مصر الجائزة .. العملية الحدودية اسرائيلية
اسعد العزوني
08-08-2012 01:16 PM
عمون - ما من شك أن مصر بالنسبة لاسرائيل وأمريكا على وجه الخصوص، هي الجائزة، بل الجائزة الثمينة الكبرى ،أي الكنز .
وقد ثبت ذلك بالتأكيد بعد سلخها عن الوطن العربي وتكبيلها بمعاهدة كامب ديفيد سيئة السمعة والصيت التي قامر السادات بمصير مصر من خلالها.
لقد جربوا مصر الرسمية كثيرا للتثبت من مصداقيتها ازاء اسرائيل، ومدى التزامها بمعاهدة كامب ديفيد، وأولها بل واهمها على الاطلاق العدوان السافر على المقاومة الفلسطينية في لبنان صلف العام 1982 الذي انتهى بحصار بيروت وغدر المقاومة الفلسطينية باخراجها من لبنان ومن ثم تنفيذ مجازر مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين .
النتيجة كانت أن العرب بدون مصر لا وزن لهم ،وأن مصر الرسمية بدون العرب سهلة الانقياد ،علما بأن المعادلة العربية المصرية لم يفهمها أحد ،اذ أن العرب لم يقفوا مع مصر وبذلك سهلوا مهمة السادات لقيادتها الى حظيرة كامب ديفيد.
بعد السادات جاء قاتله حسني مبارك ،وهو أخطر منه ،وقد تربع على عرش مصر قهرا ثلاثين عاما أثرى خلالها هو وأفراد عائلته حتى أن أتباعه قد أثروا من الفتات الذي تركه لهم مبارك والعائلة التي لا تشبع ولم توفر حتى تبرعات مستشفى سرطان الأطفال ومكتبة الاسكندرية.
ففي عهد مبارك ترسمت مصر الرسمية رسميا وتعمدت اسرائيليا وأمريكيا بعد صمتها المطبق عن جرائم اسرائيل في لبنان ،وتمكينها من التخلص من المقاومتين الفلسطينية واللبنانية ،وأجزم لو أن مصر الرسمية كانت معافاة آنذاك لم نجحت اسرائيل في مسعاها ولما وصلت الأمور الى ما وصلت اليه.
لذلك أقول أن مصر الرسمية التي تخلت عن فلسطين ،والعراق ،باتت مكبلة بالرغبات الصهيو-أمريكية وما عاد يربطها أي رباط بالعرب والعروبة ،علما أن الشعب المصري لم تنفصل عراه عن العروبة ولكنه لم يتمكن من تغيير الواقع لسوء الأحوال .
حاولت اسرائيل تقديم الدعم لمبارك ابان الحراك الأخير الذي لنا ألف مأخذ ومأخذ عليه ،ووصل هذا الدعم الى أرض الواقع لكن أخطاء مبارك وأهمها التمسك بالسلطة وتوريث ابنيه للحكم ،حالا دون ابقاء الحال في مصر على ما هو عليه ،فكان أن أزيح مبارك غدرا ،من قبل من أصبح نائبا له وأعني بذلك رئيس المخابرات عمر سليمان الذي قضى مؤخرا في ظروف غامضة ،وكان الهدف تسليم مصر لسليمان كونه المرضي عنه والموثوق به اسرائيليا وأمريكيا ولكن الأمور لم تسر على هواهم.
كانت النكبة والنكسة والوكسة معا بالنسبة لاسرائيل عندما غادر مبارك الحكم مخلوعا ،ولا أريد الخوض بالتفاصيل اللاحقة ،بل سأكتفي بالقول أن اسرائيل وعند مجيء الرئيس مرسي قامت بالعديد من الحركات مثل التهنئة والحديث بود عن كامب ديفيد وضرورة الحفاظ عليها بعد أن قيل في الشارع المصري أن المطلوب هو اعادة النظر في هذه المعاهدة.
وتطور الأمر الى ما هو أخطر من ذلك حيث دخلنا في نفق رسائل التهنئة المتبادلة بين الرئيس مرسي ورئيس الكيان الاسرائيلي بيريز وما جرى تسريبه من قول على لسان مرسي أن اسرائيل دولة شقيقة.
يهود وهذا ديدنهم لا ينامون على مجهول بل يحبون ختم يومهم بعمل ما على أرض الواقع ،وقد شهدنا مؤخرا تصريحات لمسؤولين اسرائيليين كبارا يطلبون من الرعايا والسواح الاسرائيليين مغادرة سيناء ،كما جرى الحديث عن عملية اسرائيلية كبيرة يحضر لها ضد غزة ،اضافة الى الحديث عن ضرورة العمل على ضبط الأمور في سيناء.
وبالتالي لم نفاجأ عندما سمعنا ورأينا العملية الحدودية التي راح فيها 16 جنديا مصريا وتدمير ناقلتهم وحرقها ،ولسنا بحاجة لتحالف سحر هندي مغربي يهودي ولا لنقابة ضاربي الودع أو الرمل لنعرف من نفذها أو لمصلحة من ،فالبصمة الاسرائيلية ساطعة مثل نور الشمس في عز الظهر ،اذ أن اسرائيل أرادت ضرب سرب عصاقير بحجر واحد .
أرادت اسرائيل أولا فتح ملف سيناء وضرورة جر الحكم الجديد في مصر الى مفاوضات جديدة وعندها سيعلق هذا الحكم علانية مع اسرائيل التي لا ترغب العمل من تحت الطاولة.
كما أنها أرادت اثبات قوتها ويقظتها في ظل متابعة الجماهير العربية لمسلسل فرقة ناجي عطا الله الذي - رغم بساطته وتسطيحه للأمور- أثبت عجز اسرائيل من خلال سهولة النفاذ الى بنك ليئومي وهو أكبر بنك فيها وتمكن عطا الله واثنين من فرقته بخطف اسرائيليين ومنهم ضابط كبير في الشاباك. وفي الوقت ذاته اثبات ضعف مصر وحاجتها للدعم الأمريكي وهذا ما دلت عليه التصريحات الأمريكية الأخيرة حول استعداد واشنطن لدعم الجيش المصري.
أما عن كيفية ومن نفذ العملية فهذه قصة لا تحتاج الى جهد وعناء ،فالقاعدة وهي الذراع الأمريكي الذي يتحرك وفق الفضاء الأمريكي جاهزة لأي عمل قذر ،ونستطيع القول أن اسرائيل ومن خلال عملائها في سيناء قامت بهذه المقاولة ،علما أنها تستطيع التضحية بدزينة يهود شرقيين لتنفيذ هذه العملية ان لم تجد من يقبل بهذه المقاولة ،ولم لا والهدف منها مزدوج وهو جر مرسي الى المفاوضات العلنية مع اسرائيل واشعال النيران في العلاقات المصرية الفلسطينية من خلا ل توريط غزة فيها.
بقي القول أن الأيام ستثبت أن اسرائيل هي التي نفذت العملية ،وأننا نعيش أحواء عملية محاولة قتل السفير الاسرائيلي في لندن عام 1982 التي أعقبها الهجوم الوحشي الاسرائيلي على لبنان.