عندما يختلط "البيزنس" بالسياسة؟
عماد عبد الرحمن
08-11-2007 02:00 AM
اختلف مع كل الذين جزموا بأن مجلس النواب الخامس عشر سيكون نسخة طبق الأصل عن المجلس الذي سبقه أو اقل كفاءة،والذي وصف آنذاك انه مجلس خدمات وواسطات وجاهات و"عزايم". إذ يبدوا للوهلة الأولى ومن خلال متابعة بورصة المرشحين للمجلس الجديد ،أن غالبية المرشحين هم من طبقة رجال الأعمال والمقتدرين،والساعين الى تتويج مسيرتهم الاقتصادية الناجحة بموقع سياسي سهل المنال،لا يتطلب بلوغه إلا إنفاق جزء يسير من الثروة و"تعكيش الناخبين"،بدليل الإنفاق الهائل على الحملات الانتخابية الى حد "البذخ"،ولدرجة وصلت إلى أن أكثر من مرشح رصدوا مئات الآلاف من الدنانير لغايات الحملات النيابية،وحتى المرشحين الأقل ثراءاً حصلوا على الدعم اللازم ممن يسعون وراء تسيير مصالحهم الخاصة بهم ولكنهم يفضلون البقاء في الظل.
أتخيل مجلس النواب المقبل،رغم وجود رموز نيابية تاريخية ستبقى إلى ما شاء الله، أتخيله خاليا من "نواب الخدمات"الذين كانوا لا يعرفون النوم، لضخامة المسؤوليات الخدمية التي كانوا يكلفون بها من قواعدهم الانتخابية، كما سيفتقد المجلس في معظمه إلى نواب فتحوا منازلهم ومقراتهم العمانية للقادمين من بعيد،أي من خارج العاصمة قاصدين النائب الذي أعطوه ثقتهم لإنجاز معاملة أو خدمة ما،وهذه بالمناسبة كانت مطالب نخبوية لتخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة.
اجل، قد تتغير هوية مجلس النواب،وقد نرى نوابا يحملون"اللابتوب"،
يبرمون صفقات تجارية من على مقاعد المجلس،ويستقبلون ضيوفهم الأجانب وشركائهم التجاريين في مكاتب مجلس النواب، وقد تتغير آلية عمل المجلس وطريقة مناقشة القوانين المطروحة على جدول الأعمال، بعد ان يصبح جدول الأعمال الذي توزعه الأمانة العامة ويستهلك اطنان من الورق ، يوزع على "الإيميل"،ويدرج على "البي سي" المخصص لكل نائب على مقعده النيابي.
ابلغني احد نواب المجلس الرابع عشر انه رفض كل الضغوط التي مورست عليه من اجل اعادة ترشيحه للمجلس الجديد،وعندما سألته لماذا الرفض؟!، قال انه لم يعد يحتمل الضغوط الإجتماعية التي مورست عليه خلال الأربع سنوات الماضية
الى حد الابتزاز،...هو اكد ايضا انه عانى بما فيه الكفاية من نظرة المجتمع للنائب الذي يعتقد بمجرد انتخابه انه أصبح رئيس وزراء او وزير،وكل الوظائف الشاغرة والمعالجات الصحية والخدمات البلدية،لا تحتاج إلا الى اشارة واحدة منه لكي تنفذ على أرض الواقع.
سيحمل مجلس النواب الجديد الذي سيضم خليطاً من نواب "البيزنس"و"الخدمات وهم قلة،و"السياسيين" وهم قلة ايضا، هوية مختلفة وتنوع يصل الى حد "التناقض"،لقد كنا نشتكي دوما من ضعف أداء "النواب" بحجة قانون الصوت الواحد،وسنشتكي من تناقضات المجلس المقبل واختلاف اولوياته، لأن دافعنا كناخبين لم يكن مبني على أسس سليمة،ولا يحتكم الى ضمير "حي"،لنعترف أننا كناخبين، ننتخب على أسس تقوم على صلة القرابة والعلاقات الشخصية والمناطقية والجهوية الضيقة ولمن يدفع أكثر ،وكل ذلك،مع الأسف، سيكون على حساب النائب الكفوء والمخلص... نائب الوطن وصاحب الفكر والموقف، الذي هو من يستحق الصوت،حتى وإن قلت المنافع والعوائد الشخصية.
*صحفي في جريدة الرأي