الأردن في عين العاصفة الإسرائيلية
اسعد العزوني
05-08-2012 03:10 PM
في كل يوم، بل في كل ساعة، يثبت الاسرائيليون سوء نواياهم تجاه الأردن ، ويوصلون رسالة عاجلة أن لا أمان لاسرائيل، وأن التحالف معها مضر، وتأتي هذه الرسائل العاجلة العلنية من كافة المستويات الاسرائيلية الرسمية والنيابية والشعبية وحتى من أدوات اسرائيل في الخارج مثل معهد بحوث الدراسات الاعلامية الشرق أوسطية "ميمري": ومقره أمريكا، وأسسه عدد من مسؤولي المخابرات الاسرائيليين السابقين يتقدمهم بيغال كارمول.
وللتذكير فقط، فقد هتف مسؤولون وحاخامون ونوابا في الكنيست كانوا مدعوين على افطار رمضاني تكرم به عليهم الراحل الحسين بن طلال، هتفوا ابان عبور طائرتهم فوق نهر الأردن باتجاه عمان أن "للأردن ضفتان ...الأولى لنا، والثانية لنا" ولا أريد التعليق لأن المكتوب يقرأ من عنوانه.
منذ أن وقعت معاهدة وادي عربة سيئة الصيت بين الأردن واسرائيل أواخر عام 1994، والأردن يجد نفسه هدفا لاسرائيل، وأنه بات فعلا في عين العاصفة الاسرائيلية،دون الأخذ بعين الاعتبار ما قدمه الأردن الرسمي ،وما بذله من جهود من أجل اسرائيل واحلال السلام في المنطقة ،ولكن الاسرائيليين أثبتوا للمرة المليون أنه لا أمان لهم، وأن المتحالف معهم خاسر.
قالوا الكثير بحق جلالة الملك عبد الله الثاني واتهموه بأنه معرقل للتطبيع مع اسرائيل، ووقفوا في وجه جهوده في أمريكا لأنه حاربهم بنفس أسلوبهم ،ونسج علاقات قوية مع الأمريكيين وحتى مع يهود أمريكا الذين باتوا يراجعون أنفسهم في موقفهم من اسرائيل.ومن جملة ما قالوه أن جلالته هو آخر الملوك الهاشميين في الأردن .
أما على أرض الواقع ،فقد تفنن الاسرائيليون في الحاق الأذى بالأردن ،وتمثل ذلك في اشعال الحرائق على الجانب الشرقي لنهر الأردن ،ما أدى الى احراق الأشجار في الأراضي الأردنية.ناهيك عن استخدام الفئران البيضاء والخنازير في تخريب المزروعات الأردنية ،وما يفوق الوصف هو أنهم قضوا على نهر الأردن لحرمان الأردنيين من مياهه.
حجر الرحى الكذاب الذي يستخدمه الاسرائيليون بين الفينة والأخرى هو ان الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين ،وأن الأردن على موعد مع الحرب الأهلية بين "الشرق" أردنيين والفلسطينيين المقيمين في الأردن،كل ذلك لضرب الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد، وادامة التوتر في هذا البلد ،وحجب الاستثمار الخارجي عنه، والايهام بأنه دولة فاشلة.
شارون وقبله شامير وبيغن ومن بعدهم نتنياهو ومعهم المعتوه أرييه الداد عضو الكنيست من أشد أعداء الأردن، ولا يهدأ لأحدهم بال، الا بعد النيل من الأردن واختلاق تهديد جديد ضده حتى لوكان منسوجا في الهواء، اللهم أن يكون قد ألحق الضرر بالأردن في الخارج والداخل.
قبل أيام طلع علينا أحد الكتاب يقول أن الأردن يقف على برميل بارود.ومن بعده أجمعت الصحافة العبرية على أن الأردن يعاني من بركان داخلي وخارجي ،ولست مغاليا أو متجنيا على أحد ان قلت أن الصحفيين الاسرائيليين الذين يكتبون عن الأردن انما يسطرون سطورهم فيه ويلقون الاحترام والتبجيل من قبل المسؤولين ،وآه من هذا الاحترام والتبجيل عندما تتواجد صحفية اسرائيلية تابعة للموساد.
كل ذلك لا نجد ردة فعل قوية وشفافة من " كتيبة" التدخل السريع في الاعلام الأردني، للجم هؤلاء ووضع حد لهم ،والايحاء لهم بأن الأردن رغم صغر حجم مساحته، ليس لقمة صائغة لاسرائيل،بل نجد هؤلاء منشغلون في الكتابة عن وهم وأكذوبة "الوطن البديل" والتخويف من "خطط" الفلسطينيين الجهنمية للاستيلاء على الأردن ،وبالتالي تحريض "الشرق أردنيين " عليهم، ما يزيد حجم التوتر والقلق والخوف ،وبذلك تنطبق علينا الآية التي تقول "يخربون بيوتهم بأيديهم"بعد أن كانت هذه الميزة من ميزات يهود .
كما أن الجهات الرسمية الأردنية، هي الأخرى لا تحرك ساكنا حيال هذا الموقف ،ولا تخاطب الجهات الاسرائيلية بما يليق على أرض الواقع، وتشعرهم بأن أدنى حركة يقوم بها الأردن ،بامكانها الحاق الضرر باسرائيل وتكلفها الكثير، لأن القوة ليست بامتلاك السلاح النووي فقط ،بل بتدبر ما يتوفر من أوراق لعب وما أكثرها لدى الأردن.
ورغم ذلك فان الجهات الأردنية المعنية استنفرت عليّ شخصيا بعد أن قدم مركز الضغط اليهودي في واشنطن " ميمري" شكوى ضدي بحجة أنني اهاجم اسرائيل ونشرت مقالا في صحيفة " العرب اليوم"بتاريخ 29-11-2011 ،بعنوان :اسرائيل والسلام لا يتفقان ،حيث فتح باب جهنم في وجهي وتعرضت للمضايقات والتهميش والاقصاء حتى في جريدتي التي أعتز بالانتماء اليها ،كل ذلك بحجة أنني شارفت على الستين.
آن الأوان أن نتعلم من أعداتئنا ونلعب بنفس طريقتهم ،فنحن الأقوى قياسا بما نمتلكه من اوراق اللعب ،والحجة والمنطق ولكن هل حقا نريد ذلك؟