقبل الرجل دور لاجئ سياسي، ويمضي ما تبقى من عمره متقاعدا في عمان.
المؤكد أن حجاب سيلعب دورا سياسيا مهما في المرحلة المقبلة، وتجد فيه أوساط المعارضة السورية شخصية مؤهلة لتسلم زمام المسؤولية في مرحلة ما بعد بشار الأسد.
عوامل كثيرة ترشح حجاب لهكذا دور؛ فهو ابن الحزب والدولة السورية العارف بخباياها، وينحدر من عشيرة سورية وازنة في ديرالزور. وإضافة إلى ذلك يتمتع باحترام أوساط اجتماعية وسياسية واسعة في سورية.
لكن إذا اختار حجاب الإقامة في الأردن، فهل تمنحه القيادة السياسية حرية العمل والحركة ضد النظام السوري؟
الموقف الرسمي الأردني تجاه النظام السوري آخذ في التحول بشكل تدريجي؛ تصريحات الملك الأخيرة لمحطات تلفزيونية أميركية توحي بذلك. رغم ذلك، فإن الموقف لم يبلغ بعد المستوى الذي نستطيع معه الجزم بأن عمان باتت مستعدة للعب دور مماثل لدور تركيا أو قطر في دعم المعارضة المسلحة في سورية.
للأردن في هذا المجال تجربة مع المعارضة العراقية التي استضاف أبرز رموزها لسنوات طويلة، وحاك مع بعضهم الخطط لإسقاط صدام، وكان في ذات الوقت يقيم صلات طبيعية مع النظام العراقي، ويحصل منه على النفط بأسعار تفضيلية.
الأمر مختلف هذه المرة؛ فالحكومة تعلن باستمرار أنها لن تتدخل في الشأن السوري الداخلي، ولا تنوي فعل ذلك في المستقبل، إلا إذا تعرض الأمن الوطني الأردني للتهديد.
ولهذا، يميل المراقبون إلى الاعتقاد أن الأردن لم يكن ليقبل بدخول حجاب إلى أراضيه قبل الاتفاق معه على الخطوة التالية.
الأيام القليلة المقبلة ستكشف إن كانت عمان محطة دائمة لحجاب أم نقطة عبور إلى بلد آخر. وعندها يمكن أن نعرف، هل تغير الموقف الأردني تجاه الأزمة السورية، أم لا.
الغد