الطلعات القاتلة لسلاح الجو السوري في سماء حلب
05-08-2012 03:40 PM
عمون - يبدا الامر بهدير بعيد في سماء مدينة حلب ثم تظهر كتلة تلمع تدور حول نفسها وتقترب. على الارض يجري المقاتلون المعارضون في كل اتجاه في معسكرهم وسط اهتزاز بلور المباني مع اول الانفجارات.
وبدت للعيان في سماء المدينة طائرة مطاردة وهي تحلق على علو منخفض. ويهرع المسلحون من نومهم وياخذون سلاحهم وهم يراقبون السماء وقد وضعوا اياديهم على اسيجة الشبابيك.
وفجأة يدوي صوت مدفع وتختفي الطائرة من الاجواء.
وبدا القلق على الوجوه. ويتساءل المسلحون المعارضون اين سقطت القذائف؟ هل انهى الطيار حصاده القاتل؟. وزعزعت ثلاثة انفجارات ضخمة الحيطان. بدأت القنابل تقترب واصبحت تسقط في الحي.
ويتحصن المسلحون خلف الاسوار السميكة لمدرسة او تحت سلالم المباني او في قبو حيث تخزن قذائف الدبابات والذخيرة والديزل.
ورفضت مجموعة من الصحافيين الغربيين في حلب التحصن معهم معتبرين ان سقوط قذيفة او تطاير شظية في المكان يمكن ان يفجر كل ما في القبو.
ويسود صمت خادع اجواء المدينة فالطائرة تهاجم حين ينقطع صوت محركاتها. وتمر الدقائق ثم تدوي الانفجارات مجددا.
في الخارج يغتنم المسلحون فترة هدوء لتحريك دبابة يقولون انهم استولوا عليها من القوات النظامية.
وتنبعث سحابة من التراب والدخان من الدبابة التي تجوب الحي بعد ان كانت مخباة. وفي مكان غير بعيد من المكان ينصب المقاتلون رشاشات ثقيلة على سيارات "بيك اب" للتصدي للطائرة.
وتصل شاحنة صغيرة الى مستشفى ميداني اقيم قرب معسكر للمعارضين. ويصرخ الرجال ويطلبون فتح الباب ويسحبون رجلا مضرجا بالدم وقد اصابته شظايا في الرجلين والظهر.
وانخرطت سيدة كانت جالسة في الشاحنة في البكاء وهي ترتجف. وقالت سيدة اخرى "انه ابن جارتنا (..) لقد سقطت القذائف على حينا حي هنانو" شمال حلب.
وما هي الا لحظات حتى حمل الرجال الجريح معهم. فاصاباته خطرة ويجب نقله الى مستشفى الشعار. وبدا الجريح متالما لكن بامكانه تحريك رجليه. ووضع في الجهة الخلفية من الشاحنة في حين برز ساقاه من نافذتها.
وعاد النساء والاطفال الى الظهور في شوارع المدينة. وفي شارع كبير بدت السنة لهب تعلو حطام سيارة يبدو انها اصيبت بقذيفة. وقال احد الرجال "اترون ما يفعلون؟ انهم يدمرون المدينة كلها".
ويدرك ضابط كان انشق عن الجيش النظامي قبل ثمانية اشهر ويقود مئات المسلحين ان السيطرة على الاحياء لا تكفي للسيطرة على المدينة طالما ان طيران الجيش النظامي يسيطر على اجواء حلب.
وقال محمد وهو يداعب لحيته "نحن بحاجة الى اسلحة مضادة للطيران واسلحة مضادة للدبابات، لكني اعرف انه لا الاوروبيين ولا قطر ستعطينا اياها". واضاف "نحن نشتري اسلحة من مهربين".
ومنذ بداية التمرد في حلب ثاني اكبر مدن سوريا في 20 تموز/يوليو بدا الجمود سيد الموقف. فجنود الجيش السوري والمسلحون المعارضون يخوضون قتالا عنيفا في حي صلاح الدين الذي غادره سكانه المقدرين بمئات الالاف. لكن الجميع ينتظر الحملة الكبيرة للقوات الحكومية.
