عمون – محمد الخوالدة - أذهبت المعاصرة وتجلياتها المختلفة الكثير من مفردات الحياة الشعبية في محافظة الكرك.

وكان للتلفاز والانترنت ووسائل التسلية والترفيه الاخرى الاثر الاكبر في القضاء على تلك المفردات لتحل مكانها انماط جديدة؛ كثير منها بعيد عن موروثنا من القيم والعادات والتقاليد.

ولعل ذلك يظهر اكثر وضوحا في شهر رمضان المبارك، ففي هذا الشهر الفضيل كان الناس في الكرك يسلون انفسهم في الوقت الفائض لديهم في ساعات ما قبل الافطار وما بعد صلاة التراويح بممارسة بعض الالعاب الشعبية اذ هناك العاب خاصة بكبار السن واخرى متعلقة بالشباب وغيرها خاص بالاطفال...

الكبار كانوا يمارسون لعبة الطاب والسيجة وال ادريس، وذلك في ساعات ما قبل الافطار، حيث يتخذ هؤلاء مكاناً مناسباً يقيهم وهج الشمس صيفا وبرودة الجو شتاء ليمارسوا هذه الالعاب، ولهؤلاء الاشخاص طقوسهم التي هي اقرب إلى التحدي في ممارسة الالعاب المشار اليها وابرز ذلك تهكم بعضهم على بعض ومعايرة من لا يظفر بالفوز في رحلة التحدي هذه بـ(المغلبة) وخلاف ذلك من عبارات التهكم.

اما الشباب خلال نفس الفترة من النهار فكان ابرز ألعابهم ما كانت تعرف بـ(الدحرج), في حين كانت الفتيات يمارسن لعبة اسمها (الزقطه)، اما الاطفال فكانت لعبتهم (السبع حجار) و(الحاب) او يتبارون في (كريزاتهم)، اما الزوجات فكن في اغلب الاحيان منهمكات باعمال المنزل او يعددن خبز الصاج والطابون او تجهيز ما ييسره الله من طعام الافطار.

كان هذا كما قلنا في ساعات ما قبل الافطار، اما بعد صلاة التراويح فكان الناس يتبادلون ليالي السهر، مرة في منزل فلان وأخرى في منزل آخر وهكذا، حيث كان يجتمع الرجال والنساء والشباب وحتى الاطفال في لمة ألفة وطهر ومحبة ليتولى احد الاشخاص سرد ما يحفظ من قصص وروايات ابو زيد الهلالي وعنترة بن شداد وذياب ابن غانم والزير سالم وغيرهم من مشاهير العرب في الاسلام والجاهلية, اضافة إلى قصص الخيال والرعب التي تتحدث عن الغول وعن زوجته الغولة التي كان بعض القاصين يقول إن تلك الغولة تتخذ اشكالا مختلفة وهي تتهيأ لقنص الإنسان.. وغيرها.

أما الالعاب التي كانت تمارس ليلا فلعبة (الفنيجيله), اما في مضافة الشيخ فثمة شاعر بانامل خفيفة الحركة تتحرك ارتفاعا وانخفاضا لتلامس وتر ربابته فتخرج ألحاناً شجية من الشروقي والهجيني.

اليوم ثمة أبواب مغلقة على ساكنيها الذين أن كانت تجمعهم بناية واحدة، فاكثرهم لا يعرف بعضهم بعضاً حتى لو تجاوروا لسنوات، ابواب مغلقة وخلفها لمة للاسرة تتابع هذا المسلسل او البرنامج الرمضاني، والاولاد الذين لا تروق لهم قصص التلفاز ورواياته منهمكون بدورهم خلف حواسيبهم التي منهم من يوظفها في خدمة العلم والمعرفة ومنهم من يوظفها لخلاف ذلك، اما سواهم فقد يتابع هذا البرنامج الرياضي أو ذاك أو مباراة كرة القدم هذه أو تلك.