كانت الدولة العثمانية في أوج قوتها في القرن السادس عشر ، فقد تمكنت من احتلال البلاد العربية في عامي 1516و1517 م ، بعد الانتصار على المماليك في معركة مرج دابق، لاستخدام العثمانيين السلاح الناري اليدوي .وقد سقطت الخلافة العباسية ، في عهد الخليفة الخامس والخمسين وهو المتوكل على الله أبو عبد الله محمد بن يعقوب المستمسك بالله في 12 شعبان 957هـ 26 آب 1550م وقد لقي السلطان المملوكي قانصوه الغوري حتفه في معركة مرج دابق ، وكان معه الخليفة العباسي المستمسك . وقد اصطحب السلطان سليم الخليفة العباسي إلى حلب ، وذكر اسمه في الخطبة ، وتلقب بخادم الحرمين الشريفين .
وقد تجمع المماليك في القاهرة برئاسة السلطان طومان باي الذي بايعه والد الخليفة العباسي المحتجز لدى العثمانيين . ولما رفض سلطان المماليك الخضوع للعثمانيين توجه السلطان سليم إلى مصر ، وتمكن من هزيمة المماليك في موقعة الريدانية في 23 كانون الثاني 1517م ، ودخل القاهرة في 13 نيسان 1517م . وأرسل السلطان سليم الخليفة العباسي المتوكل على الله إلى استانبول . ولكن الخليفة عاد إلى مصر بعد وفاة السلطان سليم الأول واستمر في الخلافة حتى وفاته في 12 شعبان 957هـ 26 آب 1550م . وفي عهد سليمان القانوني أرغم الخليفة على التنازل عن الخلافة .
اما بالنسبة لطبيعة حكم العثمانيين في بلادنا ، فقد ولى السلطان سليم امر حكم بلاد الشام الى " جان بردي الغزالي " ، فقد كان مسؤولا عن بلاد الشام بما فيها القدس والكرك ونابلس وغزة . وكان الغزالي قائدا عاما للجيش الذي ارسله " طومان باي " آخر ملوك الشراكسة لقتال السلطان سليم فانهزم في معركة غزة وفر ، فالتحق بالسلطان سليم ، واعانه على فتح مصر ، فكافأه السلطان وولاه الشام . الا انه طمع فشق عصا الطاعة على السلطان العثماني ، ونادى بنفسه ملكا على الشام ، الى ان تمكنوا من التخلص منه .
وقد استمر العثمانيون بتقسيم بلاد الشام ومن بينها شرقي الأردن ، إلى ثلاث ولايات هي : الشام وحلب وطرابلس . حيث امتدت ولاية الشام من معرة النعمان إلى العريش . ثم قسمت ولاية الشام إلى سناجق هي : دمشق أو الشام مركز الولاية والقدس وغزة وصفد وعجلون ونابلس واللجون وتدمر وصيدا مع بيروت والكرك مع الشوبك . وفي اواخر القن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي ، تولى حكم الديار الشامية الامير منصور ، المعروف بابن الفريخ البدوي . الذي حكم البقاع وصفد وعجلون وجميع شمالي الاردن . اما العربان في البقاع وحوران وشرقي الأردن وفلسطين ، فقد ترك أمرهم في القرن السابع عشر إلى الأمير فخر الدين المعني الثاني ، وقد لقبه السلطان مراد الرابع بأميرعربستان ، ولقب أيضا بلقب " سلطان البر" . وخضعت المنطقة بعده لقبائل الموالي الطائيين ، وكان أمراؤها من آل أبي ريشة . ولقب الأمير بأمير الصحراء أو حاكم البر. ونافستهم قبائل شمر في القرن الثامن عشر ثم قبيلة عنزة . بينما بقيت السيطرة في في البلقاء وشمال شرقي الأردن لبني صخر والسردية وعرب الصقر وقبيلة عباد . قبل أن تأتي قوات محمد علي بقيادة ابنه إبراهيم باشا لتسيطر على الشام ومن بينها شرقي الأردن .
وكان الأتراك يستوفون من القبائل الأردنية ضريبة خاصة، فقد عمل العثمانيون على جعل القبائل الأردنية تقوم بحماية طريق الحج مقابل صرة سنوية تدفع للقبائل . وقد بنى العثمانيون الحصون في شرقي الأردن على طول طريق الحج كقلعة الحسا وقلعة معان وقلعة المفرق وقلعة الأزرق . كما انشاءوا حكومة في الكرك ، إلا أن الحاكم انشق على الدولة العثمانية وتمرد عليها ,. فأرسل السلطان احد الباشاوات للتفاوض مع حاكم الكرك ، إلا أن اجتماعا آخر تم بين الباشا وحاكم الكرك في القطرانة أدي إلى القبض على الحاكم وإرساله إلى دمشق . ثم ترك العثمانيون الكرك وشرقي الأردن وشأنها إلى عام 1892م حين جعلوا الكرك مركزا لمتصرفية تضم جنوبي الأردن .
وقد شجع إهمال الأتراك لشرقي الأردن البدو ، فاستثمروا فرصة الفوضى في البلاد ، واخذوا يغيرون على الأراضي الزراعية المعمورة ، مما جعل سكان المنطقة خاصة شمال الأردن يشكلون ادارات صغيرة تعرف بالنواحي لحماية القرويين ضد غارات البدو،.يرأسها زعماء محليون يستمرون بالحكم وراثيا . اما في جنوبي الأردن فقد عهد السلطان لكل شيخ من شيوخ المنطقة بالمسؤولية عن إدارتها . وكانوا يحمون فلاحيها مقابل ما عرف بالخاوة . اما المدن فكان أهل كل مدينة يدافعون عنها بأنفسهم .
اما البلقاء أي منطقة وسط الأردن ، فقد أصبحت بعد انتهاء الحكم المملوكي تحكم عشائريا . فقد ظهرت فيها قبيلة المهداوية التي كانت تسيطر على البلقاء حوالى عام 1640م ، وقبيلة عباد وقبيلة العدوان وعشيرة العجارمة وقبيلة بني صخر بحدود عام 1730م ، وقد احتل ظاهر العمر البلقاء في تلك الفترة بحدود عام 1760م ، ثم عاد العدوان للسيطرة ، إلى أن انتصر بنو صخر عليهم في عام 1812م ، فسيطروا على البلقاء والجأوا العدوان إلى جبال عجلون . وقد انتهزت قبيلة عباد الفرصة وبسطت نفوذها على البلقاء ، ثم أغارت على حوران . إلى أن تمكن حلف شكله العدوان من السيطرة على البلقاء ، والجا عباد إلى بيسان . إلا أن عباد تحالفوا مع الصقر والبشتاوية وفلاحي الغور ، وأعادوا السيطرة على البلقاء واقتسموها مع العدوان وحلفائهم . ثم خضعت المنطقة لحكم إبراهيم باشا من 1830م إلى 1841م .