وفي محاولة لتخفيف الضغط على المدينة يهاجم المسلحون المعارضون ليليا مطار منغ العسكري حيث قاعدة المروحيات. اما الطائرات فهي تاتي من ادلب او مناطق اخرى ولا شيء يمكنه على ما يبدو حتى الان ايقافها.
وأعلن مسؤول عسكري في الجيش الحر الأحد إن المقاتلين ينتظرون هجوماً قوياً خلال أيام على حلب يرتكز على الطيران الحربي، بعد فشل القوات البرية من تحقيق أي تقدم على الأرض، وهو ما كان أكده رئيس عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، حيث أعلن عن تعزيزات وحشود عسكرية تتجه إلى المدينة.
وقصفت القوات النظامية حي صلاح الدين، الذي يعد أحد البوابات المؤدية إلى المدينة التي يبلغ تعداد سكانها 5.2 مليون نسمة.
وفي دمشق قال سكان إن طائرات قصفت العاصمة مع مواصلة قوات الجيش هجوما بدأ يوم الجمعة لاقتحام آخر معقل للجيش الحر هناك.
وقد خلت المدينتان المهمتان بالنسبة للمعركة في سوريا نسبيا من أعمال العنف خلال الثورة، ولكن القتال اندلع في دمشق بعد تفجير وقع في 18 يوليو/تموز وأسفر عن قتل أربعة من المقربين للأسد كما تفجر أيضا في حلب.
وقال ناشط إن قوات الجيش الحر تحاول حالياً توسيع المنطقة التي تسيطر عليها من حي صلاح الدين إلى المنطقة المحيطة بمبنى الإذاعة والتلفزيون.
وفي سياق متصل، قالت لجان تنسيق الثورة السورية إن عدد القتلى ارتفع أمس إلى 145.
في حين قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن جيش النظام نفذ إعدامات ميدانية في حي التضامن بحق اثني عشر شخصا بعد اقتحام الحي.
وشهدت أحياء جوبر وركن الدين والصالحية قصفاً عنيفا من على جبل قاسيون.
كما اقتحمت قوات النظام مدينة حرستا وسط اشتباكات عنيفة مع الجيش الحر.
كذلك وقعت اشتباكات في حي الحاضر في حماة بعد وصول تعزيزات عسكرية لجيش النظام إلى حي القصور واقتحامه من جهة البساتين وشارع الثلاثين.
أما في حمص فتجدد القصف المدفعي على مدن الحولة والقصير وتلبيسة والرستن.
وفي درعا شنت قوات النظام حملات دهم واعتقالات في بلدة نمر، ونفذت قصفا عنيفا على مناطق الحراك وناحتة والكرك الشرقي بدرعا مع قطع جميع الاتصالات الهاتفية وخدمة الإنترنت.
ونقلت صحيفة "الوطن" السورية الخاصة القريبة من النظام عن "مصادر مطلعة داخل مدينة حلب" ان "معركة الجيش لم تبدأ بعد"، موضحة ان "مهمته حاليا تنحسر في توجيه ضربات موجعة للارهابيين واوكارهم ومحاصرة المدينة من جميع جهاتها منعا لهروب اي من الارهابيين".
واوضحت هذه المصادر ان ضربات الجيش النظامي في حلب "خلفت حتى الآن مئات القتلى والجرحى في صفوف الارهابيين"، مقدرا عدد المقاتلين المعارضين في المدنية ب"ما بين ستة وثمانية آلاف".
واشارت الصحيفة نقلا عن المصادر نفسها ان "الاهالي خصوصا المنحدرين من اصول عشائرية في بعض الاحياء الشعبية شرق المدينة، دخلوا على خط المقاومة الشعبية في وجه المسلحين، معتبرة ان ذلك "قد يحسن ويغير في مجريات المعركة التي يستعد الجيش لخوضها".
وتابعت "صار واضحا ان الجيش السوري انجز القراءة الميدانية لطبيعة المعركة وظروفها التي تستدعي المزيد من التعزيزات لاحكام الطوق على مداخل المدينة وضرب الحصار على الاحياء السكنية التي يتمركز فيها المسلحون".